العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ

التبشير الحزبي والهوية الحزبية (3)

محمود السيد الدغيم comments [at] alwasatnews.com

-

سأل الكثيرون عن مسألة التبشير الحزبي من المساجد والمآتم، واعتبروا أن ما كتب من مقالين في هذا المجال هما ردة فعل عكسية على مجلس النواب، وراءها عدم الرغبة في حصول إنجاز يذكر لهذا المجلس، واعتباره «شرا مطلقا» لا يمكن أن ينتج إلا شرا، وهذا أمر غير صحيح في جوهره.

الموقف من البرلمان ليس موقفا مسبقا مع العلم بعقم آلياته، وإنما موقف المراقب الراغب بكل حماس وحيادية أن يرى حجم المناورة السياسية للنواب في ظل ضعف الأدوات الدستورية. الموقف أيضا مبني على علم مسبق بعدم وجود تضامن فعلي بين النواب في القضايا الحساسة، لاختلاف التوجهات السياسية والايديولوجية للأطياف النيابية التي دخلت التجربة لأهداف مختلفة، وافتقاد القرار النيابي إلى الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، لتبعات القرار الدستورية والسياسية، وها نحن نشهد معركة تقرير التأمينات، وسنختبر هذه الإرادة بكل جلاء.

رفض بند عدم التبشير الحزبي في المساجد، ليس المراد منه عدم إيجاد إطار تنظيمي ذي امتداد مؤسسي لعمل الأحزاب، يضمن استقلالية العمل الحزبي عن كل إطار بما فيها المؤسسة الدينية، فهذا بند قانوني يمكن الاستعاضة عنه بتشكيل عرف سياسي متى ما توافرت ظروف العمل الحزبي المتكافئ، ولكن لأن الوضع الحالي للمؤسسات السياسية، ينبئ عن عدم وجود بنى تحتية لهذه المؤسسات، مع استمرار هذه الحال لسنوات متطاولة، فكيف يفهم حينها وضع هذا البند بصورته الفاقعة، مع تجاوز لكل الأطراف لهذا البند، واستثمارهم المساجد والمآتم لأغراضهم السياسية؟ أو ليس التيار الديني أولى بالمساجد لأنه يراه جزءا من فهمه لدور المسجد في الحياة الاجتماعية والسياسية، من التيارات التي لا ترى في المسجد إلا ما تراه من تحقيق أجندتها، وما دون ذلك، فالصراع الأيديولوجي والسياسي سيد الموقف؟

العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً