العدد 4796 - السبت 24 أكتوبر 2015م الموافق 10 محرم 1437هـ

سورية... توازنات أميركا وروسيا وداعش والأسد

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لقد بات من المؤكد أن دخول روسيا على خط المواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية في سورية لن يقتصر على مجرد المراهنة على بقاء بشار الأسد في الحكم أو رحيله من السلطة، وإنما سيمتد لأبعد من ذلك بكثير ولينبئ بمرحلة جديدة من إعادة التوازنات في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.

الضربات الروسية لمواقع تنظيم «داعش» لم تكمل شهرا واحدا ففي 30 سبتمبر/ أيلول الماضي بدأت المقاتلات الروسية بتوجيه ضرباتها لمواقع التنظيم بناء على طلب الرئيس السوري بشار الأسد وخلال هذه الفترة القصيرة استطاعت الضربات الموجعة أن تؤثر بشكل كبير على الأرض واستطاع الجيش السوري أن يسترد العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم، في حين لاتزال الضربات الجوية التي توجهها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لتنظيم داعش في العراق دون تأثير كبير رغم أن أكثر من 7 أشهر حين بدأت الطائرات الأميركية في 25 مارس/ آذار الماضي بتوجيه ضرباتها إلى مواقع «داعش» في تكريت.

كان الأميركان يتحدثون عن فترة زمنية تمتد لسنوات وأجيال (أقلها ثلاث سنوات) حتى القضاء الكامل على قوات «داعش» وحلفاؤها من جبهة النصرة وتنظيم خراسان والقاعدة غيرها، في حين أثبتت الضربات الروسية أن الأمر قد لا يتعدى أشهرا قليلة حتى يتم تطهير الأراضي السورية من عناصر هذه التنظيمات الظلامية التي تريد إرجاع عقارب الساعة للوراء، على الرغم من أن تنظيم «داعش» قد استطاع السيطرة على ما يقارب نصف مساحة سوريا خلال الأربع سنوات الماضية من عمر الأزمة السورية.

بالنسبة للإدارة الأميركية فهي تحاول الاستفادة من الأزمات العالمية وإطالة أمدها لأكبر فترة ممكنة، ولم تستطع التسليم بما يحققه الروس من نجاحات على الأرض ولذلك فهي تمارس الآن ضغوطها الكبيرة على الحكومة العراقية لمنعها من الاستعانة بالجيش الروسي والسماح للطيران الروسي بتوجيه ضرباته لمواقع «داعش» داخل الأراضي العراقية، في حين يرى الروس أن الأولوية في الفترة الحالية هي القضاء على المنظمات الإرهابية لكي لا يمتد خطرها على الداخل الروسي وخصوصا أن هناك العديد من المقاتلين في صفوف هذه التنظيمات هم من روسيا نفسها أو من الجمهوريات الملاصقة لها.

وعلى خلاف نفاق الإدارة الأميركية التي تريد أن تحقق أكثر من هدف في آن واحد، أي إزاحة بشار الأسد من الحكم والقضاء على الإرهاب وإشاعة الديمقراطية في المنطقة، فإن لدى الروس هدف واحد ومحدد لهذه المرحلة على الأقل وما بعد ذلك يمكن أن يحل عن طريق الحوار والمفاوضات والطرق السلمية.

بغض النظر عن الموقف من الرئيس بشار الأسد... بقاؤه أو رحيله، فإن المنطق لا يقبل أبدا باستبدال ما هو سيئ بما هو أسوأ بمراحل عدة، وهذا ما قرره الشعب السوري بنفسه حيث اضطر أغلب السوريين الذين استولت القوى الظلامية على مناطقهم إلى الهجرة خارج البلاد، وتحملوا في سبيل ذلك الموت غرقا، وقبلوا بتحمل المشاق والنوم في العراء والجوع والبرد والتشرد، بدلا من البقاء تحت حكم القوى الظلامية التي يقوم عناصرها بقتل الأبرياء ورجمهم أو حرقهم أو إغراقهم وتقطيع أياديهم وأرجلهم وسبي النساء وبيعهم في سوق النخاسة واستعباد الأطفال، إن هذه القوى وحتى في حالة سقوط الأسد أو رحيله لا يمكن أن تتخلى عما اغتصبته من محافظات ومدن وقرى والتي وصلت مساحتها لنصف مساحة سورية وتسلمها للقوى المعارضة المعتدلة لتحول سورية لدولة ديمقراطية، ولذلك يجب أولا القضاء على هذه التنظيمات قبل الحديث عن أي عملية سياسية.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4796 - السبت 24 أكتوبر 2015م الموافق 10 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:23 ص

      بلا تحيز ولا تمييز عنصري ولكن العمل عند الأخوان في...

      قل لا يمكن أن تزن دوله عرف عنها بصداقتهل للشعوب ودوله من المعروف عنها أنها معاديه للشعوب. فأمريكا لم ولن تكون صديقة للشعوب لأن شعبها مواطنون منقسمون ولا يمكن أن يقال أن لديها مواطن هندي أحمر لأن سبق أن قدمة شرذمة من بلاد البربر (إوربا) وقتلت الهنود الحمر واحتلت الأراضي كما سلبت وسقرت الأبقار وغيرها. فهل يمكن أن يقال هناك مقارانة بين الروس والأوربيين أو مع الأمريكان بدون تحييز؟؟؟

    • زائر 5 | 8:14 ص

      عبرت الشط على موضه باريس العالميه

      ليس بسحر ولا بحريه ولكن اليوم يمكن القول أن دول الناتو والبنتاغون من المنظمات الإرهابيه. إذ أنها كما باعت الأسلحة ساهمت بالدعم والخطط و... فلا يقال عنها ألا أنها إرهابه كما الدوله العبريه. اليس كذلك؟؟؟؟

    • زائر 2 | 12:25 ص

      الزبدة

      نعم هذا ما يجهله الكثيرون، يعتقدون ان كل من يؤيد محور المقاومة يؤيد بشار الأسد، نعم بشار بمحور المقاومة لكن ايضا له أخطاءه وعليه ما عليه. لكن ايضا بالمقابل المعادلة والخيار ليس بين جيد وسئ بل بين سيئ وأسوأ.
      الشعب السوري وحده من يقرر رحيل الأسد من بقائه وليس هذا الطرف او ذاك وأيضاً بسلمية وليس بالسلاح. قد يقول قائل انه لن يرحل بالسلمية، ربما هذا صحيح لكن الاصح والأرجح انه لن يرحل بالقوة. يجب ان لا يغفل الشعب عن حسبان الربح والخسارة والسؤال هنا، هل دمارسوريا هو ما يريده السوريون؟

    • زائر 1 | 10:54 م

      صباح الخير

      ضربات روسيا الجوية فضحت نفاق الامريكان والأتراك ودول الداعمة للداعش والنصرة واخواتها لدالك احتجاج هاده الدول ولا سيما الخليجية وادعائها ان التدخل الروسي سيحول الحرب الدائرة في سوريا الي حرب اهليه وسيعقد الحل السياسي بالأمس أطنان من المعدات الحربية بشتى أنواعها ترمى من الجو للمعارضة المسلحة وتنهب منها او تسليمها لجبهة النصرة والسبب في دلك الخوف على إسرائيل وامنها لهادا السبب يريدون اضعاف الجيش العربي السوري والنظام في دمشق ولكن هيهات هيهات النصر أتنا بادن الله

    • زائر 4 زائر 1 | 1:17 ص

      هذا عينة من عينات جمهور الممانعة المغسول دماغه بالبروباجندا الإيرانية!

      و الله أتذكر كيف ارتفع عندكم التستسترون يوم حزب الله دخل القصير، و قلتوا كل شيء الحين سهالات! الحين روسيا تتدخل و أنتم مصدقين أن روسيا ستنزل نفسها و تدخل محور ممانعتكم المتخلف. روسيا دخلت بضوء أخضر أمريكي... تحل المشكل السوري، و تحصل على الجائزة في أوكرانيا.

اقرأ ايضاً