العدد 4814 - الأربعاء 11 نوفمبر 2015م الموافق 28 محرم 1437هـ

عُقوبةُ الثَّور إذا نَطَح

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

إذا سرقَ رجلٌ ثوراً أو شاةً فذبحَهُ أو باعَهُ، عليهِ أن يعوضَ خمسةً مثلهُ من القطيع، أما إذا نطحَ ثورٌ رجلاً أو امرأةً فمات أو ماتت، فيُرجمُ الثورُ حتى الموت، ولا يُؤكلُ من لحمِهِ، وصاحبُ الثورِ براء!

تلك كانت شريعةُ حمورابي التي حكمَ بها حضارةَ الامبراطوريةِ البابليةِ قبلَ الميلادِ بألفٍ وسبعمئة وخمسين عاماً، ويا ويلَ رجلٍ سرقَ غنمةً أو ثوراً، ويا ويلَ ثورٍ نطَحَ رجلاً أو امرأةً، فالسارقُ غارمٌ، والناطحُ معدومٌ، ومن تسولُ له نفسُهُ منَ الثيرانِ أن يستخدمَ قرنَيه لمناطحة الناس من دون وجه حق، فعلى رقبتهِ أن تستعدَ لسكينِ القصاص، ولن ينفعَه بأنه ثور لا يفهم، ولا يعلم من الأمر شيئا!!

منذُ عُصورٍ غابرةٍ، فطنَ الإنسانُ إلى أن الفسادَ آفةُ البشر والحجر، وأنَّ الفسادَ يحرقُ النسلَ والحرثَ الكبير، ويأتي على الثروةِ والخيرِ الكثير، ولا يرحمُ على الأرضِ كبيراً ولا صغيراً، لأنه شرٌّ مستطيرٌ، فالفسادُ هو ذاته ترفُ الأغنياء على حساب الفقراء، وهو ما اختصره سيد البلغاء علي عليه السلام بقوله «ما جاع فقير إلا بما متع به غني».

العلمُ بالمرضِ وحده لا يعالجُ مرضاً، بل هو مقدمة لبدء العلاج، وهو ما يفعله لنا ديوان الرقابة المالية والإدارية كل عام، فهو يخبرنا بالمرض ونوعه ومدى خطورته، ويخبرنا بالثيران التي تشهر قرونها وتنطح متى وأين وكيف تشاء، ويخبرنا بالأغنام المسروقة التي يلتهم لحمها الفساد بشراهة حتى التخمة!

الثروة حتى لو كانت بحرا هادرا، فالفساد يشربها عن آخرها، لوأعطي الفرصة لذلك، لأن الفساد أكثر إحراقا من النار للثروات، والخيرات، وتركه يسرح ويمرح هو أكبر ظلم للمجتمعات، لأنها ستجوع، بينما يزداد الفاسدون شبعا، والوقت في ذلك ليس في صالح الناس، وعلينا أن نبرهن إلى الناس أن وراء الفساد فاسدون، وعلينا أن ندرك أننا جميعا مأكولون إذا تركنا الفساد يأكل مقدراتنا من دون حسيب ولا رقيب، لذلك فإننا نحتاج إلى نسخة أخرى من ديوان الرقابة المالية والإدارية تصدرها الجهات المعنية بملاحقة الفاسدين، الذين كلما أكلوا جاعوا، وكلما شربوا عطشوا.

كما أننا نحتاج أن نتقشف، ونتنشف أيضا، نحتاج كذلك إلى مقارعة الفساد، وكبح جماحه، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تنذر بأيام عصيبة نأمل ألا يكون فيها للجريش مكان، وأن نتغلب على أمواجها العاتية بالحكمة والحنكة، والسلاح الأكثر فاعلية للقيام بهذه المهمة الصعبة هو أن يوضع للفساد حدٌ، لا تجرؤ قدم على اجتيازه، وإلا فإننا مع كل الإجراءات التي نقوم بها ننفخ في قربة مثقوبة!!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 4814 - الأربعاء 11 نوفمبر 2015م الموافق 28 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 1:49 ص

      ...

      حكمة دولية :
      ‏عند وجود فائض بالميزانية فإنه يذهب لجيوب الأغنياء
      وعند وجود عجز فيتم سداده من جيوب الفقراء .

    • زائر 11 | 1:25 ص

      هذا انت ابو فراس

      مقال يحتاج الى قارى ذي قرار

    • زائر 10 | 1:25 ص

      الفساد

      الفساد ف البلد بدون مفسدين واذا كان هناك قوانين وأجراءات أحترازية فأنها تكون مطبقة على الفئة المغضوب عليها ف المجتمع فقط.

    • زائر 8 | 12:15 ص

      بكل بساطه لا يستطيعون

      لأن الفساد في البحرين هو فساد هرمي ، اقل نصيب يحصل عليه هو من يكون في اسفل الهرم ويكون واجهه وكبشف فداء للهوامير في اعلى الهرم في حال تم كشفهم.

    • زائر 7 | 11:48 م

      بسبب هذا الكمّ الهائل من الفساد لا يريدون برلمانا فاعلا

      لكي يعرف ويعلم من لا يعلم سبب حربهم لوجود برلمان فاعل لديه كل الصلاحيات الذي لو وجد لاصبح الكثير من المسؤولين على منصّة الاستجواب ومنها الى المحاسبة والمحاكمة

    • زائر 13 زائر 7 | 2:39 ص

      صدقت البرلمان الفاعل هو من يستطيع وقف السرقات والفساد وتقييم

      أداء السلطة التنفيذية ومحاسبتها ومن يقوم بهذه المهمة بالضبط هو الحزب الفائز بالأغلبية هو من يملك قوة سلطة الشعب وباقي الأحزاب يعارضوه ويحاسبوه فهل جمعياتنا الدينية تستطيع اذا فازت أن تملك قوة سلطة الشعب أو الباقي يقف ضدها ويحارب تركيبها جمعا يذل على هذا فقط

    • زائر 6 | 11:39 م

      اموالنا اصبحت في مهبّ الريح وافواهنا مغلقة بحكم القانون

      نعم هو حال البلد
      الفساد يسرق اموالنا ويسلب حقوقنا
      والقوانين مسلطة على افواهنا فما إن نفتح فما يقول هذا خطأ فإنه لا بدّ ان يبحث لنفسه عن أي سجن يطمح فيه

    • زائر 5 | 11:36 م

      تريد معرفة اين تفعّل القوانين وعلى من؟

      اذهب للمعتقلات والسجون وسترى من هم الذين تطالهم القوانين ولمن شرّعت هذه القوانين بالاساس

    • زائر 4 | 11:34 م

      القوانين تطال كل من ينتقد الفساد والمفسدينالقوانين و قاصرة عن ان تطال الفاسدين

      القوانين تطال المنتقدين للفساد
      القوانين فاعلة وقويّة جدا على كل من يفتح فمه منتقدا
      القوانين سيوف مسلطة على شرفاء الوطن الذين يقفون في وجه الفساد
      القوانين سجون مفتوحة لسنوات مفتوحة لكل من يطالب بحق من حقوقه

    • زائر 2 | 11:16 م

      التقّشف في قوت الشعب فقط وفقط وفقط

      لا تقشف في الفساد ولا في المصاريف التي حمّلتها دولتنا ولا طاقة لها بها .
      التقشف فقط هو على قوت الشعب الذي يجب ان يجوع لكي يصبح كلبا مطيعا

    • زائر 1 | 10:54 م

      وقديما قالوا التفاحة الفاسدة تفسد التفاح كله

      فالواجب ابعاد التفاحة الفاسدة عن كراتين التفاح والفواكه واللحوم والشحوم وجميع ما يحيط بها من اشياء قابلة للفساد والمفسدة ، فما بالك بالثور الهائج القوي ومطلق الحرية فلا يبقي ولا يذر كما يقولون ًلاحظة لعبة الثيران كيف احدهم خرب وقتل احدهم من المشاهدين ،كذلك هذا ينطبق على بني البشر وهو اكثر تخريبا ودمارا من الحيوان الهائج .

اقرأ ايضاً