العدد 4815 - الخميس 12 نوفمبر 2015م الموافق 29 محرم 1437هـ

طرق عديدة لمنع تبديد الوقت

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عندما كان الإنسان يعيش في العصر الزراعي لآلاف السنين فإنه كان ينظم وقته حسب ظهور الشمس والقمر، ولكن العصر الصناعي (قبل نحو 250 سنة) فرض على الإنسان أن يطور وسائل أخرى لقياس وضبط الوقت، وانتهى الأمر بتطوير الساعة اليدوية في مطلع القرن التاسع عشر.

وهذه الساعة اليدوية انتشرت بعد الحرب العالمية الأولى، وكان لها أثر كبير في تمكين الإنسان من تنظيم وقته. وفي العصر الرقمي الذي نعيش فيه حالياً، دخلت الهواتف الذكية في إدارة حياة الإنسان اليومية وهذه الهواتف تتوفر فيها تسهيلات كثيرة لمساعدة المستخدم في تنظيم الوقت.

ويمكن التفكير في «الوقت» على أنه سلعة، ولكنه سلعة من نوع مختلف، لأنه «لا يتكرر»، ويستوجب عليك أن تستهلكه وإلا ضاع من بين يديك. كما يمكن الرجوع إلى علم الفيزياء الذي ينظر إلى أنموذج «الزمكان»، وهو أنموذج يجمع بين المكان والزمان في سلسلة متصلة متشابكة واحدة.

فالجسم في الفضاء (يمثل المكان) وهو يتكون من ثلاثة أبعاد، أما الزمان (في انموذج الزمكان) فهو ينظر إلى البعد الرابع (الذي يضاف إلى الأبعاد المكانية الثلاثة)، وهذا البعد الرابع هو «الوقت».

على أن الوقت - في أحيان كثيرة - يضيع من بين أيدينا، وقد يكون ذلك لأسباب موضوعية، وقد يكون بسبب طريقة تعاملنا مع الوقت. فالمرء يواجه في حياته ثلاثة أنواع من الأنشطة التي تستهلك الوقت، وهي كما يلي:

- نشاط طارئ (يجب القيام به الآن): إذا كان المرء يركز فقط على النشاطات الطارئة فإنه سيقضي معظم حياته في حالة طوارئ.

- نشاط هام (يجب تحقيقه في المستقبل): إذا كان المرء يركز فقط على الأمور المهمة المستقبلية فقد يبتعد عن الواقع ويعيش في الخيال.

- نشاط ممتع (استهلاك الوقت في المرح والتسلية): إذا كان المرء يركز فقط على التسلية فإنه لا يقوم بالأعمال الطارئة وليس له مستقبل.

وفي هذا الإطار، يتردد ذكر «مبدأ باريتو» Pareto Principle، وهو مبدأ سمي باسم العالم الاقتصادي الإيطالي فلفريدو باريتو (توفي في 1923)، وملخصه أن الإنسان يقضي 20 في المئة من الوقت في إنجاز 80 في المئة من العمل، بينما يقضي 80 في المئة من الوقت في إنجاز 20 في المئة من العمل.

وهناك أسباب عديدة لتبديد الوقت، أو عدم القدرة على تنظيمه بصورة فعالة، منها ما يلي:

- عدم القدرة على تحديد المهمات.

- عدم القدرة على تحديد نوع المهمات والنشاطات (فيما إذا كانت طارئة أو هامة أو ترفيهية).

- عدم قدرة المرء على توكيل الأعمال delegation لغيره للقيام بها. ولربما إن عدم توكيل العمل نابع من عدم الثقة بالنفس. والتوكيل لا يعني التخلي عن المسئولية، وإنما هو فن خاص يمكن التدرب عليه بحيث يكون الشخص مسئولاً عن نتيجة العمل، فيما يوكل القيام به إلى شخص آخر.

- المراوغة والتسويف والمماطلة، وهذه تعتبر من أسباب عدم القدرة على تنظيم الوقت. وهناك الكثير من الأشخاص الذين يحبون الحديث عن العمل بدلاً من تنفيذ العمل، وهذا النوع من المراوغة مرض يمنع من تحقيق الأعمال ويضيع الوقت باستمرار.

- عدم الفاعلية وعدم الحزم، إذ إن هناك أشخاصاً لا يستطيعون تنفيذ ما يقولون، وتراهم مشوشين في نشاطاتهم ولا يمتلكون الحزم assertiveness المطلوب للتأكد من تنفيذ الأعمال.

- الفوضى في حياة الفرد قد تمنعه من تنسيق نشاطاته والتعرف على إمكاناته وما يمكنه القيام به في وقت محدد، وتمنعه من برمجة النشاطات المتوازية التي تتطلب تركيزاً مستمراً.

وفي 2013 نشر الباحث الكندي إتيان غاربوغلي ?tienne Garbugli عرضاً إلكترونياً على http://www.slideshare.net استعرض خلاله طريقته المفضلة لتنظيم الوقت، ودخل على العرض الذي قدمه أكثر من 1.8 مليون متصفح، ومن بين الدروس التي ذكرها، ولخصت جانباً منها مجلة «بيزنيس انسايدر»، ما يلي:

1 - هناك دائماً الوقت، ولكن الوقت يتطلب تحديد الأولويات، وإذا نفد منك الوقت فلعل السبب إنك لم تقرر ما هو الطارئ وما هو المهم وما هو العمل المخصص للمرح.

2 - خطط فقط للقيام بعمل يومي يتراوح بين 4 إلى 5 ساعات من العمل الحقيقي.

3 - بعض الأيام عليك أن تكون خارج العمل لأنك لا تستطيع التركيز، وفي أيام أخرى تستطيع التركيز 12 ساعة، فاستغل ذلك التركيز ونفذ أكثر المهام المدونة على قائمة الأعمال. استفد من تلك الأيام التي يزداد فيها تركيزك واسترخ في الأيام الأخرى.

4 - قد لا تتمكن من القيام بعدة مهام بصورة متوازية، ولذا توقف عن ذلك، وقم بتنظيم عملك تسلسلياً لتنفيذ مهمة واحدة تلو الأخرى.

5 - ان العمل، حتى لو كان قليلاً، أفضل وسيلة لتنفيذ العمل. ابدأ مع المهام الصغيرة للحصول على نتائج تسهل لك الاستمرار في تنفيذ المهام الأكبر.

6 - إن تنفيذ خطة جيدة (الآن) أفضل من الانتظار لتنفيذ خطة مثالية الأسبوع المقبل.

7 - إن قضاء ساعات عمل طويلة في مكان العمل لا يعني المزيد من الإنتاجية. انتهِ من أداء المهمة الحالية قبل نهاية ساعات العمل العادية بدلاً من العمل في الليل.

8 - افصل المهام العاجلة عن المهام الاستراتيجية، وتخلَّ عن الأعمال غير المفيدة، لكي تصبح أكثر إنتاجية.

9 - نظم لقاءاتك المهمة في وقت مبكر من اليوم.

10 - جدول الاجتماعات عن طريق البريد الإلكتروني أو الهاتف، وذلك بهدف خلق كتل من العمل المتواصلة.

11 - تخلص من عادة المماطلة والتسويف والمراوغة. ويمكنك، مثلاً، تقسيم العمل على مدد 25 دقيقة، مع فواصل 5 دقائق بينها.

12 - قسّم المهمة الكبيرة إلى مهمات صغيرة يمكن التحكم فيها.

13 - لا توجد مهمتان متساويتان في الأهمية. قم بتحديد الأولويات دائماً.

14 - اعرف دائماً شيئاً واحداً على الأقل يجب عليك إكماله خلال النهار.

15 - اطوِ صفحة الأمس وفكر في اليوم وغد.

16 - حدد مواعيد نهائية لإنجاز كل مهمة، ولا تدع المهام تذهب إلى أجل غير مسمى.

17 - قم بتدوين الملاحظات دائماً، ولا تفترض أنك سوف تتذكر كل فكرة جيدة تأتي في رأسك أثناء عملك في شيء ما.

18 - اكتب أية أفكار لا علاقة لها بالمهمة، ولكنها قد تطفو على السطح عندما كنت تؤدي عملاً ما.

هذه الطرق، وغيرها، تهدف إلى تمكين المرء من تنظيم وتخطيط الوقت الذي يقضيه في القيام بأنشطة محددة، مع تحقيق التوازن بين المطالب المتضاربة في كونها طارئة أو مهمة أو أنها من أجل الترفيه. إن كسب الرزق وتحقيق النجاح يتطلب امتلاك مهارات مناسبة لإدارة الوقت، تحد من تراكم الأعمال، وزيادة الإجهاد المضر بصحة الإنسان الجسمية والعقلية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4815 - الخميس 12 نوفمبر 2015م الموافق 29 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:40 ص

      مشكور دكتورنا

      لك الف قبله هل المقالات التي تنفع وتوكل عيش احسن من مقالات السياسيه والمذهبية التي أبعدت الناس عن ربهم واطانهم وصاروا يصفقون ولا يعرفون من المعرس

    • زائر 3 زائر 2 | 10:59 ص

      حتى لوأردت الابتعاد عن السياسة ماتخليك

      فعلا مواضيع الدكتور مهمة جداً لكل الموظفين على كافة مستوياتهم ولكن فعلا للسياسة والمشاكل الناجمة عنها دور في الاستفادة من الوقت والإنتاج اما ان يكون إيجابيا اذا وجدت العدالة والاستقرار اوسلبيا اذا انعدمت العدالة والاستقرار

    • زائر 1 | 12:56 ص

      أحسنت على هذا العرض

      بارك الله فيك أبو علي. أنا أجد أن هذه المقالات أفضل بكثير من المقالات السياسية. حقيقة نحن بحاجة لدروس كهذه والتي تعم فائدتها على الجميع

اقرأ ايضاً