العدد 4816 - الجمعة 13 نوفمبر 2015م الموافق 30 محرم 1437هـ

الطيبون يرحلون سريعاً

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كان خبر وفاته صادماً جداً، فذهبت أسأل كل من أتوقع أن تكون لديه إجابة صحيحة تنفي هذا الخبر، ولكن الجميع أكده.

بقيت صامتة غير مستوعبة هذا الذوق الرفيع للموت وهو يأخذ الأخيار من البشر، وينتقي أصحاب القلوب البيضاء، ويبتسم لأنه انتصر على بعض جمال في ظل توحش هذي الحياة.

خالد البسام، كان بالنسبة لي الأستاذ الأول في الصحافة؛ إذ مازلت أتذكر اتصالي به وأنا على مشارف التخرج في المرحلة الثانوية لأسأله عما يجب علي دراسته كي أصبح صحافية، وقد كنت حينها أنشر بعض قصائدي وقصصي ومقالاتي في صفحة بريد القراء التي كان يشرف عليها آنذاك وكان اسمها ملتقى الأيام.

حين عرفتُ بنفسي من خلف سماعة الهاتف، كان ترحيبه حاراً برغم كوننا لم نلتقِ إلا من وراء رسائل بريدية، فأجابني قائلاً: «ذي يبي لها قعدة».

من هنا عرفت البسام وجهاً لوجه، أخاً أكبر، وأستاذاً استطاع أن يبهرني بهدوئه وتواضعه وثقافته.

عملت بنصيحته ولم أدرس الإعلام حينها؛ لأنه أخبرني أن الكتابة موهبة وأنا أمتلكها، وتغيّرت الصفحة التي أنشر بها بعد صدور ديواني الشعري الأول إلى الصفحة الثقافية، فانقطعت صلتي به، إلى أن شاء الله أن نكون زميلين في نفس الصحيفة فزرته وبعض الزملاء في مكتبه، وقد غمرني بلطفه، إذ أهداني كل كتبه المنشورة حتى ذلك العام، وقال لي إن مكتبته مفتوحة لي ويمكنني دائماً أن أستعير منها ما أشاء.

استمرت اتصالاتنا ورسائلنا حتى بعد أن تغيرت أماكن عملنا، لكنه كان يحاول دائماً أن يرفع من معنوياتي ويشجعني على الكتابة كما القراءة، وهو ما كان يفعله مع كثير من الصحافيين غيري.

خالد البسام الذي عاش هادئا كنسمة، وتوفي عابراً كغيمة أحيت كثيراً من العقول وهي تمر في مشوارها قبل أن ترحل.

لم تلوثه أيديولوجيا، ولم ينصع لحقد أو أمر؛ بأن ينحاز لهذه الطائفة ضد تلك، أو لهذا التوجه ضد ذاك، فتوفي وقلمه نظيف، لم تلوثه السياسة ولم يبع حرفه لسلطة.

أثرى المكتبة العربية بمؤلفات مختلفة في مجالات عدة، كما أثرى صحافتنا بمقالات متنوعة جعلت من عموده اليومي متنفساً لكل من يكره السياسة، ورافداً لكل من يريد الاستزادة بجميل الحرف والمعنى.

اليوم وقد فقدنا البسام، أشعر وكأنني فقدت زميلاً وأخاً وأستاذاً استطاع ببساطته وهدوئه وجمال روحه أن يترك من خلفه ذكريات جميلة، واسما سيبقى منيراً طويلا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4816 - الجمعة 13 نوفمبر 2015م الموافق 30 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:22 ص

      قلم وفكر

      حقا ان ليراع القلم تأثير كبير فيما يخط وكان حظنا ان نتلقى يوميا غث سمين من اقلام لا تعرف من الصحافة الا أ ب الكراهية واخواتها ومن الثقافة الا اسمها دون مدلولها ولكن البسام كان بحق الامل الذي يبعث التفاؤل وكان يغرد وحيدا خارج سرب المتخرصين ...
      وداعا استاذ خالد
      وشكرا استاذتنا سوسن

    • زائر 5 | 1:11 م

      اعتقد

      بأن كأني جاءت معبرة عن حالة وجدانية لصدمة الرحيل الموت مفردة يصعب استيعابها فما بالك بمن طاله ألمها

    • زائر 4 | 3:10 ص

      رحمه الله وغفر له و أدخله فسيح جناته

      رحمه الله وغفر له و أدخله فسيح جناته
      الأصوب في الفقرة الأخيرة ( أشعر أنني فقدت زميلاً ... )

    • زائر 3 | 1:53 ص

      في الفقرة الأخيرة

      من العمود وتحديدا ( أشعر " كأنني " فقدت زميلا ) يفترض أن تكون العبارة ( أشعر بأنني فقدت ) إلا إذا كان لدى الكاتبة تفسير خاص بها .

    • زائر 2 | 10:32 م

      استاذ بارع رحمه الله

      كتابته خفيفة الظل تريح النفس من التسعينات كنت اقرأ له

    • زائر 1 | 10:09 م

      الله يرحمه

      الله يرحمه
      انا اقرا له من كنت طفله
      قلم جميل وخالد

اقرأ ايضاً