العدد 4817 - السبت 14 نوفمبر 2015م الموافق 01 صفر 1437هـ

من الضاحية الجنوبية إلى قلب باريس

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد 28 ساعة من ضرب الإرهاب الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وجّه ضربةً أخرى إلى قلب العاصمة الفرنسية باريس.

في الضربة البربرية الأولى، أوقع الإرهاب التكفيري 43 قتيلاً من الأبرياء، وأكثر من 230 جريحاً، حالة بعضهم خطيرة. وفيما بدأ سكان الضاحية المنكوبة برفع الأنقاض ولملمة الجراح، كانت اليد الآثمة نفسها توجّه ضربتها التالية لتودي بحياة 140 إلى جانب 200 جريح، 80 منهم في حالة حرجة. والعامل المشترك بينهما هو أن الإجرام اختار المدنيين الأبرياء للإيقاع بهم غدراً، في ساحات آمنة.

الجريمة في باريس تصدّرت مانشيتات الصحف الأجنبية، فاختارت «ليبراسيون» عنوان «مذابح في باريس»، ومثلها «الاندبندنت»: «مذبحة في شوارع باريس»، بينما اختارت «وول ستريت جورنال»: «مجزرة في باريس: باريس تحت الحصار»؛ و«الديلي ميرور»: «مقتل 140 في مجزرة باريس»؛ أما «الديلي تليغراف» فاختارت عنوان: «الحصار الدامي في باريس».

بعض الصحف ربطت عناوينها بالإرهاب، مثل «الجارديان»: «عودة الإرهاب إلى قلب باريس»؛ و«آيريش تايمز»: «موجة من الهجمات الإرهابية في باريس تخلّف 150 قتيلاً والعديد من الجرحى». أما «نيويورك تايمز» فاختارت عنوان: «هجمات باريس الإرهابية تقتل أكثر من 150 وفرنسا تعلن حالة الطوارئ». واختارت زميلتها «لوس انجليس تايمز» عنواناً طويلاً آخر: «تفجيرات وعمليات إطلاق نار في باريس تقتل 120 بما فيهم رهائن في حفلة موسيقية». أما عنوان «لا فوا دي نورد» (صوت الشمال) فاختارت عنوان «الرعب في باريس»، فيما اختصرت «ليكويب» الحدث كله في كلمة واحدة كبيرة ومعبرة ودقيقة: «الرعب».

من المؤكد أن الرعب سيلازم الفرنسيين لفترةٍ طويلةٍ، خصوصاً أن الإرهاب اختار توجيه ضربته إلى مواقع آمنة متفرقة، في قلب العاصمة، كلها تشهد حشوداً وتجمعات كبيرة، بهدف إيقاع أكبر عددٍ من الضحايا والآلام. كما اختار التوقيت مساء ليلةِ إجازة، حيث يخرج عشرات الألوف للسهرات والترفيه وحضور الأفلام والمباريات، وبالتالي ضرب إيقاع الحياة الآمن، وزرع الرعب في طريق الفرنسيين، وتهديدهم في كل خطوةٍ يسيرونها خارج منازلهم. وقد سارعت الحكومة في الساعات الأولى لمطالبتهم بالبقاء داخل المنازل.

الجريمة الجديدة جاءت بعد يوم من تفجيرات الضاحية، وبعد أسبوعين من تفجير الطائرة الروسية التي كانت تقل سياحاً مدنيين أبرياء فوق سيناء، وهي حلقات متداخلة لا يمكن فصل إحداها عن الأخرى. وتأتي في أعقاب زيادة الضغط العسكري الذي يتعرّض له تنظيم «داعش» في المنطقة، خصوصاً في الأراضي السورية. ويقرأ الكثيرون هذه الأحداث المتوالية في هذا السياق، باعتباره انتقاماً مما يتعرّض له من هزائم وانكسارات في الأسابيع الأخيرة. ومع اشتداد الضغط العسكري على «داعش»، ربما ينحو التنظيم لاختيار ساحات أخرى قريبة لتنفيذ عمليات انتقامية مشابهة في الدول المحيطة بالأراضي التي يسيطر عليها، وفي مقدمتها تركيا، كنوعٍ من التنفيس في بيئةٍ ربما كان يجدها حاضنةً.

ردود الفعل على تفجيرات باريس كانت سريعة، ففرنسا من دول المركز وليست من دول الهامش والأطراف، التي يُذبح فيها عشرات المدنيين يومياً بنفس الطرق الوحشية، دون أن يستدعي ذلك احتجاجاً أو حتى صدور بيان إدانة. فالرئيس الأميركي سارع إلى اعتبار هذا الاعتداء «ليس ضد فرنسا وحدها بل ضد الإنسانية كلها». وحين وقعت تفجيرات «شارل إيبدو» الإجرامية مطلع العام، شهدت باريس مظاهرةً شارك فيها رؤساء دول وحكومات ووزراء من خمسين دولة، بينما الضحايا المدنيون في نيجيريا أو العراق أو أفغانستان أو سورية وغيرها، يمر أكثرها حتى دون أن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه.

عالمٌ مجنون انتهج سياسات دولية غير مسئولة، تدفع ثمنها الشعوب دائماً. عالمٌ مجنون زرع الريح ودعم هذه التنظيمات المتطرفة في الخفاء، وعاد علانيةً ليحصد العاصفة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4817 - السبت 14 نوفمبر 2015م الموافق 01 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 4:35 ص

      التوقعات بان تكون تركيا الساحة القادمة للتفجيرات

      ومع اشتداد الضغط العسكري على «داعش»، ربما ينحو التنظيم لاختيار ساحات أخرى قريبة لتنفيذ عمليات انتقامية مشابهة في الدول المحيطة بالأراضي التي يسيطر عليها، وفي مقدمتها تركيا، كنوعٍ من التنفيس في بيئةٍ حاضنة.

    • زائر 24 زائر 22 | 6:32 ص

      سلوم بوتيلة

      الا فجر لاهو داعش ولامخابرات ولابطيخ الذي عمل كل هذه التفجيرات هو سلوم بوتيلة واللي مومصدق يسأل بوداوود

    • زائر 21 | 2:54 ص

      الارهاب ...

      وقد اصبحت اللعبة مكشوفة الآن، من يدعمه ويموله ويساعد هؤلاء الاوباش المجرمين لقتل الابرياء في العراق وسوريا ومصر ولبنان وليبيا وتونس.

    • زائر 19 | 1:46 ص

      الى زائر 16

      صراحة انت عبقري
      عندك هالعقل التحللي وما تروح تشتغل في نيويروك تايمز
      هذا الاحتمال اللي جبته حتى كسينجر ما فكر فيه
      عليك بالعافية

    • زائر 18 | 1:36 ص

      في علم الجريمة، لكي تكتشف الجاني عليك أن تفتش عن المستفيد أولا

      سواء تبنت داعش العملية أم لم تتبناها، علينا أن نسأل نفسنا سؤال مهم، من هو أكبر مستفيد من هذه العملية الإرهابية؟
      بالنسبة لي أرى أن الرئيس السوري بشار الأسد هو أكبر مستفيد من هذه العملية ... فالعالم يوم بعد يوم صار أمام خيارين أحلاهما مر ... بقاء الأسد رغم ما تسبب فيه من دمار و خراب في الشرق الأوسط أو رحيله ليترك التنظيمات الإرهابية مثل داعش و النصرة و غيرها تأخذ مكانه في سوريا.

    • زائر 17 | 1:30 ص

      لو أن غنمة جدتي ماتت لتبنت داعش العملية!

      شغل مخابرات يا حبيبي هذا ... الآن بدأ المحوران الشرقي و الغربي في تبادل التفجيرات و هذا ما رأيناه في تفجير الطائرة الروسية و تفجيرات الضاحية و استطنبول و باريس ... كل طرف سيفجر الآخر و ستتبنى داعش العملية بعد خمس دقائق.

    • زائر 16 | 1:22 ص

      من يفكر

      فرنسا الدوله الغربيه الوحيده التى تصر عليى رحيل العلميل الايراني بشار وهذا يفسر لنا من وراء ضربة باريس الاخيره طبعا داعش في الواجهه ولكن اصابع المخابرات الايرانيه ليست بعيده عن الضربه دائما كنا نقول من صنع داعش ومن المستفيد من وجودها وعملياتها

    • زائر 15 | 1:18 ص

      داعش أحقر و أصغر من أن تقوم بتفجيرات باريس و الضاحية و الطائرة الروسية.

      أغلب الظن أن هذه التفجيرات تقف وراءها مختلف أنواع أجهزة المخابرات الدولية.
      كل ما نعرفه أن بيان من داعش نزل في تويتر يتبنى التفجير ... أغلب الظن أن أجهزة المخابرات الدولية و العربية و الإقليمية تتبادل التفجيرات فيما بينها لتغيير قواعد اللعبة و الحصول على تنازلات من الأطراف الأخرى! هي لعبة أشبه ما تكون بلعبة (فجرني و أفجرك) ... أنا أقوم بتفجير معين في مكان ما لأجبر الطرف الآخر على اتخاذ موقف معين من قضية ما .. بعدها بقليل ينزل بيان في تويتر من داعش يتبنى العملية!

    • زائر 13 | 1:13 ص

      من المؤكد أن الرعب سيلازم سكان الضاحية الجنوبية لفترةٍ طويلةٍ

      نتائج تدخل حزب الله في حروب خارجية .. هذا الحزب سيجر الخراب و الدمار على شيعة لبنان.
      أتذكر حال الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان و هو ينصح حزب الله أن لا يتورط في أمر لا يطيقه ... و لكن ما إن نطق بذلك ميشال سليمان حتى بدأ إعلام الممانعة بحملات التسقيط و التشهير بالرئيس اللبناني المعروف بإعتداله... هذه هي نتيجة الغرور!

    • زائر 12 | 1:06 ص

      ..

      __________________ أين نحن من أشقائنا العرب الشهداء لماذا لا نسمع لهم مواساة ....

    • زائر 11 | 1:05 ص

      يجب

      يجب على كل الشعوب الوقوف ضد حكامها خصوصا الاوربيه وتعديل سياساتها الخارجيه ضد الشعوب العربيه

    • زائر 10 | 12:47 ص

      الارهاب

      الارهاب يا استاذنا مرفوض جملة وتفصيلا من كل الاديان السماوية وغير السماوية والجميع ينكر هذا الاعتداء على ابرياء فرنسا ولكن اين انت من ارهاب حزب الله على اخواننا في سوريا لماذا لاتكتب عنه وكذلك عن ارهاب الروس وايران

    • زائر 14 زائر 10 | 1:16 ص

      ولكن اسرائيل ما ذكرتها لماذا ؟؟؟؟؟؟؟.

      لانها ..... غير ارهابية البته ولا قتلت فلسطين واحد من 70 سنه فقيرة مجني ومدعى عليها ، لا وتعالج الدواعش في مستشفياتها وتتحمل بهم ونتياهو يزورهم في المستشفى ويسلم عليهم باليد ويهديهم ورود برسم الخدمة ، فهي احس دولة في العالم ، وصديقة مخلصة تتحمل بالارهاب وتحميه وتوزعه وتصدره على العالم لذلك ما في افضل منها .

    • زائر 9 | 12:28 ص

      هذا ما ذاقو شي من اللي ذاقوه اهل سوريا

      سوريا خمس سنوات تواجه الارهاب والقتله والمجرمين ومئات الالاف من القتلى وملايين المشردين وفرنسا مجرد يوم واحد فقط جربت طعم الارهاب ,, الارهاب يرتد على الجميع كانو يدعمونهم ويقولون معارضه خلها تنفعكم ,, الحين بيقولون الربيع الفرنسي ,, تحتضنون الارهاب وتمولوهم ذوقو ما زرعت ايديكم

    • زائر 20 زائر 9 | 2:24 ص

      رد على زائر 14

      لان اسرائيل يهود اما حزب الله وايران فهم مسلمين

    • زائر 8 | 12:22 ص

      واخيرا خر عليهم السقف من فوقهم

      وذاقو وبال ماصنعو والقادم لهم اسوأ حتى يكتووا بضعف الويلات اللتي أذاقوها بلداننا

    • زائر 7 | 11:59 م

      فليذوقوا كأسا سقوه للأبرياء في العالم

      نعم نتألم للضحايا الأبرياء ولكن:
      ليذوقوا كأسا مرّة سقونا منها وذهب منا الآلاف بل عشرات الألاف.
      اذا كان قتل الابرياء والعزّل أمر مؤلم جدا فما بالهم يدعمون ويصدرّون لنا الارهاب من اجل مصالحهم ومن اجل البترول ومن ازدهار سوق اسلحتهم
      كم قتل في العراق من ابرياء جرّاء التفجيرات؟ من موّل ومن سهل ومن حرّض ومن سكت ومن غض الطرف من اجل البترول

    • زائر 6 | 11:54 م

      انهم يعيشون في بيئة محمية من أنظمة الغرب المنافق هؤولا التكفيريون

      ولماذا نخرب عن الحقيقة دول لاتملك ثقافة حقوق الانسان ولا الف باء الديمقراطية تتصدر المشهد وتدفع المليارات لتغيير الأنظمة بحجة حماية الشعوب ونشر الديمقراطية وايضا لها من المقرات من مساجد وأندية اسلامية حول العالم تنشر ذلك الفكر المتشدد بدعم سخي يفوق مئات المليارات من الدولارات ورجالها تضفى عليهم الصبغة الدبلوماسية الخلل معروف وعلاجه معروف والعالم الغربي سيغير البوصلة قريبا ضدهم وسترون ماذا سيحدث لدينا من بلاء وأقول حان وقت تقليم أظافرهم وهاهو الجيش العربي السوري يقوم بالواجب مع حلفاءه

    • زائر 5 | 11:39 م

      لماذا العالم يتعاطف مع صانعي الإرهاب ولا يتعاطف مع صحاياه

      كم تفجير يحدث شهريا في العراق ؟
      كم عدد ضحايا التفجيرات في العراق؟
      ما هي نسبة الضحايا الفرنسيين مقارنة بالضحايا العراقيين؟
      لماذا قام العالم ولم يقعد في فرنسا بينما في العراق القتل اصبح اعتياديا؟
      هل ارواح المسلمين وبالذات الشيعة اصبحت رخيصة لهذه الدرجة؟
      أليست فرنسا احد الدول التي صنعت الارهاب هي وبريطانيا وامريكا ؟

    • زائر 4 | 11:28 م

      شي

      كما تدين تدان والبادي اظلم

    • زائر 3 | 11:27 م

      7

      وين كوفي انان .. افتقدنا قلق ماله ؟

    • زائر 2 | 10:55 م

      أبو علاء

      خوفي أن البحرين ستصبح من ضمن الدول التي لا يقلق عليها الأمين العام للأمم المتحدة!!!!

    • زائر 1 | 10:47 م

      دعموهم في سوريا وليبيا وحتى في العراق واليوم يكتون بنارهم

      وماشاء الله الدول العربية مصنع شغال في تفريخ هالمجانين أسف عقول فارغة.

اقرأ ايضاً