العدد 4820 - الثلثاء 17 نوفمبر 2015م الموافق 04 صفر 1437هـ

مكافحة التعدُّدية سببٌ لبلاء المجتمعات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لا يمكن لأيِّ مجتمع أن يهنأ بأمن واستقرار إلا في حال أفسح المجال للتعدُّدية ضمن إطار يقبل بالآخر ويشركه في مجالات الحياة العامة. الخيار الآخر لذلك هو نفي الرأي الآخر وتجريمه والتحريض عليه، وقمعه، والفتك به، أو تكفيره، وتبرير قتله وتصفيته من الوجود، وهو النهج الأكثر تطرُّفاً الذي تتبنّاه التنظيمات الإرهابية، مثل «داعش» وما يماثلها. وقد كان الحزب النازي في ألمانيا، بعد الحرب العالمية الأولى، قد طرح نظرية التفوُّق العرقي - بقيادة هتلر - وتسبَّبت مساعي ذلك الحزب للقضاء على التعددية في مصائب كبرى لازالت الإنساية تعاني من آثارها لحدِّ الآن.

مكافحة التعدُّدية ليست فقط مدخلاً للدكتاتورية، وإنما هي مدخلٌ للاقتتال لأيِّ سبب من الأسباب. فمن بين ما تناقلته الأنباء، مثلاً، في نهاية الشهر الماضي في باكستان، بعد سلسلة هزّات أرضية متتابعة شمال غرب باكستان، فإنّ هناك من يُفتي ويتّهم إحدى القبائل غير المسلمة هناك بأنها السبب في إنزال غضب الله (عبر الزلازل) على تلك المنطقة. وتأتي هذه الاتهامات بعدما انتشرت خطابات التعصُّب والكراهية والطائفية في هذا البلد، وهو أمرٌ غير محمود انتشر في العقود الأخيرة.

وحاليّاً، نشهد كيف تكاثرت الاتجاهات التي تنفي الآخر لتصل في قمّتها إلى ما تقوم به الجماعات الإرهابية في تبرير سفك الدماء في كلِّ مكان، ووصل الأمر إلى تقسيم البلدان ونشر التناحر والخراب والدمار. وبعد أن استفحل شأن هذه الجماعات، أصبح الآن بإمكانها أن تُصدِّر نهجها في مكافحة التعددية عبر القتل العشوائي إلى عواصم العالم، وما تفجيرات باريس إلا واحدة من تلك النماذج التي يمكن أن يصل إليها من يسعى إلى نفي الآخر.

إن عدم إفساح المجال للبيئات التعدُّدية يُعَدُّ سبباً رئيسياً لبلاء المجتمعات الإنسانية، ويؤدّي في نهايته إلى القهر والاستبداد، أو إلى الفوضى والاقتتال.

إن الذين يكافحون التعدُّدية لا يرون كيف يكون التنوُّع مصدراً للقوة، وكيف يمكن للمجتمعات أن تصبح أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً؛ وهذا يتطلب عدم قمع الآراء المتنوِّعة، ويتطلب إفساح المجال لتنمية أساليب إدارة الاختلاف على أساس سلمي دستوري يلتزم بضوابط حق الإنسان في الحياة الحُرَّة والكريمة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4820 - الثلثاء 17 نوفمبر 2015م الموافق 04 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 6:22 ص

      التعددية السياسية مطلوبة في جميع الدول

      أما إقحام الدينات أو المذاهب المختلفة في السياسة لا يورث إلا الكراهية والتحارب

    • زائر 10 | 4:38 ص

      القارئ لا يحتاج لرد أو تعليق أو مداخله وكأنها أحد قصص طه حسين ! 500 حرف كافي ! لا والمصيبه كاتب العمود في وادي والأخت الله يهديها في وادي آخر. لا لا sory.

    • زائر 9 | 1:54 ص

      التعددية هي سبب ازدهار الدول المتحضرة

      وخلاصة الأفكار المختلفة دائما تصل إلى الطريق الأصوب بكل سلاسة هذا ما يجمع رجال السياسة وان اختلف تفكيرهم في بعض الأمور لا يصل إلى العداء

    • زائر 8 | 1:16 ص

      التعددية السياسية مطلوبة وهذا ما تعمل به الدول العريقة في الديمقراطيه

      وهذا ما تقوم به الأحزاب السياسية لإثراء العمل الديمقراطي وسبب تقدم دولهم أم بروز تعددية الأحزاب الدينية والمذهبية يسبب بروز الطاءفية كما في منطقتنا

    • زائر 7 | 12:12 ص

      ما لم نستطع التصريح بالحقيقة لن يهنأ العالم بسلام

      هناك فكر ومنهج أعوج يستبيح دماء كل من يخالفه ومصطلح (يستتاب وإن لم يتب يقتل) هذا المصطلح هو سبب مصائب هذه الأمّة وغيرها .
      كون هذا الفكر يملك تمويلا ضخما فسوف يدمّر العالم ان ترك له ذلك

    • زائر 6 | 10:53 م

      كراهية الاخر

      كراهية الاخو هي ثقافة انتشرت للأسف في العالم العربي م

    • زائر 5 | 10:35 م

      باختصار شديد

      الدين أفيون الشعوب ،،،،،الجاهلة ، المتخلفة او بتعبير ادق التي اريد لها ان تكون جاهلة متخلفة ..ان تكون .....قطيع من الأغنام تسير وراء رؤؤس خاوية لا تطالها الشمس ،تحمل ، عقول متعفنة لا ترى في القتل والدمار والارهاب ضد الاخر اي ضرر او اجحاف بنعمة الحياة

    • زائر 4 | 10:08 م

      احترام المذاهب والاديان ليس باقامة اماكن عبادة

      مؤتمر دعائي تم اختيار من قبل المنظمين لشيعة من يمثلهم و للبهائية و اليهود و المسيحيين و السنة و اخذوا يتحدثون مع انفسهم عن التسامح في القاعة اما في خارج القاعة علينا ان نسأل الشيعة عن تمتعهم بالتسامح

    • sabah.fardan | 9:31 م

      تبرير سفك الدماء سيدمر العالم و البشرية قريبا ... ام محمود

      ماذا قال مستر بوتين امس ان الانتقام لا مفر منه بعد اكتشاف ان الطاءرة الروسية تم تفجيرها بواسطة قنبلة يدوية شديدة الانفجار و هناك تعاون بينه و بين هولاند الرئيس الفرنسي و الدعوة الى انشاء تحالف جديد لضرب الارهاب ممثلا في داعش و حلف الاطلسي سيشارك و امريكا بكل قوتها تشارك في سوريا هي و الاصدقاء .. هناك أمور مبيته اتفقوا عليها و خططوا لها و منها تحويل منطقة الشرق الاوسط الى ساحات قتال و دمار و تغيير شامل

    • sabah.fardan | 9:24 م

      تداعيات هجمات باريس ستؤدي الى مشاركات عسكرية جوا برا بحرا .... ام محمود

      وأردف كلارك أن " الحملة التي شنت على تنظيم الدولة الاسلامية كان لها بعض الفوائد العسكرية".
      وقال إن " تنظيم الدولة الاسلامية بذل جهود كبيرة لاستعادة السيطرة على مدينة عين العرب (كوباني)، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك، كما أن معقل التنظيم في الرقة في سوريا مستهدف دوماً"، مضيفاً أن العملية التي طال انتظارها ألا وهي استهداف معقله في الموصل أضحت قريبة
      واوضح ان "الغرب فشل في بناء استراتيجية متماسكة لإنهاء الحرب الطائفية في سوريا التي أحدثت شرخاً في المنطقة، وعملت على انتشار الإرهاب إلى أوروبا

    • sabah.fardan | 9:20 م

      التناحر و الفوضى و استهداف عواصم العالم ستزداد ... ام محمود

      في صحيفة الغارديان مقال رأي لمايكل كلارك بعنوان "مستقبل سوريا سيُحدد من قبل الجيوش على الأرض، لكن جيوش من؟". وقال صاحب المقال إنه "لا يمكن للغرب الاعتماد على القوات الكردية وحدها لدحر تنظيم الدولة الاسلامية".
      وأضاف أن " المشاركة المباشرة أمر لا مفر منه".
      وأوضح صاحب المقال أن "الاعتداءات الارهابية الأوسع التي ضربت أوروبا مؤخراً، وضعت سياسات الحكومات الأوروبية المتبعة ضد استراتيجية تنظيم الدولة الاسلامية في الغرب في الواجهه، وعلى الأخص، الضربات الجوية في سوريا والعراق".

اقرأ ايضاً