العدد 4822 - الخميس 19 نوفمبر 2015م الموافق 06 صفر 1437هـ

عدالة التنمية... أثرها في بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

حوار ذو قيمة اجتماعية وتنموية تمحورت مفاصله في معالجة جوهر مفهوم «عدالة التنمية» كمنهج للتوازن والمساواة في الخطط التنموية للمناطق المكونة للدولة على اختلافها، تناوله محافظ الشمالية علي عبدالحسين العصفور في مجلس المحافظة الأسبوعي المنعقد صباح الخميس 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 وبيّن في سياق معالجاته أن الخطط التنموية التي يجري اعتمادها وتتفيدها ينبغي أن تأخذ في الاعتبار عدد السكان والمساحة الجغرافية والاحتياجات التنموية لكل منطقة، جاء ذلك توافقاً مع تقديمنا مشروع نادي باربار للتعاون المشترك مع المحافظة لتأهيل ساحل باربار.

العدالة في التنمية عنصر مهم وفعلي في التأثير على تكوين مفاهيم السلوك البشري الرشيد، وبناء أسس المسئولية الاجتماعية في المساهمة التفاعلية في إنجاز أهداف مشاريع التنمية المستدامة، وإن إغفال هذا المبدأ المهم في معادلة قيم العدالة الاجتماعية والإنسانية، وخص منطقة دون أخرى بالمشاريع التنموية يتسبب في الإحباط الاجتماعي وانعدام الثقة بما يجري إعداده من خطط تنموية وتنامي ظاهرة الشعور بعدم الرضا، وفقد مساهمة القطاعات المجتمعية المنحدرة من المناطق التي لم يجرِ شملها بالمشاريع الاستراتيجية للتنمية في التفاعل الإيجابي مع الخطط التنموية للدولة، ويمكن الجزم على أن مراعاة اشتراطات مبدأ العدالة في التنمية يترك أثره الإيجابي في تفاعل القطاعات المجتمعية في تبني مقومات المسئولية الاجتماعية، وفي تعضيد قيم السلوك البشري وإنجاز أهداف التنمية المستدامة، ذلك ما أدركه المجتمع الدولي وساهم في حفزه بجعل هذا المبدأ يشغل حيزاً رئيسياً في اهتمامات المؤتمرات الدولية المعنية بقضايا البيئة والتنمية المستدامة.

مبدأ العدالة في التنمية كمفهوم وقيمة إنسانية يرتكز على محددات مبدأ الشمولية في متطلبات الأمن الإنساني في التنمية، وفي تكافؤ الفرص في الحصول على منافع وفوائد مشاريع وخطط التنمية التي يجري تنفيذها، ومن القضايا ذات الارتباط الاستراتيجي بمبدأ العدالة في التنمية ما يجري التشديد عليه في مبادئ وثيقة القمة العالمية للتنمية المستدامة - جوهانسبرغ 2002 إذ يجري التأكيد في المبدأ «7» على أن الدول تتعهد (بتنفيذ برنامج عالمي للتنمية المستدامة يولي الأولوية لرأب الفجوة العميقة التي تقسم المجتمع الإنساني إلى أغنياء وفقراء) والتشديد على التوجه بإنجاز ذلك الهدف في المبدأ «11» بالقول (ونحن متفقون على أنه لا ينبغي حرمان أي فرد ولا أية أمة من فرصة الاستفادة من التنمية).

كما يجري التأكيد أيضاً في المبدأ «135» من وثيقة ريو+20 على التزام المجتمع الدولي «بالترويج لاتباع نهج متكامل في تصميم المدن المستدامة والمستوطنات الحضرية وفي تشييدها» ويؤكد المبدأ أيضاً أن المجتمع الدولي يلتزم «بتعزيز سياسات التنمية المستدامة التي تدعم خدمات الإسكان والخدمات الاجتماعية الشاملة للجميع؛ وبتوفير بيئة عيش مأمونة وصحية للجميع، ولاسيما للأطفال والشباب والنساء والمسنين والمعوقين؛ وتوفير النقل والطاقة المستدامين والميسورين؛ وتحسين المساحات الخضراء والآمنة في المدن وحمايتها وإحيائها؛ وتوفير مياه الشرب ومرافق الصرف الصحي المأمونة والنقية؛ وتوفير نوعية هواء صحية؛ وخلق فرص للعمل اللائق؛ والرفع من مستوى التخطيط الحضري، وتحسين أحوال الأحياء الفقيرة».

والتشديد في المبدأ «136 و137» من وثيقة ريو+20على اتباع منظومة من الإجراءات والمعايير البيئية في التخطيط الحضري والمستدام للمدن وذلك بما يحقق الأمن الصحي والبيئي للمجتمعات المحلية، ويمثل ذلك تجسيداً لجوهر مضمون الهدف 11 - من أهداف التنمية المستدامة الذي يؤكد في العمل على «جعْل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة» ويجري التشديد في محددات مفاصله على جملة من الضمانات منها (ضمان حصول الجميع على مساكن وخدمات أساسية ملائمة وآمنة وميسورة التكلفة، ورفع مستوى الأحياء الفقيرة، بحلول عام 2030، وتعزيز التوسع الحضري الشامل للجميع والمستدام، والقدرة على تخطيط وإدارة المستوطنات البشرية في جميع البلدان على نحو قائم على المشاركة ومتكامل ومستدام، بحلول عام 2030، و الحد من الأثر البيئي السلبي الفردي للمدن، بما في ذلك عن طريق إيلاء اهتمام خاص لنوعية الهواء وإدارة نفايات البلديات وغيرها، بحلول عام 2030، وتوفير سبل استفادة الجميع من مساحات خضراء وأماكن عامة، آمنة وشاملة للجميع ويمكن الوصول إليها، بحلول عام 2030، ودعم الروابط الإيجابية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بين المناطق الحضرية والمناطق المحيطة بالمناطق الحضرية والمناطق الريفية، من خلال تعزيز تخطيط التنمية الوطنية والإقليمية).

التطوير الحضري للمحافظة الشمالية مطلب يتطلع إلى إنجازه المجتمع المحلي وذلك ما يتسق مع مبادئ المشروع الدولي البيئي وأكد على ضرورته محافظ الشمالية إذ أشار إلى أن «المحافظة ذات الامتداد الجغرافي والتعداد السكاني الكبير تضم 36 قرية تفتقر أغلبها إلى المشاريع الحيوية، والتشديد على ضرورة أن تلامس المشاريع المنفذة احتياجات المواطنين والمقيمين، وقال إن المناطق السياحية والزراعية والساحلية بالمحافظة بمثابة كنز وطني غير مستثمر».

ينبغي الأخذ في الاعتبار أن المحافظة غنية بالمواقع الزراعية الخصبة والسواحل ذات القيمة التاريخية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية والبيئية والتي هي ثروة اقتصادية وروحية للأجيال القادمة، وفي حاجة ملحة لتأهيلها للتمكن من استثمارها في مشاريع السياحة البيئية كمدخل ومصدر لدعم الاقتصاد الوطني، والشريط الساحلي الشمالي (الدراز، باربار، جنوسان، جد الحاج، كرانة) من المواقع المهمة التي يتطلع مجتمعها المحلي إلى تأهيله وجعله موقعاً ملائماً للراحة والترفيه الاجتماعي، ومظهراً جمالياً وحضارياً ومعلَماً ذا قيمة عالمية للسياحة البيئية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4822 - الخميس 19 نوفمبر 2015م الموافق 06 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً