العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ

ثقافة إلقاء اللوم على الآخرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أحد المظاهر السلبية المنتشرة في منطقتنا يتمحور حول لوم واتِّهام الآخرين عندما يحصل أمرٌ ما، أو أن هناك مؤامرة من قوى خارجية، أو أن التاريخ والظروف هي السبب في حدوث كل ما يحدث من مصائب ومشاكل وأزمات. وهذا الداء ليس مختصّاً بفئة دون أخرى، إذ إن الكثيرين يشتركون في إبعاد أنفسهم عن مسئولية الأحداث ومجرياتها؛ فيُبرِّرون بأنّ الحوادث والمآسي إنما حدثت بسبب مؤامرة خارجية، أو أن تاريخ العلاقات السيئة بين القبائل والطوائف هو السبب، أو أن القضاء والقدر هو السبب.

هذا النمط السلبي في التفكير يُعتبَر الأكثر تدميراً للقدرات؛ لأنّه ينفي المسئولية عن أي شيء، وينقل اللوم على ظروف خارجة عن إرادة الحكومة أو المجتمع أو الجماعة أو الفرد. هذا النمط السلبي يسلب الإنسان احترامه لنفسه وللآخرين، ويجعله يشعر بالعجز عن فعل أي شيء.

التفكير بهذا الأسلوب يؤدّي إلى التهرُّب عن المسئولية، وإلى الإحباط، أو الشعور بالتعاسة، كما إن التمادي في إلقاء اللوم على الآخرين، أو على التاريخ، أو على القضاء والقدر، يقضي على إمكانية الإنسان لتحسين وضعه والخروج من أزماته. إن إلقاء اللوم على الآخرين وإعفاء النفس من المحاسبة وتقبُّل المسئولية يؤدّي في نهاية الأمر إلى سلسلة سلبية تبدأ بانسداد الآفاق أمام الحلول، وإثارة الشكوك والأحقاد، ومن ثم قطع الصلات بين مختلف الأطراف، وبعدها اللجوء إلى القوة أو القمع أو العنف، لتحقيق الغلبة أو لإيذاء الطرف الآخر.

إن الاستماع للآخرين، والاعتراف بالأخطاء، وتحمُّل المسئولية، ربما تُعتبَرُ ثقافة غريبة على منطقتنا، ولكنّها هي الوسيلة التي تتمكن من خلالها الحكومات والمجتمعات المتقدمة من توضيح الأمور بدلاً من تعقيدها، والسير باتجاه حلحلة الأوضاع، وتفعيل وسائل بنّاءة لتسوية النزاعات. والحديث عن تقبُّل المسئولية يتطلب الاقتناع أولاً بأنّ الإنسان مسئول عن أعماله، وأنّه قد يُصيب وقد يُخطئ، بحسب معايير موضوعية، وأنّه يمكن معالجة الأمور من دون الحاجة للتعامل مع الآخرين بصورة مسيئة للكرامة الإنسانية. إن الخروج من الأزمات يتطلّب التخلُّص من هذا النمط السلبي المُدمِّر.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 11:10 ص

      احم احم

      كلام سليم مئة بالمئة ؟ وهي مفيدة لبعض الشعوب ؟ لكن على ارض الواقع اتشوف في الانسان حسنات وسيئات ؟
      وانت وكل شخص ايكون امام خيارين التعامل بايجابية وسلبية ؟ وهدي اشياء ممكن تلتمسه من تفاعل الناس ويا الاخبار والاحداث في العالم وفي تعليقات الناس في الجريدة ؟
      ممكن اتكون عند الانسان مادة كيميائية هي تتحكم في سلوك الانسان وحتى في ما يحب ويكره وان كانو يلتقون في اغلب الاوقات على نفس الفهم والمفاهيم
      يا ايها المواطنون عليكم بالتفاعل الايجابي في كل ما تواجهون

    • زائر 17 | 7:41 ص

      الشماعه وإمسك أعصابك ولا تتهور فالتدهور قادم

      من أسهل ما يقوم به بعض المسؤولون أن لا يسائلوا أنفسهم أو يحاسبوها وإنما يلوموا من أقل منهم ويرموا باللائمه عليه لأنه كان السبب في جميع الإخفاقات ....
      وهذه من ثقافات البعض وها نحن اليوم في البحرين وغيرها من الدول الفقيرة الغنية بالموارد الطبيعية يقال أنها على شفا حفرة من انهيار الإقتصادي. هنا يقال لا داعي لأن نلوم كل من الحكومة ولا أحد من أعضائها، فلا علاقة لها لا بالانهيار ولا ...

    • زائر 16 | 4:27 ص

      الجهلاء

      الجهلاء مهما تنصحهم لن يفيد معهم النصيحة لانه عقلهم امعشعش فيه الشيطان لايرون اله الشر قاتل الله الجهل والله ينصر الاسلام الصحيح اسلام محمد واله الطيبين هم سفينة النجاة اللهم صلى على محمد واله اللهم احفض لنا مراجعنا العظام وعلمائنا العاملون الذين لايخافون من الظالم لارضاء الله اللهم ارحم شهدائنا الابرار وشكرا يا كاتب

    • زائر 15 | 1:11 ص

      كلام منطقي و واقعي

      مشكور دكتور على الطرح، فعلناً نتعرض في حياتنا اليوميه على مواقف تتطلب منا الوقوف عندها لتأملها وتحديد مسبباتها و دورنا فيها، لابد من الاعتراف بالمسؤليه ليس لجلد الذات ولوم انفسنا بل للعظه ولعدم تكرار نفس السيناريو في مواقف اخرى. بس هذا لا يأتي من فراغ لابد ان ندرب اولادنا على ذلك، فكل دروس LNP ياريت يدرسونها للطلاب في المدارس فهي لا تقل اهمية من الرياضيات والعربي، فهي اسلوب حياة
      الله يوفق الجميع

    • زائر 14 | 12:50 ص

      هذا حال جمعياتنا الدينيه كل واحدة تتهم الأخرى بالطائفية

      وتبرئ نفسها وكلهم في الهوى سوى تكوينهم لا يختلف عن بعض كل واحدة من مفصيل معين ولا تثق بالآخرين وكلهم مشاركين بشطر الوطن بسبب تكوينهم

    • زائر 13 | 12:44 ص

      (كله منّك) جملة يستخدمها الأطفال لإلقاء لومهم على الآخرين

      القاء اللوم على الآخرين أسلوب طفولي يستخدمه الجهالوه

    • زائر 12 | 12:18 ص

      انا وبعدي الطوفان

      لا اعتقد ان هناك إرادة لحل المشاكل او حتى الاستماع الي الاخر هناك من إرث كبير من العبودية يخيم على واقنا العربي للأسف ما يجعل إرادة انا وبعدي الطوفان اولى من ارادة الاصلاح والسماح لشعب العربي من تحقيق احلامة في العيش بكرامة.

    • زائر 11 | 12:01 ص

      لا حياة لمن تنادي

      رغم وضوح مغرى المقال الا ان عقلية التبرير و القاء اللوم على الاخرين مستمرة فمن خلال بعض التعليقات في الاعلى يمكن استنتاج ذلك فأحدهم ذهب بنا للبنان و آخر اتجة للطرف السهل في اللوم (الوفاق)!! عقلية العرب عصية على التغيير و لو تغيرت فلن يكون سوى في وقت دفنهم بعد الموت!!!

    • زائر 9 | 11:09 م

      لا يا الاخوة شكلك فهمت الموضوع غلط

      هو يتكلم عن مجموعة تدعي الاسلام وتدعي الجهاد وهي تقتل المسلمين بأسم الاسلام وهي تعمل من الصهاينة وتمول من الصهاينة وهذه المجموعات منتشرة في جميع دول الخليج ومنها البحرين ( اسلامهم قتل الاطفال + اسلامهم قتل النساء + اسلامهم قطع الرؤس + اسلامهم حرق الانسان وتفجيره )

    • زائر 8 | 11:09 م

      العلقمي

      الله يرحم والديك ياليت أهل الوفاق يسمعون هل نصايح

    • زائر 5 | 11:02 م

      مشكلتنا يادكتور

      مشكلتنا يادكتور أن ربعنا يحبون التقليد يعني يصفقون ولا يدرون من المعرس مشاكل لبنان وسوريا وحوثين اليمن وقمامه لبنان جلبوها للبحرين

    • زائر 4 | 10:49 م

      بلا حرج

      لو كل إنسان تحمل المسؤولية لكانت الدنيا بخير

    • زائر 3 | 10:48 م

      سبحان الله

      سبحان الله و كأنك تتكلم عن فكر جماعة الولي الفقية في لبنان الذين يقولون ان ما يحدث في سوريا مؤامرة كونية

    • زائر 6 زائر 3 | 11:04 م

      ويلاه

      لا يتكلم عن عقدة الاعراب وبعبع ايران حتى ما يتطور شيء ولا يعطون الحقوق

    • زائر 2 | 10:12 م

      ذكرتني

      ذكرتني بأسلوب التبرير المتواصل لانتهاكات حقوق الإنسان وعدم وجود حوار سياسي وعدم التقدم ولو خطوة إصلاحية واحدة للتوافق السياسي مع المعارضة
      قبل وبعد تقرير بسيوني نفس الأسلوب يومياً تبرير للأخطاء والانتهاكات ولا وجود لأفق إنساني ولا وطني للخروج بالبلد من هذه الأزمة فهؤلاء تعودوا على حماية المصالح بمبدأ نفسي نفسي

    • زائر 1 | 10:03 م

      عام

      انا احب اسمع فيروز اممم فهمت المقال بس راح وقت النصح ألحين وقت الندم

اقرأ ايضاً