العدد 4836 - الخميس 03 ديسمبر 2015م الموافق 20 صفر 1437هـ

حروب شبكات الإعلام الاجتماعي

محمد الحمامي

أستاذ مساعد بجامعة العلوم التطبيقية وعضو مجلس ادارة النادي العالمي للاعلام الاجتماعي

لا يختلف اثنان على اهمية العالم الافتراضي المتمثل بالانترنت وتطبيقاته ومدى تأثير هذا العالم على العالم الحقيقي الذي نعيش فيه. قد يكون العالم الافتراضي في كثير من الاحيان اكثر اهمية من العالم الحقيقي بسبب الادوات التي يقدمها في التأثير على الافراد والشعوب وبناء الاقتصاد وتنفيذ الاعمال.

تعتبر شبكات الاعلام الاجتماعي من اهم تطبيقات العالم الافتراضي بل هي تشمل في اغلب الاحيان التطبيقات الاخرى للانترنت نظرا للادوات التي تقدمها للتعامل مع هذا العالم مثل بناء مجتمعات افتراضية يكون اساسها العلاقات والاهتمامات المشتركة، ممارسة التجارة الالكترونية بكل جزئياتها، نقل الاخبار، التعليم، الترفيه الخ.

ان التطور السريع الذي شهدته تكنولوجيا المعلومات قد ادى الى تغيير مفهوم الحروب سواء كانت باردة او حرب فعلية واستعراض القوى، حيث كان من المتعارف سابقا ان الحروب تجري فقط في العالم الحقيقي وتستخدم الادوات التقليدية لذلك مثل التعبئة الاعلامية (اعلام تقليدي) واستخدام الاسلحة والجيوش لتفيذ الهجمات او الدفاع عن الارض، بينما اصبحت الان تدار على شبكات الحاسوب من اجل تدمير وتحييد معلومات الاعداء وبسط السيادة معلوماتيا.

غيرت شبكات الاعلام الاجتماعي مفهوم كل الاشياء التي ترتبط بحياتنا واصبحت مؤثرة بدرجة اكبر بكثير من التطبيقات الاخرى الموجودة في العالم الافتراضي او الطرق الموجودة في العالم الحقيقي، حيث ان قوة شبكات الاعلام الاجتماعي ناتجة عن اعتمادها على العلاقات الاجتماعية عند التواصل وكذلك التواصل بأتجاهين وبالوقت الحقيقي مما يمكن التفاعل المباشر بين الاطراف المختلفة.

اضحت شبكات الاعلام الاجتماعي ارض خصبة لتنفيذ الحروب او المعارك بين مختلف الجهات سواء كانت هذه الجهات دول، مجاميع او حتى اشخاص على مختلف توجهاتهم السياسية او الفكرية او الدينية وسواء كانوا معتدين او معتدى عليهم. الطرف الذي سينتصر هو الطرف الذي يمتلك المعرفة اللازمة لطرق الاستثمار الامثل الخاصة بتقنيات شبكات الاعلام الاجتماعي بحيث يستطيع ان يستفيد اقصى استفادة من القوى والتأثير الذي تقدمه هذه الشبكات.

تنوعت الطرق المستخدمة اثناء الحروب في شبكات الاعلام الاجتماعي وفيما يلي بعض هذه الطرق:

- اختراق الحسابات: على الرغم من ان هذا النوع من الهجومات لا يستمر لوقت طويل في اغلب الاحيان لكنه يعتبر من وجهة نظري المتواضعة الاكثر تأثيرا كونه يمثل تحديا للامكانيات والاجراءات الامنية للطرف الذي يمتلك الحساب. يمكن ان يكون الهدف من الاختراق هو لفت الانتباه ليس إلا حيث ان مخترق الحساب يترك اثرا بشكل مقصود مثل رسالة او صورة وحتى نشر محتوى يوضح بأن الحساب قد تم اختراقه وبذلك قد تم تحقيق الهدف المنشود. كذلك يمكن ان يكون الهدف من اختراق الحساب هو انتحال صفة الجهة او الشخص المالكة للحساب او كشف المعلومات السرية الموجودة في الحساب مثل المعلومات الشخصية والرسائل الخاصة. من اشهر الامثلة اختراق حساب قيادة العمليات المركزية للجيش الاميركي على تويتر.

- تنفيذ الحملات: ان تنفيذ الحملات هو اسلوب معروف ومستخدم بكثرة في شبكات الاعلام الاجتماعي. في الحروب يمكن ان يتم تنفيذ حملات اعلامية على شبكات الاعلام الاجتماعي ويعتمد نجاح هذه الحملات على طريقة تنفيذ الحملة وجودة المحتوى المستخدم على اختلاف انواعه. كذلك ان مايزيد من تأثير الحملات الاعلامية ونجاحها هو مشاركة الحسابات التي يمتلكها المؤثرين والمشاهير حيث تمتلك مثل هذه الحسابات عدد هائل من جهات الاتصال والمتابعين والتي تتأثر سريعا بتوجهات تلك الحسابات. من اوضح الامثلة على ذلك ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية بين فترة واخرى تجاه كوريا الشمالية.

- بث الشائعات: من المعروف اثناء الحروب ان الاطراف المتنازعة تحاول ان تستخدم كافة الاساليب المتاحة لزعزعة الطرف الاخر بغض النظر عن الجانب الاخلاقي المتعلق بالاسلوب، مثلا يمكن الترويج بصورة كاذبة عن انتصار طرف في معركة على الطرف الاخر او هروب الطرف الاخر من المعركة الخ. من الامثلة على ذلك ماحدث اثناء الحرب على ليبيا وبث اشاعات حول هروب معمر القذافي حيث اضطر الى الظهور في وسائل الاعلام حتى ينفي انباء هروبه.

- فبركة المحتوى: تتيح الادوات الحديثة لتكنولوجيا المعلومات للاطراف المختلفة فبركة الاخبار وعمل مونتاج للفيديوات واستخدام المعالجة الرقمية للصور بحيث تظهر بشكل يكون في الظاهر حقيقيا لكنه لا يمت للواقع بأي صلة. على الرغم من التحفظات الكثيرة على هذا الاسلوب لكن يبقى التبرير لاستخدامه من قبل الجهات المتحاربة هو ان اي حرب بين طرفين تعتمد بالاساس على رفع الروح المعنوية وزرع الثقة بالانتصار وتدمير معنويات الطرف الاخر. هنالك الكثير من الامثلة التي تقدمها الاحداث الراهنية التي نمر بها هذه الايام منها استخدام صور لاحداث سابقة يتم توظيفها لاحداث اخرى مثل حصول مجازر او ما الا ذلك، او استخدام برنامج الفوتوشوب لتعديل الصور واضافة تفاصيل غير موجودة في الصور الاصلية.

- تنفيذ الهجمات الالكترونية: يشابه هذا الاسلوب طريقة اختراق الحسابات من ناحية كونه اسلوب تقني بحت وخطورته بأنه لا يخضع لمقاييس محددة. ان الهجمات الالكترونية متنوعة ومختلفة منها على سبيل الذكر لا الحصر هجومات انهاء الخدمة (DoS) حيث يتم تعطيل الحسابات عن اداء عملها الاعتيادي وتقديم الخدمات، اصابة الحسابات بالفايروسات عن طريق ارسال روابط خبيثة او ارسال رسائل مرفقاتها تحتوي على برامجيات خبيثة او تروجان الخ. من أشهر الامثلة على هذا النوع ما قام به مخترق (هكر) سعودي تجاه مواقع وحسابات حكومية اسرائيلية حيث استطاع ان يوقفها عن العمل.

- كشف البيانات السرية: تعتبر شبكات الاعلام الاجتماعي المكان الامثل للاعلان وللكشف عن البيانات السرية والوثائق بصورة مقصودة. ان مثل هذه المواضيع تكون ملفتة للانتباه في شبكات الاعلام الاجتماعي وتكون قابلة للنشر بشكل واسع جدا وبسرعة فائقة بحيث يمكن ان تصل الى اكبر عدد من المستخدمين بوقت قياسي مما يسبب الضرر للجهات التي تتعلق بهم هذه البيانات والوثائق. أحد اشهر الامثلة على ذلك تسريب الوثائق السرية من قبل سنودن.

في الختام يجب ان ابين بأن ما تم ذكره سابقا هو مجرد ذكر لبعض الطرق التي يمكن ان تستخدم اثناء الحروب الباردة او الفعلية بين الاطراف المتنازعة. تبقى شبكات الاعلام الاجتماعي بيئة خصبة للابداع والابتكار تساعد في تجربة كل ما هو جديد ومبتكر وتحقيق الاهداف المختلفة.

إقرأ أيضا لـ "محمد الحمامي"

العدد 4836 - الخميس 03 ديسمبر 2015م الموافق 20 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً