العدد 4850 - الخميس 17 ديسمبر 2015م الموافق 06 ربيع الاول 1437هـ

الإعلان الذي كان

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

حقوق الإنسان في حقبتنا هذه مكسورة الأضلاع، ومهيضة الجناح، و«منتوف» ريشها. الإنسانية، وبعد أن بدأت تتنفس منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي مع نهاية الحرب الباردة، عادت لما هو دون المربع رقم واحد.

مرت الذكرى الـ 67 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والإنسانية متراجعة بصورة غير مسبوقة، وأبرز مؤشرات التراجع حالة اللاجئين البائسة بمستوى الحرب العالمية الثانية، وسيادة التطرف وخطاب الكراهية، تقابلها إجراءات عسكرية وتشريعية تنتهك حقوق الإنسان من قبل الإرهاب أو لمناهضة الإرهاب.

الإعلان كان وربما مازال منذ صدوره في باريس في منتصف ليلة العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 1948، جاء كرد فعل على قسوة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي كانت عناوين للحرب الثانية.

ظل الإعلان «مطموراً» و «معطلاً» و «مؤجلاً» حتى انتهاء الحرب الباردة، حين بدأ يستعيد شخصيته تدريجياً. فتحولت عشرات الدول من أنظمة شمولية إلى شبه ديمقراطية ضمن مشاريع سيادة قانون وفصل سلطات ومشاركة سياسية.

بدأت إعادة إحياء «الإعلان» في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا في يونيو/ حزيران 1993، حين اجتمعت دول العالم ومنظماته الدولية ومجتمعه المدني للتأكيد مجدداً على قيمته وشموليته كمنهج لإدارة الدول ثم تتابعت التطورات كمبدأ التدخل الإنساني، والحق في الحماية الدولية وإنشاء مجلس حقوق الإنسان واستحداث المراجعة الدورية الشاملة، وتدعيم الآليات التعاقدية. ولكن كل ذلك لم يصمد طويلاً ولم يؤدِّ إلى حماية البشر كما كان يفترض، بل صاروا أهدافاً مستباحة، بحجج تقليدية كحماية الأمن الوطني، أو مكافحة الإرهاب، وتبرير كل فعل تسلطي، لا تختلف في ذلك دول متقدمة عما هو دون ذلك.

الحقيقة الواضحة كما كانت قد وردت في «الإعلان»، هي أن مكافحة الإرهاب وحماية الأمن الوطني لن تتحققا إلا ضمن منظومة حماية البشر وكرامتهم وآدميتهم، وهي منظومة أسهل وأقل كلفة وأقل دموية، كما إنها صديقة للإنسان. هذه الحقيقة مرفوضة جملة وتفصيلاً من القائمين على الصراع، حتى إن أعلنوا عكس ذلك الذين يفضلون الأسلوب التقليدي، القائم على موازين القوة، ليسود المنطق الأمني وكأنه نقيض لمبادئ كرامة الإنسان، مع أنه بالإمكان الجمع بينهما، وسيكتشف العالم ذلك لاحقاً بعد ضياع أرواح وتشريد الملايين ولكن متأخر جداً كالعادة.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 4850 - الخميس 17 ديسمبر 2015م الموافق 06 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً