العدد 4853 - الأحد 20 ديسمبر 2015م الموافق 09 ربيع الاول 1437هـ

المرأة في استراتيجية بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

المرأة عنصر ذو قيمة مجتمعية متداخلة الوظائف والمهام ويدخل في سياق منظومة نشاطها الاجتماعي والأسري المساهمة الفعلية في التربية وبناء السلوك الفردي والاجتماعي كمربية ومعلم للأجيال وكمدبر رئيس في إدارة الشئون المنزلية، لذلك تمثل هدفاً رئيساً ومحور خطط وبرامج التوعية وبناء القدرات البيئية وتشكل المقوم الفعلي في إنجاز أهداف بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة.
الحركة النسائية في المجتمعات المختلفة في ثقافاتها وتقاليدها اﻻجتماعية نتيجة جملة من العوامل الذاتية والنفسية تصاعد نشاطها في حقل العمل الاجتماعي والتنموي، وصارت القوة الفعلية في ابتكار المناهج والخطط وتنظيم المبادرات في الشأن الاجتماعي والتنموي، وتتمثل أهدافها في الاشتغال على إحداث التحول النوعي في مفاهيم السلوك الاجتماعي وتعميم مفاهيم ثقافة التنمية المستدامة، وهناك نماذج ذات قيمة وطنية ودولية أكدت حضورها في إنجاز مشاريع التنمية المستدامة، وتمثل الناشطة من أجل السلام والبيئة، الكينية «وانغاري ماثاي» أحد الوجوه البارزة التي أثرت النشاط البيئي للمرأة حيث أسست حركة «الحزام الأخضر» وكافحت من أجل قضايا المناخ وحماية البيئة والغابات والتوزيع العادل للموارد وساهمت في دعم جهود زراعة 40 مليون شجرة فى مختلف أنحاء إفريقيا وتقديراً لجهودها منحت جائزة نوبل للسلام في التنمية المستدامة.
المرأة في مجتمعنا العربي منذ القدم عرفت بمميزاتها في حقول العمل المختلفة المرتبطة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، إذ كانت لها مساهماتها ونشاطاتها في إعمار الأرض والزراعة والصيد البحري والأعمال اليدوية التقليدية التي كان لها أثرها الفعلي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما كان لها مساهماتها المباشرة في تعليم وتربية الأجيال ضمن النظام التقليدي في التعليم في مرحلة مبكرة في تاريخ الحركة الثقافية في مجتمعنا العربي، وأكدت حضورها في المرحلة المعاصرة على المستوى الوطني والدولي في الجهود الموجهة لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.
المجتمع الخليجي عرف نماذج أثرت بنشاطها حركة المرأة في مجال البيئة والتنمية المستدامة ومنها الشخصية البيئية الكويتية بدرية العوضي التي أثرت بنشاطها البيئي الحركة البيئية في الخليج، إذ ساهمت في تأسيس جمعية حماية البيئة الكويتية وإثراء المكتبة البيئية ببحوثها القيمة، وأكدت حضورها المتميز في حركة البيئة العالمية وتقديراً لتلك الجهود كرمتها الأمم المتحدة بمنحها جائزة «الجلوبل 500» التي يجري منحها في كل عام لخمسمئة شخصية قدمت إنجازات بيئية مفيدة للمجتمعات المحلية كما منحت جائزة زايد الدولية للبيئة.
والناشطة البيئية الإماراتية حبيبة المرعشي من الشخصيات البيئية البارزة التي أثرت بجهودها حركة المرأة في حقل العمل البيئي والتنمية المستدامة، إذ أنشأت مجموعة عمل الإمارات للبيئة والشبكة العربية للتنمية المستدامة وتبنت العديد من المشاريع البيئية منها حملة نظفوا الإمارات وبرنامج زراعة المليون شجرة من البيئة المحلية وتقديراً لجهودها منحت عضوية مجلس إدارة الميثاق العالمي للأمم المتحدة.
الحراك البيئي للمرأة في مملكة البحرين ليس أقل شأناً من نظيراتها في الخليج ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى برنامج المواطنة البيئية التي تبنته جمعية البحرين النسائية إلى جانب الأنشطة البيئية المختلفة التي نفذتها جمعية فتاة الريف النسائية والجمعيات النسائية الأخرى، وللمرأة البحرينية حضورها المتميز في الحراك البيئي الوطني والدولي في مجال البحث البيئي والإدارة البيئية ومن الشخصيات النسائية التي يمكن الاشارة الى جهودها (زهوة الكواري وصباح الجنيد وأسماء أبوحسين وابتسام خلف) وأثرت العديد من النساء الحركة البيئية بمساهماتها البحثية وجهودها المتميزة في مجال العمل البيئي والتنمية المستدامة.
القيمة الاستراتيجة للمرأة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة جعلها في سلم أولويات المشروع الدولي البيئي وذلك ما يجري التأكيد عليه في المبدأ «20» من إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية-1992 الذي يشير إلى أن «للمرأة دوراً حيوياً في إدارة وتنمية البيئة ولذلك فإن مشاركتها الكاملة أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة» كما يجري التأكيد في المبدأ «52» من وثيقة مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة-2002 على أن المجتمع الدولي يسلم «بالمكانة المركزية للمرأة في المجتمع الإنساني ودورها الرئيسي في النهوض بالتنمية المستدامة» وذلك ما يجري التأكيد عليه في المبدأ «45» من وثيقة ريو+20 الذي يشير إلى «أن للمرأة دوراً حيوياً يمكن أن تقوم به في تحقيق التنمية المستدامة» ويشدد على توجه المجتمع الدولي في العمل على «تمكين المرأة وضمان مشاركتها الكاملة والفعلية في سياسات التنمية المستدامة وبرامجها وصنع القرار المتعلق ﺑﻬا على كافة المستويات».
المجتمع الدولي يدرك على رغم الإجراءات التي جرى إقرارها أنه لاتزال هناك معوقات تحد من إنجاز التحول النوعي في تمكين المرأة، ذلك ما يجري التأكيد عليه في المبدأ «237» في وثيقة ريو+20، إذ يشير إلى أن المجتمع الدولي (يدرك أنه على رغم من إحراز تقدم على صعيد المساواة بين الجنسين في بعض اﻟﻤﺠالات، فإن المرأة لم تحقق كامل إمكانياتها فيما يخص المشاركة في التنمية المستدامة والإسهام فيها والاستفادة منها، بصفتها قائدة ومشاركة وعنصراً للتغيير، وذلك لأسباب من بينها استمرار أوجه عدم المساواة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية) ولتجاوز هذه المعضلة يجري التشديد في المبدأ «238» على ان المجتمع الدولي يعقد (العزم على إطلاق طاقات المرأة بوصفها قوة دافعة للتنمية المستدامة، بوسائل منها إلغاء القوانين التمييزية وإزالة العوائق الرسمية، وضمان المساواة في إمكانية اللجوء إلى العدالة والحصول على الدعم القانوني).

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4853 - الأحد 20 ديسمبر 2015م الموافق 09 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:13 ص

      اعلامي بيئي

      حرام عليك والله، اذ تستبعد الاخت الاستاذة خولة المهندي من اللائي اسهمن في المجال البيئي وتربية الاطفال البييئين وترسيخ قيم الحفاظ على البيئة، ليس من الأمانة العلمية والادبية هذا النوع من الاقصاء.

    • زائر 1 | 12:21 ص

      مع الاختلاف والخلاف الكبير معها

      مع اختلافي وخلافي الكبير معها لكن لا يمكن إنكار دور خولة المهندي في العمل البيئي في البحرين

اقرأ ايضاً