العدد 4871 - الخميس 07 يناير 2016م الموافق 27 ربيع الاول 1437هـ

إدارة الأزمات في منظومة السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الحوادث المفاجئة مصدر للكوارث الاجتماعية والإنسانية، وتتسبب في حدوث الأزمات الشاملة التي هي في حاجة إلى نظام للاستعداد المبكر لمواجهتها والتقليل من آثارها البشرية والمادية ومضاعفاتها على واقع الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وتتنوع حالات الكوارث والأزمات الطارئة من حيث طبيعتها ومسبباتها بيد أن جميعها تشكل مصدر خطر على الأمن الاجتماعي والإنساني.

الحريق الذي وقع فندق «العنوان» داون تاون في دبي نهاية العام 2015 من الحوادث المفاجئة التي غالباً ما تتسبب في وقوع الأضرار الشاملة، وكان من المفترض أن يتسبب في حدوث الأضرار البشرية والمآسي الاجتماعية، بيد أن المهنية العالية في إدارة عملية مكافحة الحريق والتدخل المبكر والمنظم في عملية إخلاء نزلاء الفندق، والتعاون الواعي للجمهور في الالتزام بالتوجيهات وإجراءات المكافحة والوقاية، ساهم في منع حدوث الأضرار العميقة ووقوع ضحايا بشرية، وذلك يؤكد على الأهمية الاستراتيجية لوجود نظام متطور لإدارة الأزمات وإلى حاجة بلداننا بناء آلية متطورة لإدارة الأزمات.

واقع الحدث والتقنية العالية في منع أضرار حادث الحريق البشرية، والدروس المهنية والإدارية ومفاهيم الاستعداد المبكر للتدخل والمكافحة لهكذا حوادث يسجلها «حافظ المدلج» كشاهد عيان في مقاله المنشور في صحيفة «الخليج» الإمارتية بتاريخ 3 يناير/ كانون الثاني 2016 تحت عنوان (تعلمت من دبي «إدارة الأزمات») إذ يشير إلى أنه «خلال دقائق تم إخلاء الفندق المكوّن من 67 طابقاً مملوءة بالنزلاء، ويقول «حين وصلت للشارع دخلت في مئات الآلاف من البشر المتحركين في اتجاه واحد بيسر وسهولة ونظام» ويوضح «لم ينتهِ الأمر عند هذا الحدّ، بل كانت سيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة متواجدة في أماكن قريبة، وقد تم فرش الأرض بعدد من نقالات المصابين وبجوارها أجهزة الأوكسجين والمغذيات تحسباً لأي إصابة تستوجب العناية الأولية المباشرة».

العديد من الخبراء والمختصين يؤكدون على المهنية العالية في إدارة عمليات مكافحة الحريق في فندق «العنوان» ويشير مدير مركز البيئة للمدن العربية حسين الفردان إلى أن «دبي سجلت نجاحاً تنظيمياً جديداً في التعامل مع حادث الحريق، وأن ذلك النجاح مؤشر على نجاح إستراتيجية حكومة دبي التي أدرجت ضمن أولوياتها الاستراتيجية منظومة متكاملة لإدارة الأزمات والكوارث، إذ شكلت لها فريق عمل متخصصاً قام باتخاذ ترتيبات مسبقة وأدوات وإمكانات ومؤشرات وتطبيقات عملية منهجية طوال العام، وعززت تلك الترتيبات التنظيمية من قدرة الدوائر الحكومية المعنية بشكل مباشر بإدارة الكوارث والأزمات على التكامل والتعاون وتعزيز درجة التنسيق التفاعلي قبل وأثناء الحدث، كما ساهمت الاستراتيجية الوطنية المحلية في دبي المعنية بإدارة الكوارث في زيادة رقعة التثقيف والتوعية الاجتماعية وتمكين جميع الدوائر والمؤسسات مبكراً وبشكل منهجي من خلال تجارب الإخلاء والاستثمار في مواصفات البناء الأخضر وتطوير الأنظمة العازلة للحرائق وإجراءات الأمن والسلامة في جميع المنشآت والمباني والممتلكات، وإن الدرس المهم الذي ينبغي الأخذ به يتمثل في ضرورة الاستثمار الكبير في بناء منظومات إدارة الكوارث واعتماد نظم جودة البناء، وتقنين مقاييس ومواصفات وأنظمة المكافحة، والمتابعة والالتزام القيادي والقراءة والاحتياطات المبكرة، وتلك المؤشرات ساهمت في تحقيق قفزة نوعية في العمل الجماعي والتكامل بين الجهات في مكافحة الطوارئ وإدارة الأزمات».

العوامل المساعدة لإدارة الأزمات عناصر مهمة ومطلوبة من وجهة النظر الاستراتيجة لمكافحة الحالات الطارئة، والحد من آثارها الكارثية، وتدخل ضمن منظومة العوامل المساعدة، الاستعداد والتدخل المبكر والسريع، والإدارة الدقيقة لعمليات المكافحة والتصدي، وحكمة اتخاذ القرار والتنظيم المؤسس وكفاءة الكادر الإداري والفني في إدارة العمليات، والتعاون المؤسساتي الإداري والفني في تعضيد عمليات المواجهة، ويظل عنصر الوعي والسلوك الاجتماعي في فهم محددات الالتزام بمفاصل التعليمات والتوجيهات مطلب مهم لإنجاز خطة عمل عمليات التصدي للحالات الطارئة، كما إن الاعلام يمثل حلقة مهمة في منظومة عمليات إدارة الازمات.

الخبير في الإدارة البيئية عيسى عبداللطيف يعالج قضايا إدارة الأزمات من الجوانب الأخرى للوقاية من إمكانية حدوث الكوارث كمختص في شئون الوقاية من الأزمات والكوارث إذ يرى «أن التفتيش الدوري والصيانة الدورية للمباني وأماكن العمل لهما أهمية كبيرة في هذا الشأن إضافة إلى الاستعداد المستمر للطوارئ بالتأكد الدائم من أن مخارج الطوارئ سهلة لا يعرقلها شيء، وتكون جيدة التهوية، وتدريب الأفراد على استخدام طفايات الحريق، وخراطيم المياه لمعالجة أي مشكلة بشكل مبكر قبل أن تصير أزمة أو كارثة، وتوفير أماكن لإخلاء السكان بسهولة ودون تدافع، وبالطبع توفير فرق إنقاذ ودفاع مدني ذات تدريب عالٍ وتتوافر لهم كل الإمكانيات والتجهيزات اللازمة للتحرك والتصرف بسرعة مع حمايتهم».

نشطاء البيئة تابعوا باهتمام حادث الحريق ويرى عضو جمعية البحرين للبيئة ناصر عباس ضرورة «استغلال القنوات الإعلامية الرسمية والإعلام الجديد في طرح مواضيع السلامة وزيادة وعي الفرد في مواجهة هكذا حالات، وعلى وزارة التربية والجهات الأخرى التعاون في تنظيم برامج توعوية للطلاب فيما يخص أنظمة السلامة والوقاية من الحوادث والإسعافات الأولية» وفي السياق ذاته، تشير عضو الجمعية ذاتها مريم الموالي إلى ضرورة «تكثيف دور الإعلام في التوعية والاستعداد التام أو التدريب لأي حالة متوقعة قبل حدوث الخطر».

الدرس المفيد الذي ينبغي الأخذ به لدعم قدرات الاستجابة المبكرة لمكافحة حالات الحرائق في بلادنا، الاستفادة من الكفاءات المحلية وتدريبها، وتشكيل فرق عمل المتطوعين للمكافحة والتدخل السريع في حالات الحرائق الطارئة في قرى ومدن البحرين.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4871 - الخميس 07 يناير 2016م الموافق 27 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:18 ص

      إدارة الأزمات فن بمعنى الكلمة حيث من الواجب في مثل هذه الأزمات أن يكون فريق العمل فيه مؤمن اولا بما يقوم به وان يكون حابا لعمله ليكون نسبة الإتقان فيه بنسبة 100% وهذه الفرق من الواجب توفرها في كل المدن وتختلف عن وزارة الدفاع المدني بحيث تتصف هذه الفرقة بجودة المخرج كل مرة
      شكرك يا دكتور على هذا الطرح

اقرأ ايضاً