العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ

الخطر البيئي في معادلة السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

يتفق الخبراء والعاملون والناشطون في حقل العمل البيئي على أن الخطر البيئي بمختلف تجلياته منتج فعلي للسلوك البشري غير الرشيد، ويركن معظم الباحثين والمتابعين للقضايا البيئية إلى أن ما نشهده من منعطفات سلبية وخلل في النظام البيئي لكوكب الأرض يرجع إلى العلاقة غير الحكيمة وغير الواعية والأنانية أيضاً مع معالم النظم البيئية، وأن السلوك البشري بمختلف مظاهره ومصادره وأسباب بروزه السبب الفعلي فيما نشهده من تدهور بيئي وأزمات اقتصادية، كما أن مظاهر التراجع والتدهور العميق والواضحة معالمه في مستوى مخزون الثروات الطبيعية التي تمثل المصدر الرئيس لمعيشة المجتمعات البشرية هي نتيجة طبيعية لذلك السلوك، ويمثل أيضاً السبب الفعلي فيما نشهده من تراجع في إنجاز أهداف التنمية المستدامة.

إن تلك الحقائق إلى جانب العوامل الأخرى المتداخلة في طبيعة وأسباب بروزها، وتزايد حضورها في الأنشطة البشرية، وكذلك تصاعد مستوى أضرارها على واقع الأمن البيئي للمجتمعات، وتمثل في مجموعها عناصر سلبية في بعد آثارها الإجتماعية والبيئية، تمثل العامل الفعلي في تزايد مخاوف وقلق الناشطين البيئيين، بسبب مظاهر الخطر الواضحة معالم آثارها على الأمن البيئي لكوكب الأرض.

حقائق التوقعات بشأن واقع الأزمة البيئية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والانسانية تشير إلى أن منطقتنا تبحر في عالم مجهول وغير آمن من المنظور البيئي والاقتصادي والانساني، وتحيط بواقعها مخاطر مختلفة المصادر والآثار الكارثية على واقع أمنها الاقتصادي والمعيشي والحياتي والبيئي، إذ تشير التقديرات إلى ارتفاع متوقع في حرارة الأرض وذوبان الجليد في المناطق القطبية، وارتفاع في مستوى مياه البحر، والتسبب في ظاهرة غرق الشواطئ البحرية للبلدان الساحلية، واحتمال اختفاء بعض الجزر إلى جانب تصاعد وتيرة الحروب والنزاعات المتنوعة في طبيعة أسبابها، ومستوى آثارها إلى جانب حالات الجفاف ونقص المياه والتدهور في معالم النظم البيئية، وتصاعد وتأثر الأزمات الاقتصادية في العالم.

السؤال الاستراتيجي الذي يؤكد حضوره بفاعلية في معالجات وسجالات نشطاء البيئة ضمن حلقات الحوار التي يجرى تنظيمها عبر وسائل التوصل الاجتماعي ويجرى التركيز في محددات مفاصلها الحوارية على معالجة قضايا معضلات الأزمات البيئية، وآثارها السلبية على الأمن الاقتصادي والمعيشي للمجتمع البشري يتمثل في «ما هي المتطلبات الاستراتيجية لدولنا لمواجهة آثار التوقعات البيئية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في العام 2016؟».

المنسق الوطني للعراق لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ سوزان سامي البناء في سياق معالجتها لهذه المسألة الاستراتيجية في منظومة العمل الاجرائي لمواجهة آثار التوقعات البيئية، تقول: «في الحقيقة من المهم جدّاً أن يقتنع أولاً أصحاب القرار بواقع تلك الحقائق والتوقعات ليتم دمج مواجهة هذه القضايا ضمن الخطط والاستراتيجيات الحكومية، مع ضرورة تحديد موازنة خاصة لها، ونشر الوعي بين شرائح المجتمع كافة، ودمج القطاع الخاص لضمان تحقيق فهم واسع لحجم المشكلة للتمكن من وضع حل متكامل لها، طبعًا هذا لن يغني عن ضرورة أن تكون هناك استشارات للجهات الدولية التي سبقتنا في مواجهة هكذا قضايا، وتحديات خطيرة لضمان عدم البدء من نقطة الصفر؛ بل من حيث انتهت الجهات التي سبقتنا في مواجهة هكذا أمور، ومن ضمنها التكنولوجيات الحديثة المستخدمة، مع كل هذا فنحن نعتقد بأن أهم قضية ينبغي على دولنا أن تدركها هي عدم الخوض والدخول في أية حروب أو نزاعات خارجية أو حتى داخلية؛ لكونها تضعف إمكانياتها للاستجابة لأية مشاكل حالية أو مستقبلية قد يواجهها المجتمع بكامله».

الناشط البيئي ونائب رئيس جمعية البحرين للبيئة سعيد منصور يعالج قضايا الخطر البيئي من منطلقات مختلفة في مرتكزاتها ومؤشراتها في تشخيص الحلول إذ يشير إلى أن «منظورنا في فهم قضايا التنمية، وإعداد المشاريع التنموية يرتكز على منهج أحادي الجانب، إذ يجري الارتكاز على معايير جني المنافع الاقتصادية الآنية من دون الأخذ في الاعتبار البعد الاستراتيجي للأثر البيئي للمشاريع التنموية، والآثار العكسية لتلك المشاريع على النظم البيئية والواقع المعيشي للمجتمع المحلي، ويقول إن التفكير في بناء خطط ومشاريع التنمية المرتكزة على أهداف تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي للمجتمع ينبغي ان يأخذ في الاعتبار المعايير التي تعزز النهج الاستراتيجي لصون الثروات الطبيعية ومصالح الأجيال المقبلة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك يتطلب مراجعة جوهرية في مفاهيمنا للتخطيط التنموي، والعمل على إحداث تغيير نوعي في معايير وأسس التخطيط، وتنفيذ المشاريع التنموية التي تأخذ في الاعتبار الالتزام بالمعايير الدولية للتنمية المستدامة» وتتوافق تلك الرؤية في بعدها الاستراتيجي مع ما يجري التأكيد عليه في المبدأ (40) في وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة – ريو + 20 اذ يشير المبدأ الى أن المجتمع الدولي يدعو إلى «اتباع ?هج شمولي ومتكامل في التنمية المستدامة تسترشد به الإنسانية من أجل العيش في وئام مع الطبيعة، وتفضي إلى بذل جهود لاستعادة عافية النظام الإيكولوجي للأرض وسلامته».

إن مواجهة التحديات الناشئة، البيئية والاقتصادية والمعيشية والتي هي وليدة الاستهلاك غير المستدام للثروات والموارد البيئية وإلقاء واطلاق المواد الملوثة للمحيط البيئي للإنسان إلى جانب الأزمة البيئية، والأسباب الأخرى غير المدروسة أبعادها والمتفاقمة مخاطرها على الأمن الاقتصادي والاجتماعي في مختلف البلدان، يتطلب مراجعة مؤسسة لمختلف السياسات، وبناء استراتيجية شاملة ترتكز على معايير علمية متداخلة في أبعاد منظور إجراءاتها التنموية والتقييمية والقانونية والإدارية للحد من المخاطر البيئية على الأمن الإنساني.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً