العدد 4885 - الخميس 21 يناير 2016م الموافق 11 ربيع الثاني 1437هـ

البعد الروحي في الإدارة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير


ازداد في السنوات الأخيرة الحديث عن القيم الروحية المتأثرة بالديانات الشرقية، ولها ممارسات مثل اليوغا yoga، والتأمل، حتى إن بعض الشركات بدأت بتخصيص غرفة للتأمُّل Meditation Room توفرها لموظفيها لاستخدامها بغرض استرجاع القوة الذاتية، عبر صفاء ذهني يوجه الطاقة الإيجابية داخل الجسد للتفكير إيجابياً، وإبعاد النفس عن الجوانب السلبية والتشنّجات اليومية.
اليوغا تستخدم مهارات جسدية تمكّن الشخص الممارس لها من السيطرة على جسمه بشكل أفضل؛ ما ينعكس إيجاباً على صحّته وتفكيره ومشاعره ونمط حياته. وقد أقرَّت الأمم المتحدة يوماً عالمياً لليوغا يُحتفل به في الواحد والعشرين من يونيو/ حزيران من كل عام للتشجيع على ممارسة تمارينها. وبدأت الاحتفالات بهذا اليوم في العام 2015 برعاية الأمم المتحدة، من أجل الترويج لهذه الرياضة الروحية، والتي ترجع أصولها إلى طقوس هندوسية قديمة. كما إن الهند، التي تقدمت بهذا الاقتراح إلى الأمم المتحدة في العام 2014، قررت إنشاء وزارة لليوغا، وذلك بحسب تقرير لـ «رويترز» في21 يونيو 2015.
وفي العام 2004 كان عالم الإدارة ستيفن كوفي قد أصدر كتاباً بعنوان «العادة الثامنة: من الفاعلية إلى العظمة» The 8th Habit: From effectiveness to greatness، أدخل من خلاله البعد الروحي في الادارة. والفكرة الأساسية للكتاب هي تأكيد أهمية تحقيق انتعاش مستمر للشخصية عبر تطوير أربعة أنواع من الذكاء وهي: الذكاء الجسدي Physical Intelligence - PQ، الذكاء الذهني Mental Intelligence - IQ، والذكاء العاطفي Emotional Intelligence - EQ، والذكاء الروحي Spiritual Intelligence - SQ.
وقال كوفي إن الحرمان من أيٍّ منها يقلل من فاعلية الأشخاص، ويخلق لهم العديد من المشاكل. وكان يفترض أن العصر الصناعي قد قام على رفض الجوانب الروحية وفصلها عن الحياة اليومية، ولكن عصر المعلومات يتضمن أوقاتاً عصيبة بسبب موجات التغيير الكبيرة؛ ما دفع عدداً من علماء الإدارة إلى تضمين الجوانب الروحية، ربما لإبعاد محترفي الإدارة عن اللجوء إلى التنجيم ومتابعة النجوم والأفلاك القائمة على تنبؤات فلكيين ينشرون تخرصاتهم ويجتذبون المستهلكين لها.
هذا التنظير، يأتي كتطوير لروحانيات «العصر الجديد» New Age Spirituality، التي ظهرت في الغرب في مطلع السبعينيات من القرن العشرين كردة فعل على غياب الإرشاد الروحي، وتأثرت بأفكار الديانات الشرقية، مثل الهندوسية، والتاوية (الصين)، والتصوف. وقد أصبحت الممارسات الروحية قوة راسخة في المجتمعات الغربية، حتى إن أفلام هوليوود روَّجت لها بصورة غير مباشرة، مثل فيلم Eat Pray Love الذي مثلت دور البطولة فيه «جوليا روبرتس» وعرض في العام 2010.
منظِّرو البعد الروحي في الإدارة يقولون إن «الذكاء الروحي» يختلف عن الروحانية أو الدِّين أو السياسة. فالروحانية تغطي حاجة الإنسانية الفطرية بأن تكون متصلة بما هو أكبر من الانسان، والدِّين يغطي مجموعة من المعتقدات والممارسات المستندة على نصوص مقدسة، بينما «الذكاء الروحي» يتحدث عن مجموعة من المهارات التي تتطور مع مرور الوقت، ومع الممارسة لمساعدة الشخص على التصرف بتوازن واعتدال وحكمة ورحمة، مع المحافظة على السلْم الداخلي (الذاتي) والخارجي (مع الناس الآخرين) بغضّ النظر عن تشنّجات الوضع المحيط بالشخص. ولكن، إذا كان بالإمكان قياس أنواع الذكاء الأخرى، فإن مهمة قياس «الذكاء الروحي» تمثل تحدياً لمنظريها حتى لو اتفقوا على مفاهيمها الأساسية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4885 - الخميس 21 يناير 2016م الموافق 11 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:56 ص

      هل تتفق مع الجزئية اللخيره للمقال دكتور؟

      اخر جزئية في المقال الفرق المكتوب بين الدين والذكاء الروحي هل تتفق معه؟
      من وجهه نظري القاصرة ان كل الاديان السماوية كانت تعتني بالجانب الروحي والفطري وهناك عده ممارسات لها لإذكاءها واولها التأمل والتفكر في الكون والخلق .. فأنا لا ارى ان الفرق بين الدين والذكاء الروحي مثل ما كتبت

اقرأ ايضاً