العدد 4893 - الجمعة 29 يناير 2016م الموافق 19 ربيع الثاني 1437هـ

أليس للعمالة الوافدة حقوق؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

طرحت الحكومة مقترحات كثيرة لتنويع مصادر موارد الميزانية العامة للدولة، وتخفيض وإعادة الدعم للخدمات والسلع التي تقدمها الحكومة لعموم السكان من مواطنين ومقيمين، ومن تلك المياه والكهرباء وسلع استهلاكية كاللحوم بمختلف تصنيفاتها، ووضع أو زيادة الرسوم على التسجيل العقاري، وتراخيص العمل للعمالة الأجنبية، وفرض رسوم على الخدمات الصحية المجانية حاليا وغيرها من الخدمات وفي ذات الوقت طرحت الحكومة مقترحات بأن تتحمل العمالة الوافدة العبء الأكبر من رفع الدعم وزيادة الرسوم والتعرفات والضرائب، والخدمات والسلع المدعومة. كل ذلك على خلفية التدهور الكبير والسريع في أسعار النفط الخام بما كان عليه بحدود المئة دولار حتى 35 دولارا، وقد يهبط دون ذلك في حين تمثل العوائد النفطية ما يزيد على 85 في المئة من موارد الميزانية العامة للدولة، وقد أدى ذلك إلى عجوزات كبيرة في الميزانية المقترحة لعامي 2015 – 2016، ولجأت الحكومة إلى المزيد من الاقتراض ورفع سقف الدين العام، حتى عشرة مليارات دينار، وقد ترتفع أعلى من ذلك في ضوء الانهيار المستمر لأسعار النفط.

هل من الصحة تحميل العمالة الأجنبية، ومعظمها من ذوي الدخول المتدنية حتى حدود 60 ديناراً شهرياً مزيداً من الأعباء، بل إن الآلاف من العمالة الآسيوية غير الماهرة يعانون من بطالة مقنعة، ويعملون بتقطع في أعمال هامشية، وهم من يطلق عليهم عمال الفري فيزا. هل يجوز ذلك في ضوء ما يقدمونه من خدمات، وما يقومون به من أعمال صعبة وشاقة وخطرة تستهلك حياتهم؟ وهي مهن مثل أعمال البناء والصيد والزراعة والأشغال العامة، والتنظيفات وغيرها يأنف البحرينيون من القيام بها؟

وهل يتفق ذلك مع حقوق الإنسان، التي نصت عليها الشريعة الإسلامية والشريعة العالمية لحقوق الإنسان، وخصوصاً أن مملكة البحرين طرف في عدد من الاتفاقيات الدولية التي تحمى حقوق العمالة الوافدة؟ ألا يعتبر تحميل العمالة الأجنبية عبئاً منفرداً، أو عبئاً أكبر للخدمات العامة، وحرمانه من التعويضات التي تقدمها الدولة للمواطنين، كما هو شأن اللحوم، وما تنوي تقديمة مقابل البنزين مثلا تمييزا يحرمه ديننا وتحرمه الشرعة الدولية؟

قد تدغدغ هذه المعاملة التمييزية مشاعر المواطنين البسطاء، وتمتص غضبهم المتزايد جراء إجراءات الحكومة برفع الدعم وزيادة الرسوم وإمكانية فرض ضرائب مستقبلاً، ولكن لهذه الإجراءات نتائج سلبية أخلاقية واقتصادية، سترتد على المجتمع والبلاد بأسرها.

فإذا ما رجعنا إلى العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حيث مملكة البحرين طرف فيه. فإن المخاطب بهذه الحقوق هم الشعوب والحكومات والسكان بغض النظر عن كونهم مواطنين أو وافدين، وعندما خص البلدان النامية في المادة 2.3 فيما يتعلق بحقوق غير المواطنين فإنه ربطها بمراعاة حقوق الإنسان. كذلك اتخاذ الدولة إجراءات للحد من بعض الحقوق إلا بمقدار توافقها مع الحقوق المنصوص عليها وهدفها الوحيد تعزيز الرفاه العام. كما نصت المادة (5) على عدم جواز إهدار أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها.

أما المادة (6) الخاصة بالحق في العمل، فإنه يشمل كل شخص ولم تقل كل مواطن وكذلك الحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية، وبالنسبة للحق في تكوين النقابات المادة (8) فإنها أيضا تشمل جميع العاملين مواطنين ومقيمين وهذا الحق كفلته التشريعات البحرينية، لكنه في واقع التطبيق مختلف عن ذلك. كما أن حق تشكيل النقابات في القطاع الحكومي محظور تماما وهو ما يخالف العهد.

وتنص المادة (11) على حق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، وبهذا فإن فرض إجراءات تمييزية فيما يخص الخدمات والسلع المدعومة، ضد المقيمين هو خرق لهذه المادة، وخصوصا إذا ما علمنا ان غالبية من سيتأثرون بذلك هم محدودو الدخل من العمالة الآسيوية غير الماهرة أو عمال الفري فيزا. كذلك ما نصت عليه المادة (11) فيما يتعلق بحياة العمال المقيمين وبخاصة الغذاء والملبس والمسكن، حيث نعرف ان حياة الغالبية منهم بائسة، وستزداد بؤسا إذا ما طبقت بحقهم الإجراءات التمييزية، حيث سيضطرون لتخفيض استهلاكهم في خدمات الكهرباء والماء، والتحول في أنماط الغذاء، وسيتحملون كلفة ارتفاع رسوم تراخيص العمل من قبل ارباب العمل. وبالنسبة للمادة (12) المتعلقة بالحق في الخدمات الصحية الجسمية والعقلية، فإن غالبية العمالة غير الماهرة والمتدنية الأجور لا تتمتع برعاية صحية كافية، رغم انها متاحة مجانا، بسبب عدم قيام أرباب العمل بواجباتهم، لكن تحميل هذه العمالة كلفة الرعاية الصحية، سيفاقم الوضع الصحي لهؤلاء. وبالنسبة للحق في التعليم كما في المادة (13) فإنها أيضا لا تفرق بين المواطن والمقيم بالنسبة للتعليم الابتدائي والقانون والنص على مجانيته. وهناك بعض الدول تعطي امتيازات بما يخص كلفة التعليم الجامعي فقط للمواطنين.

وقد جاءت اتفاقية العمال المهاجرين التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الاول 1990، ورغم ان مملكة البحرين ليست طرفا في هذه الاتفاقية، الا انها أصبحت مرجعية عالمية لحقوق العمالة المهاجرة أو التي يطلق عليها عندنا عمالة وافدة أو مقيمة وهي مكملة لاتفاقيات العمل الدولية رقم 97/1949 و143/1975. وبموجب هذه الاتفاقية فإنه يتطلب من الدولة العضو أن تطبق عددا واسعا من القوانين والضوابط المتعلقة بحياة العمال دون تمييز على أساس الجنسية والعرق والدين والجنس. وكذلك تمتع العمال الوافدين بحقوق الإنسان بشموليتها وتفرعاتها بغض النظر عن وضعهم القانوني.

ومن المعروف أن الأمم المتحدة استحدثت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من الخبراء المستقلين والمناط بها مراجعة مدى تنفيذ الدولة العضو في الاتفاقية كل أربع سنوات حسب إجراءات تسمح بتقديم تقارير من قبل المنظمات المعنية غير الحقوقية الى جانب الحكومة ومناقشة الدولة في اجتماع يضم ممثلي الدولة وخبراء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من هنا فإن مملكة البحرين إذا ما طبقت إجراءات تمييزية ضد العمالة الوافدة فإنها تعرض نفسها للمساءلة وخصوصا في منظمة العمل الدولية ومجلس حقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الدول التي يأتي منها العمال الأجانب.

كما أنه مطلوب دراسة علمية للمردود المادي والخسائر المترتبة على رفع الدعم أو إعادة توجيهه وفرض رسوم جديدة هي بمثابة ضرائب على الخدمات الأساسية في مجال التعليم والصحة والعمل وغيرها.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4893 - الجمعة 29 يناير 2016م الموافق 19 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 5:45 ص

      أكبر منتهك لحقوق الإنسان هم الأمم المتحدة و الدولة الغربية، يعتبرون نفسهم شعب الله المختار
      البلد تهتز و الأرصاد الجوية في سبات

    • زائر 8 | 4:07 ص

      الارض ضاقت بأهلها

      البحرين أولى بشعبها ، الدول الثانية دايماً تحط الاوليات للشعب ، العامل الاجنبي اذا ما ناسبه الوضع في البحرين يقدر يسافر الى اي بلد ثاني او يرجع بلده الام. تقليل الضغوطات على العامل الاجنبي معناتها وضع ضغوطات اكبر على العامل البحريني المنتف اللي اصلاً مو ناقص.
      راتب المواطن البحريني العادي بالكاد يكفي لضروريات حياته فقط. الارض ضاقت بأهلها .

    • زائر 6 | 3:19 ص

      ..اعاذنا الله ..

    • زائر 4 | 12:30 ص

      اذا كانت المواطن حقوقه مهدورة الحين بس العمالة الاجنبية.
      اعتقد ان الاجهزة الرسمية تجامل الجاليات الاجنبية على حساب المواطن ولي انا شخصيا موقف في ذلك

    • زائر 3 | 11:26 م

      الحقوق الإنسان محفوظة في البحرين والدليل سجون خمس نجوم معامله وأكل احسن من البيت لا ويطالبون بالخلوه صج وجه قوي

    • زائر 11 زائر 3 | 6:11 ص

      حنقك على مواطن مظلوم في السجن دليل على أنك مواطن درجة أولى وإنسانيتك من النوع الراقي جداً!!! أما تكون ..... أو من أصول غير بحرينية

    • زائر 1 | 9:06 م

      و للمثلين ايضا حقوق نتمنى من الاستاد عبدالنبي العكري بلمطالبه بحقوق المثلين الي تقره الامم المتحده و كل منظمات حقوق الانسان نحن لا نريد زواج ولاكن فقط بدون عقاب او سجن للمثلي علنا .

    • زائر 2 زائر 1 | 10:29 م

      نعم أتفق معك

      الحقوق لكل إنسان وحتى الحيوان أعزك الله.

    • زائر 9 زائر 1 | 5:25 ص

      ثقافتنا و عاداتنا لا تسمح لهذه المطالبة و الافضل ..مجتمع اخر يقبل هذا و لكنك .. في ..و هذا المطلب مرفوض

اقرأ ايضاً