العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ

عصر ما بعد النفط والأجيال الحالية

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل عدة سنوات حين كانت الدول الخليجية تعيش في «بحبوحة» من الرفاهية الاقتصادية، أجريت لقاءً صحافياً مع أحد كبار المستثمرين «ممن يمتلكون المليارات»، وخلال اللقاء سرد لي هذا الملياردير قصة ربما تكون صادمة وغير معقولة أو مقبولة في ذلك الوقت مشيراً إلى أن هذه القصة ليست للنشر، وإنما لمجرد العلم بالشيء.

يقول «كنا في وفد يضم كبار التجار والمستثمرين الخليجيين في زيارة لجمهورية الهند قبل فترة بسيطة، وقد اجتمعنا مع المستثمرين والتجار في الهند، وهم بالطبع يفوقوننا ثروة وإمكانيات مالية بكثير».

ويضيف «جلس التجار الهنود أمامنا وهم يضعون رجلاً فوق أخرى، وراحوا يحدثونا بشيء كثير من التعالي وقال أحدهم وبنبرة فوقية»، إنكم الآن تستجلبون أبناءنا وبناتنا للعمل لديكم كعمالة رخيصة وأحياناً كخدم لديكم... وتذلونهم على الرواتب القليلة التي تتكرمون بها عليهم... ولكن ما هي إلا سنين قليلة حتى ينضب النفط لديكم، ولن تكون لديكم هذه القدرة المالية والاقتصادية، وحينها نحن من سنستقدم أبناءكم للعمل لدينا».

من أجريت اللقاء معه كان يريد أن يؤكد أن الدول الخليجية لم تستعد أو تبني اقتصاداً وتنمية بشرية لفترة ما بعد عصر النفط، في حين أن الدول الأخرى وضعت استراتيجيات وخطط تطور من قدراتها الاقتصادية المحدودة، وتبني مستقبلاً مشرقاً لأجيالها المقبلة.

ومع أن ما قاله المستثمر الهندي بعيد عن أرض الواقع، إذ أن جميع الدول الخليجية تستطيع إن أرادت أن توفر العيش الكريم وفرص العمل لأبنائها، حتى مع انتهاء عصر النفط، وإذ إن المواطنين في الدول الخليجية لا يشكلون إلا نسبة بسيطة من عدد السكان تتراواح بين 20 إلى 50 في المئة، إلا أن الخبراء يرون أن الجيل الحالي سيلاقي صعوبة كبيرة في الحصول على فرص عمل مجزية وذات قيمة إضافية عالية.

وبعكس جيل السبعينات الذي نشأ في ظل طفرة نفطية لم تكن متوقعة مما نتج عنه وفورات مالية ضخمة للدول الخليجية امتدت خيراتها لتصل إلى المواطن البسيط، ما خلق طبقة وسطى شاسعة، في ذلك الوقت الذي لم يكن هنالك منافسون حقيقيون للمواطن، ولم يكن الوافدون يشكلون النسبة العظمى من عدد السكان، فإن الجيل الحالي يعاني من صعوبة قصوى في الحصول على فرصة عمل لائقة أو فتح مشروع صغير، أو حتى العمل في الوظائف الدنيا لتوفير لقمة العيش لأسرته.

ولذلك فإن القدر والسياسات الحكومية، وضعت هذا الجيل ككبش فداء، يتحمل جميع الأخطاء التي مورست من قبل.

ما فشلت فيه الدول الخليجية في السابق من خلال خطط التوطين وإصلاحات سوق العمل والقضاء على العمالة السائبة، سيفرض كأمر واقع على الحكومات والقطاع الخاص، فمن جانب الحكومات الخليجية وهي تمر بمثل هذه الظروف لا يمكنها تحمل الكلفة الاقتصادية من توفير بنى تحتية وكهرباء وماء وخدمات صحية وتعليم ودعم للمواد الاستهلاكية والطاقة، لهذا العدد الكبير من الوافدين دون مقابل، ولذلك فهي الآن في طور فرض ضرائب ورسوم مقابل خدمات، سواء على الوافدين أنفسهم أو على الشركات والمؤسسات التي توظفهم، وعلى أقل تقدير فإن الحكومات الخليجية ستكون مجبرة في وقت لاحق على تقنين استجلاب العمالة الأجنبية وتحديد سقف أعلى على تعدادها في كل دولة.

ومن جانب آخر، فإن القطاع الخاص ونتيجة لارتفاع كلفة العمالة الأجنبية من حيث الرسوم والضرائب وكلف العلاج والخدمات سيطرّ غير مخير إلى إعادة النظر في جدوى استقدام العمالة الأجنبية وخصوصاً أن المليارات التي تحولها هذه العمالة لدولها الأصلية لا يستفيد منه الاقتصاد المحلي.

أما من جانب العمالة الأجنبية الرخيصة الأجر وغير النظامية، فإنها لن تستطيع تحمل مستويات المعيشة المرتفعة ولن تجني كثيراً من المال الذي يمكن إرسال الفائض منه لأسرها، وسترى أن لا طائل من التغرب مادام ما تحصل عليه من رواتب بالكاد يكفي قوت يومها.

بالطبع فإن مثل هذا السيناريو لن يحدث في ليلة وضحاها أو خلال سنة أو اثنتين، وإنما سيمتد لعدد من السنيين تتخلخل فيها أسواق العمل لحين اتضاح الرؤية، وستكون هذه الأجيال من الشباب الداخلين إلى سوق العمل هي الضحية الأولى لهذا التصحيح في علاقات العمل.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4894 - السبت 30 يناير 2016م الموافق 20 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 5:25 ص

      السؤال

      ماهو مصير الخليج مابعد النفط سؤال منطقي ونحب أن نعرف الجواب

    • زائر 11 | 2:20 ص

      سؤال بسيط الحين يطالبون الكل بالمشاركه وتحمل عبء هبوط سعر النفط علي ميزانيه الدوله ولكن ماذا لو ارتفعت الاسعار واجزم هنا بانها سترتفع الي 70 دولار مع نهايه 2016 هل سيتم ارجاع الدعم للمواطنين وهل سوف يستفيد جميع المواطنين ام فقط في القطاع الحكومي كما عودنا من قبل

    • زائر 9 | 1:10 ص

      زاير 7 جربوكم في العراق مافلحتوا وجوف لبنان واقنع بعد 79

    • زائر 13 زائر 9 | 2:34 م

      كلام سليم

      يا عزيزي المشكلة بينتظرو الأوامر بكل شي يعملوه من الذي يسمونهم مرجعيه،،،،، تخلّف في تخلّف

    • زائر 8 | 12:40 ص

      اصلا دول الخليج بدو وقبائل يستطيعون أن يعيشوا علي التمر والماء اما عن النفط فإنه بيكفينا ليوم القيامه لاتحاتي

    • زائر 7 | 12:38 ص

      لا يعتبروننا شعبا له حق المشاركة في صنع مستقبله ومستقبل بلده لكنهم يحمّلوه نتائج فشل سياستهم.
      الحين صرنا شعب وعلينا تحمّل نتائج فشلكم

    • زائر 5 | 12:08 ص

      من لديه أزمة اقتصادية لا يوغل في التجنيس الى هذه الدرجة التي اغرقت السفينة.
      من لديه ازمة مالية لا يقوم بشراء هذه السيارات الفارهة والباهظة الثمن للنوّاب والوزراء.
      من لديه ازمة مالية لا يصرّ على الحلّ الامني الذي انهك البلاد والعباد فمصاريفه بمثابة مصاريف بلد في حرب
      من لديه أزمة مالية لا يقتصر في التقشّف على قوت الفقراء فقط
      من لديه ولديه ولديه : وضعكم لا يمكن ان يقنع شعبكم بأن لديكم ازمة اقتصادية او مالية

    • زائر 6 زائر 5 | 12:19 ص

      الأزمة المالية فقط على المواطن

      هم ما صادهم ذرة من هالتقشف والأزمة علشان جذي مومهتمين ومواصلين في التجنيس والفساد واللعب وشايفين الناس ساكته
      موشوي الي عندهم من بوق وسرقة الناس طول هالسنين وإلى الحين والي باجر مدام مافي شي اموقفنهم عند حدهم
      لكن عساه زقوم في جبودهم وصحتهم واغلى ماعندهم وحوبتنا ماتتعداهم بحق محمد وال محمد

    • زائر 4 | 11:58 م

      ليت شعب البحرين كله يطلع صغار وكبار يعترض علي التجنيس وغيره

      مثل أيام الدوار سنة وشيعة ..المواطنين الاصليين وايقفون وقفة قدام هالحكومة ومسيرة موحده
      بدل ما في مسيرات في القرى تصد ....
      مع احترامي وتقديري لكل شاب . يطلع في المسيرات ويعترض علي هالي صاير في الديرة وايدافع عنا ..اقولها لهم انتم بحق شيعة الإمام علي عليه السلام

    • زائر 2 | 11:32 م

      أن المليارات التي تحولها هذه العمالة لدولها الأصلية لا يستفيد منه الاقتصاد المحلي.

      ومن جانب آخر، فإن القطاع الخاص ونتيجة لارتفاع كلفة العمالة الأجنبية من حيث الرسوم والضرائب وكلف العلاج والخدمات سيطرّ غير مخير إلى إعادة النظر في جدوى استقدام العمالة الأجنبية وخصوصاً أن المليارات التي تحولها هذه العمالة لدولها الأصلية لا يستفيد منه الاقتصاد المحلي.

    • زائر 10 زائر 2 | 2:01 ص

      الفرق بين البحريني والأجنبي

      البحريني ييي ويظيفة وما يشتغل ، أما الأجنبي سبب غربته هو العمل ويعرف انه في منافسة ويمكن إبداله اذا لم يقم بعملة . الإمارات لا تفرق بين مواطن وأجنبي من ناحية التوظيف .. توظف حسب الخبرة ولهذا المواطن يتعب على روحه لينافس ويتوظف . أما البحريني يجلس. بالبيت عاطل سنوات ينتظر الوظيفه اللي قانون البحرنة ممكن يوفرها له.

    • زائر 1 | 10:11 م

      لن نسكت أكثر فالساكت عن الحق شيطان أخرس

      البحرين دولة خليجية لاننا من ضمن دول الخليج يعتبرونها لكن إذا أتينا للواقع نحن دولة خليجية بالاسم فقط لكن لا نعيش كباقي الدول الخليجية رقم صغر مساحتها المواطن البحريني يعيش فيها فقير ويموت فقير المواطن فيها مطحون من كل الجهات ومسلوب من أقل حقوقه كالسكن والعمل المحترم الذي يكون مدخوله مناسب له ولاسرته كل شيء يحصل عليه من الحكومة يا أن يكون مكرمة ام هبه الإنسان البحريني انسان قنوع لكن الدولة لا ترحم هذة القناعة فيه فلازالت مستمرة بقتله ببطىء لا نقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 3 زائر 1 | 11:51 م

      حسبي الله ونعم الوكيل

      لأنه الكل ساكت و اليد وحده ماتصفق ...... ماخذه راحتها في النهب والفساد والبوق من مال الشعب والمواطنين مافي رادع ..والي اتكلمو أكم ياشهداء يامسجونين
      المشتكى لله وحده والله ايعينا وايعين اولادنا علي الي جاي

اقرأ ايضاً