العدد 4897 - الثلثاء 02 فبراير 2016م الموافق 23 ربيع الثاني 1437هـ

هل التوحُّش والقتل من طبيعة الإنسان؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في الشهر الماضي نشرت المجلات العلميَّة والصحف المرموقة خبراً عن اكتشاف علماء الآثار (من جامعة كامبريدج البريطانيَّة) لمذبحة بشعة وقعت في منطقة ناتاروك ، بالقرب من بحيرة توركانا في كينيا، ووجد العلماء بقايا 27 شخصاً على الأقل، وأنَّ اثني عشر من تلك الهياكل العظمية لازالت في وضعها المكتمل نسبيّاً، وأنَّ على الأقل عشرة من الهياكل ماتت بصورة متوحِّشة، على إثر صدمات على الرأس وجروح أكثر وضوحاً في الرأس والرقبة، ومن المحتمل أنَّها كانت بسبب سهام. كما أنَّ اثنين من الهياكل كانت يداهما مربوطتين قبل قتلهما.
المجزرة بحسب علماء الآثار ارتكبت منذ حوالي «عشرة آلاف سنة»، وإنَّ المقتولين كانوا يعيشون ضمن فئة hunter-gatherers ، وهم بشر كانوا يعيشون قبل الحضارة (قبل التاريخ) على الصيد. هذا الاكتشاف قلب النظريات الحاليَّة رأساً على عقب، إذ كان العلماء يعتقدون بأنَّ الإنسان لم يدخل في الحرب المنهجيَّة في هذه الفترة التي تُسمَّى «ما قبل التاريخ»، وأنَّ الحرب - بحسب الاعتقاد السائد لدى العلماء - بدأت في فترات لاحقة عندما استقرَّ الناس في مجتمعات أكثر تطوراً، ومن ثم اختلفوا فيما بينهم، وعندما لم يتمكنوا من حلِّ خلافاتهم سلمياً كانت الحروب الطاحنة تنطلق فيما بينهم.
لقد عقَّبت صحيفة «نيويورك تايمز» على هذا الخبر بالإشارة إلى أنَّ هذا سيُعيد النقاش حول نظريَّتين في السياسة، إحداهما للفيلسوف توماس هوبز، والثانية للفيلسوف جان جاك روسو. هوبز طرح في العام 1651م أنَّ من طبيعة البشر أن تنتهي بهم الأمور إلى «حرب الكل ضدّ الكل»، وأنَّ الخوف المستمر من الموت هو السبب في دخول البشر على اتفاق لتسليم الأمر لسلطة سياديَّة تحسم الأمور فيما بينهم رغماً عنهم. أمَّا روسو، فقد طرح في 1754م، نظريَّة معاكسة، وقال إنَّ طبيعة البشر تكمن في الفضيلة، وإنَّهم في حالتهم البدائيَّة كانوا سلميِّين، ولذا فإنَّ المجتمع الآمن هو الذي يرجع أفراده لطبيعتهم عبر الإيمان بالصالح العام، وأن يتنازلوا عن بعض حريَّاتهم الشخصيَّة لصالح سلطة عامَّة تُمثِّل إرادتهم المجتمعة، تحفظ حقوقهم وترعى مصالحهم.
ليس واضحاً فيما إذا كان الاكتشاف الأخير سيؤكِّد وجهة نظر هوبز على حساب روسو، ولكن الاهتمام بالاكتشاف الأخير جاء بسبب انتشار ظاهرة التوحُّش في مجتمعات عديدة، وكثير من الاقتتال الدنيوي يجري حاليّاً باسم الدِّين، ولاسيما في مناطق وبلدان المسلمين الذين يفترض أن تسود فيما بينهم معاني الخير والعطاء.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4897 - الثلثاء 02 فبراير 2016م الموافق 23 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 11:24 ص

      اوجعت قلوبنا بهذا المقال هل يوجد توحش اكثر من الذي حدث في زماننا ؟؟؟ ...... ام محمود

      ماذا تسمي مجزرة سبايكر التي ذهب ضحيتها اكثر من 1700 شاب او جندي شيعي من خيرة الجنود العراقيين اي توحش اكثر من الذي حصل في سوريا و العراق و التفجيرات المستمرة منذ سقوط صدام و الملايين الذين قتلوا في عهد صدام وبعده اي توحش افظع من الذي عملته داعش طوال سنتين خاصة تفجير المساجد و قتل الأبرياء و قطع الرؤوس و حرق الناس أحياء والتفجير قرب السيدة زينب ع والفظائع في جبل سنجار اي توحش اكثر من قتل الشباب ايام الثورات العربية وهذا العام تقول التنبؤات انه سيتميز بالقتل والتفجيرات والحروب والقتل في كل مكان

    • زائر 9 زائر 6 | 5:05 م

      ..

      وماذا عن قتل الأطفال والنساء والعجائز جوعاً في مضايا وأماكن أخري في سوريا ؟؟

    • زائر 5 | 3:22 ص

      رسالة من مواطن ياريت تكتب مقال الوسط عن الاستحمام في الشتاء وفوائدة من ناحية النظافة والنفسية والاجتماعية والاسرية - ايها الشعب ارجوا الاستحمام قبل ارتفاع سعر الماء وقبل نفاذ الكمية - سارعوا الى النظافة والتنظيف فيكفينا الروائح السياسية والارهاق اليومي - نريد انتعاش - حيوية - وجوه مبتسمة نظيفة - ليس فقط الاهتمام بالمظهر الخارجي - الماء البارد جيد للصحة - واركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب

    • زائر 4 | 2:59 ص

      المفارقة هي أنه في كلا النظريتين تؤمنان بتسليم الأمور إلى سلطة تدير الأمور و تحافظ على السلم و إدار الحقوق و الواجبات لمنع الاقتتال و التوحش بين الناس .. و لكننا نرى في هذا العالم أن السلطات هي التي تحرض على القتل و الظلم ..الخ

    • زائر 8 زائر 4 | 5:01 م

      ...

      كما في إيران وسوريه

    • زائر 3 | 1:03 ص

      الانسان مثل الشجرة حيثما تقومه يقوّم ويعتدل
      وحين تغرس شجرة مثمرة ونافعة يكن لك اجر ومن يزرع الفكر الارهابي فهو شريك في كل عملية يقوم بها الارهابي

    • زائر 1 | 12:26 ص

      الانسان قابل للارتقاء لمستوى الملائكة وقابل لأن يهوي لأسفل السافلين ويكون أسوأ من الشياطين.
      البعض يستغل الجانب الشيطاني في الإنسان وينميه من أجل اطماع سياسية وجشع جهنمي .
      بعض المذاهب الفكرية هكذا تخرّب الانسان

    • زائر 7 زائر 1 | 5:00 م

      أحسنت

      أحسنت،. كلامك صائب تماماً

اقرأ ايضاً