العدد 4913 - الخميس 18 فبراير 2016م الموافق 10 جمادى الأولى 1437هـ

العمل الاجتماعي في بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

العمل الاجتماعي المرتكز على قيم الشفافية والالتزام المسئول مطلب استراتيجي في خطط التغيير والبناء الاجتماعي، وترتكز مقاصده على محاور العمل الموجّه لمعالجة المعضلات الاجتماعية والقضايا المرتبطة بالأمن البيئي والإنساني، وتعزيز البناء القيمي والأخلاقي للمجتمع، ونشر ثقافة المعرفة، وقيم التسامح والسلم الاجتماعي، والشراكة المجتمعية والتنوير بأهمية التعليم للتنمية والنماء الاجتماعي، والمساهمة في جهود العمل لمحو الأميّة والحدّ من مظاهر الفقر والجوع، وتحصين قطاع الشباب من خطر المخدرات والجريمة، ودعم خطط العمل التنفيذي الموجهة إلى بناء الوعي والسلوك البيئي ونشر ثقافة المعارف البيئية، وصون معالم النظام البيئي، وبناء مجتمع واعٍ ومستدام، وتدخل تلك المحاور في مجموعها ضمن منظومة أهداف التنمية المستدامة الـ17 لخطة التنمية المستدامة للعام 2030 التي اعتمدها المجتمع الدولي في (سبتمبر/ أيلول 2015) وبدأ نفاذها رسميّاً في (1 يناير/ كانون الثاني 2016).

المجتمع هدف ومحور رئيس في خطط العمل التنفيذي للمؤسسة الاجتماعية الموجهة في مسار عملها لبناء السلوك البشري والوسيلة المهمة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، وتدخل الوظائف والمهام المجتمعية والمؤسسية في معادلة متناغمة الأداء تتفاعل ضمن خلية واحدة في منظومة عملها ومنجزها للارتقاء بمفاهيم الثقافة القيمية للمجتمع، ويشكل المجتمع بمختلف قطاعاته وفئاته القطب الرئيس المستهدف والوسيلة الفعلية في منظومة العمل لبناء وتغيير السلوك البشري بمفهومه الشامل، ويمكن بالارتكاز على المبادئ السليمة للتخطيط البرامجي والعمل الإداري أن يساهم العمل الاجتماعي المنظم في التأثير الايجابي على السلوك الاجتماعي وإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

النشاط الاستراتيجي الذي تبنَّاه نادي باربار الثقافي والرياضي وتجسد في خطة العمل التنفيذي لبرنامج يوبيله الذهبي يمثل نموذجاً إيجابيّاً للعمل الاجتماعي الموجه في أهدافه التنموية والتنويرية، ويُعدُّ خطوة استراتيجية في الاستفادة من المؤسسة الاجتماعية لبناء السلوك البشري وإنجاز اهداف التنمية المستدامة، ويمكن تشخيص مسار ذلك الجهد في اتجاهين رئيسيين متداخلين في منظومة محاورهم وأهدافهم، يتمثل اﻻتجاه الأول في إبراز حقائق الجهود والمنجزات التي حققها النادي في سياق مسيرته التاريخية طوال خمسين عاماً منذ إنشائه، وتتمحور حول الأنشطة ذات اﻻرتباط بمصالح المجتمع المحلي، ويتمثل اﻻتجاه الثاني في تنظيم الندوات الفكرية والثقافية والبيئية التي عالجت قضايا مهمة ولامست محاورها اهتمامات المجتمع وحفز الوعي اﻻجتماعي بضرورة بناء الشراكة المجتمعية ووضع الخطط المشتركة الموجهة والمؤسسة في أهدافها لإحداث تحول نوعي في مفاهيم المسئولية والسلوك الاجتماعي.

المفاصل الرئيسة للمؤشرات التاريخية لأنشطة نادي باربار طوال خمسين عاماً التي يمكن الارتكاز عليها في تشخيص جوهر محددات العمل الاجتماعي في التأثير الايجابي على واقع المجتمع المحلي، يمكن حصرها في:

1 - اﻻهتمام بالقضايا المعرفية، ومحو الأمية وتنظيم الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي جرى في سياق مسارات عملها تنظيم الأمسيات الثقافية والأدبية والمسرحيات الهادفة، وبناء مكتبة دُعِمت بالكتب في مجال المعارف والعلوم المختلفة الى جانب تنظيم المحاضرات التنويرية والمهرجانات التخصصية في المجالين الصحي والبيئي.

2 - بناء الأسس الرئيسة لبدايات نشاط العمل الخيري في قرية باربار في سبعينات القرن الماضي، واستفاد من خدماته عدد من الأسر المحتاجة وجرى ضمها ضمن نظام الضمان الاجتماعي.

3 - تبني سياسة الحرب على المخدرات والعمل في سياق ذلك على احتضان فئة الشباب والناشئة وتوعيتهم بمخاطر المخدرات والتعاون مع وزارة الداخلية وجمعية باربار الخيرية في تنظيم حملة مشتركة لمكافحة ظاهرة المخدرات والتوعية بمخاطرها الاجتماعية.

4 - اﻻهتمام بتنمية القدرات المعرفية للشباب، وتنظيم المسابقات الاحترافية في المجالين المعرفي والثقافي وتشكيل فريق مدرب شارك في المسابقات الثقافية على المستويين الوطني والخليجي وحصل على مركز متقدم على مستوى مجلس التعاون الخليجي.

5 - وضع قضايا التنمية في القرية في مقدمة أولويات اهتمامات عمل النادي، وجرى في سياق ذلك رفع مطالب القرية واحتياجاتها الخدمية الى المؤسسات المختصة والمعنية وتكلل ذلك العمل ببناء شبكة التصريف الصحي ورصف الشوارع وانارتها وتسوير المقابر وبناء حديقة عامة للقرية.

6 - وضع خطة لاستقطاب واحتضان الناشئة والاهتمام بتحصيلهم التعليمي وتدريبهم وتهيئتهم للارتقاء بالجانب الرياضي في كرة التنس واليد والتمكن من الحصول على مراكز متقدمة في كرة التنس، وبناء فريق متميز لكرة اليد يتمتع بكفاءات عالية حصل على بطوﻻت وطنية وشارك لاعبوه في المنتخب الوطني وفي دورات اقليمة وعالمية واكدوا كفاءتهم المهنية العالية.

برنامج اليوبيل الذهبي حلقة مهمة في تعزيز قيمة الإنجازات التاريخية، وإن الأنشطة الثقافية والفكرية والبيئية والصحية والخدمية التي جرى تنفيذها وشاركت في تقديم موادها شخصيات فكرية وأدبية وباحثون ومختصون بحضور أبناء باربار تركت أثرها الايجابي على ثقافة ووعي المجتمع المحلي، وساهمت في حفز قطاع مهم من المجتمع مع ما جرى طرحه من مرئيات في الندوات والمحاضرات، ويمكن تبيان ذلك في المقترحات التي تقدم بها عدد من الشخصيات المهمة في باربار في العمل على تعزيز ذلك التوجه، وابداء اعجابهم بمقترح المفكر البحريني علي محمد فخرو الذي سجل اضافة مهمة في المشروع الثقافي للنادي إذ كان لمقترحه في شأن ابتكار البدائل في حفز الشباب للمساهمة في العمل الثقافي لإثراء معارفهم الثقافية، وتنشيط الحراك الثقافي في النادي صدى ايجابيّاً وأثره في التنوير اﻻجتماعي.

مؤشرات مهمة تدلل على أهمية العمل الاجتماعي في البناء والتغيير، بيدَ أن الأهم في ذلك هو أن نحسن الاستفادة من هذه الأداة في تنفيذ البرامج المفيدة في بناء مجتمع المعرفة والتغيير الاجتماعي للتمكن من إنجاز أهداف التنمية المستدامة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4913 - الخميس 18 فبراير 2016م الموافق 10 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً