العدد 4933 - الأربعاء 09 مارس 2016م الموافق 30 جمادى الأولى 1437هـ

الفراغُ السياسيُّ يُنتِجُ الدولة الفاشلة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ما الذي يجعل دولاً غنية في مواردها المالية، مثل العراق وليبيا، تتجه نحو صيغة «الدولة الفاشلة»؟، الجواب هو ذاته السبب الذي يجعل دولاً أخرى غير غنية بالموارد تتجه أيضاً إلى صيغة «الدولة الفاشلة»، وهذا السبب هو حدوث «الفراغ السياسي»، بمعنى إفقار العملية السياسية، أو إفراغها، وبالتالي تكون البلاد تحت رحمة القبضة الأمنية التي تنهك الموارد. تتفاعل الأحداث بصورة متوقعة وتنتج القبضة الأمنية فراغاً سياسيّاً، وإنهاكاً لنسيج المجتمع وبعدها تتكون ولاءات دينية وقبلية وإثنية ومناطقية لتحتل مكانة أعلى من الولاء الوطني، ومن ثم تدخل المصالح الخارجية على الخط، ومع تضارب كل ذلك تتجه الحالة نحو وضع «الدولة الفاشلة»، أو العاجزة عن التنمية بما يلبي الطموحات.

العراق أنموذج صارخ للعجز السياسي، إذ إنه وبعد العام 2003 شعرت فئات من المجتمع أنّها استبعدت من هرم السلطة، وعجزت النخب التي تسلمت الحكم عن إيجاد صيغة عملية لتسيير الأمور الحياتية اليومية، بحيث أصبحت بعض المتطلبات الأساسية، مثل خدمة الكهرباء المستمرة، مطلباً يصعب تحقيقه على رغم توافر المواد المالية. كما أن المحاصصة الطائفية والفساد الإداري أدّيا إلى هدر الموارد بصورة جنونية. وفي الأسبوع الماضي حاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تثبيت قواعد جديدة للسياسة عبر اجتماعات مع قادة أحزاب واتجاهات، ورؤساء كتل برلمانية، لكن يبدو أنَّ تلك الاجتماعات زادت من الاختلافات والتهديدات المتبادلة.

الوضع في ليبيا أسوأ، إذ الاختلافات بين المناطق والقبائل، وتنظيم «داعش» يركز نفوذه في المناطق التي سيطر عليها، ويسعى إلى خلق حالة من الفوضى في تونس، من أجل القضاء على أي أمل لنجاح أية تجربة ديمقراطية؛ ومنع تلبية تطلعات الناس الذين خرجوا في ثورة الياسمين في نهاية 2010 ومطلع 2011 مطالبين بحرية سياسية وكرامة العيش.

مع ازدياد حالات «الدولة الفاشلة»، يتحول الأمر إلى ما يشبه العدوى في المنطقة، وهي عدوى قد تنتشر بصورة غير محسوبة وغير متوقعة. فمثلاً، عندما ينهزم تنظيم «داعش» عسكريّاً في سورية والعراق، فإنَّ أفراده سينتشرون في أماكن أخرى، كما أنَّ حالة الاستقطاب الطائفي في المناطق تنهك الموارد بالحروب والحملات الأمنية التي تتوسع باستمرار. الكثيرون يرددون أنه لا مخرج مما نحن فيه إلا من خلال «السياسة»، وذلك لأن قتل العمل السياسي السلمي ينتج الأوضاع المأساوية التي نشهدها حاليّاً.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4933 - الأربعاء 09 مارس 2016م الموافق 30 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 2:37 ص

      العقليات الخبيثه

      هي التي تحول الدول الي دول فاشله ،سواء وجدت هذه العقليات في الجهات الامنيه أو من يطبّق السياسه الامنيه أو وُجِدت هذه العقليات في مدّعي السياسه الذين يختبؤون خلف مصطلح السياسه أو كلمة السياسي حتي يعملوا علي إفشال الدولة لتحقيق مآربهم الشخصية الدنيئه أو لتحقيق مخططات خبيثه لإشاعة الفوضوي والدمار في دول بعينها. دكتور ذكرت بعض الأمثله الحيّه عن الدول الفاشله وهي تجمع كل ما أشرتُ اليه في تعليقي القصير، ولكن هناك دولة فاشلة أخري لم تشر إليها أفشلها السياسيّون وهي لبنان .

    • زائر 13 | 1:27 ص

      العدل

      العدل أساس الحكم ...

    • زائر 12 | 1:19 ص

      وكذالك في لبنان ... والسبب حزب الله دكتور. نهاية لبنان سوف تكون اسوى من ليبيا و سوريا والعراق!

    • زائر 11 | 12:49 ص

      لماذا نحن العرب كإخوة يوسف يقتل بعضنا بعضا وندمّر بلداننا بأيدينا؟
      ألم نشبع من دماء بعضنا البعض؟
      الى متى نهدر ثرواتنا في الحروب التدميرية لبلداننا بدل ان نعمّرها ونبنيها ونجعلها من افضل بلدان العالم؟
      لماذا زخّات بسيطة من المطر تكشف لنا هشاشة البنية لدينا بينما نشتري بأموالنا أغلى الأسلحة لتدمير انفسنا واخوتنا؟

    • زائر 10 | 12:24 ص

      التخلي عن المواطنة الجامعة للشعوب وأنقسام هذه الشعوب إلى ولاءات متضادة

    • زائر 9 | 12:04 ص

      ليس العراق وحده ! وانما ..... كذلك , شعوبهم نصف الوافدين , ولا يعرفون مهنه وحياتهم تسير بقوى الآسويين . فقليل منهم بهُم (وليس بهم )

    • زائر 8 | 11:52 م

      خلق الانسان أولا قبل الدوله , والأول اصعب , ولا يتحقق الثاني الا بإيجاد الأول .

    • زائر 7 | 11:50 م

      هناك سبب آخر في افشال العمليه السياسيه في العراق , وهو الحمق و الغباء في الاتباع الاعمى للقيادات الغير مؤهله , السبب الثاني الشعب العراقي شعب تبعي , غير مثقف تثقيف اجتماعي و سياسي وديني صحيح . و الطائفيه لها الاوليه قبل كل شيئ . يا للسذاجه و يا للغباء , يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي الداعشيين , يعرفون الخطأ ولا يتراجعون عنه .

    • زائر 17 زائر 7 | 2:46 ص

      زائر 7

      أتفق معاك في ماقلته عن العراق وينطبق هذا الحكم علي شعوب أخري أيضاً

    • زائر 6 | 11:49 م

      مقومات .....

      الدولة الفاشلة هي التي تفتقد لمقومات الحكم الرشيد ومن أهمها إرضاء القواعد الشعبية وإشراكها في القرار والثروة وإدارة البلد بالصورة التي تشعرهم بالرضا والتحفيز الذاتي والانتماء لمؤسسات الدولة.
      أما الإقصاء والتمييز والتعامل الفوقي بالقبضة الأمنية في الخلافات السياسية فنتيجتها إنهاك البلد اقتصاديا وأمنياً.
      شكراً دكتور.

    • زائر 5 | 11:05 م

      بلى

      المشكلة في العقول التي يفرض عليك الواقع ان تتعامل معها والظرف والمكان .فهل كان رسول الله (ص)يستطيع ان ينطلق بدّعوه من قريش؟ أم تغير المكان بالأمر الإلهي بالهجره الى يثرِب لتوفر مقومات التغيير؟

    • زائر 2 | 9:46 م

      دولة فاشلة: طيب ما الذي أفشل هذه الدولة رغم وجود الثروات؟
      ما هي الاسباب التي أدت الى هذا الفشل؟
      من هي الدول التي ساهمت وتساهم في تدمير هذه الدول؟
      هل الحكم الظالم والجائرة وحده هو الذي أدّى الى هذا الحال؟
      هناك دول عربية ساهمت بصورة او بأخرى في تدمير وليس افشال هذه الدول

    • زائر 1 | 9:15 م

      اصبت يا استاذ. ولكن هل من متعض؟

اقرأ ايضاً