العدد 4941 - الخميس 17 مارس 2016م الموافق 08 جمادى الآخرة 1437هـ

شهر البيئة وسيلة بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

تزدهر الأنشطة النوعية للنشاط البيئي على المستويين العالمي والوطني في هذا الفصل من السنة، كما تزدهر الورود في الربيع، إذ تنشط الفعاليات الاحتفالية بإحياء المناسبات البيئية المتنوعة في موضوعاتها ومقاصدها البيئية وتستهدف مناشطها نظم البيئات الطبيعية وقطاعات المجتمع المختلفة، ويكون لهذا النشاط خصوصيته في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تشهد بلدان المنطقة أنشطة بيئية متنوعة الأهداف والوظائف، ويرتبط ذلك النشاط بظروف المناخ المعتدل في هذا الفصل من السنة، الذي يوفر ظروفاً ملائمة ومساحة في حرية الحركة والنشاط اﻻجتماعي في البيئات المختلفة إلى جانب اعتماد دول المنطقة احتفالاتها الوطنية بيومها البيئي.

ذلك الواقع يمثل عاملاً رئيساً في حفز دول المنطقة تبني باقة من الأنشطة البيئية يجري في سياق منظومتها تنظيم المهرجانات التوعوية في المناطق البرية والساحلية والحدائق العامة والمتنزهات لتوجيه رسائل بيئية إلى مرتادي المعالم البيئية والاجتماعية، وحثهم على انتهاج السلوك الرشيد في أنشطتهم الترفيهية.

دول التعاون الخليجي تعمل أيضاً على تنظيم المؤتمرات البيئية العالمية التي تستقطب المنظمات الدولية المتنوعة الوظائف والاختصاصات والعلماء والمختصين في حقل العمل البيئي، كما هو عليه واقع الحال في النشاط البيئي العالمي الذي يجري تنظيمه في يناير/ كانون الثاني - فبراير/ شباط من كل عام في مدينة أبوظبي، وورشة العمل الدولية لصون الحيوانات البرية المهددة بالانقراض في بيئات شبه الجزيرة العربية التي يجري تنظيمها في منتصف فبراير منذ العام 2000 في مدينة الشارقة بدولة الإمارات، ويتفاعل مع الأنشطة البيئية الى جانب المختصين والمنظمات والمؤسسات المختصة في الشأن البيئي القطاعات التربوية والأكاديمية والمهنية والإعلامية وقطاع المجتمع المدني ويترك ذلك الحراك بمستويات مختلفة أثره الفعلي على واقع مناهج الخطط التنفيذية للمشروع الوطني البيئي في بناء السلوك البشري وإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

البحرين معادلة مهمة في منظومة العمل البيئي الخليجي ودرجت في 4 فبراير مناسبة اليوم الوطني للبيئة تنظيم مجموعة من الفعاليات البيئية، وفي إطار استراتيجية العمل التنفيدي لتفعيل دائرة مناشط التوعية البيئية والشراكة المؤسسية في إنجاز أهداف التوعية، وبناء القدرات البيئية وتعزيز قيم التنمية المستدامة في مفاهيم السلوك والثقافة المجتمعية تبنت هذا العام تجربة جديدة في أنشطة التوعية البيئية ترتكز على مبدأ الشراكة في تعميم مفاهيم الثقافة البيئية، إذ أعلن المجلس الأعلى للبيئة عن تنظيم شهر البيئة، ويضم برنامجه التنفيدي باقة من الفعاليات البيئية يشترك في تنفيدها مجموعة من مؤسسات القطاع الحكومي والخاص والتربوي والمجتمع المدني.

التنوع في محاور وموضوعات برنامج شهر البيئة صفة تميز طبيعة أنشطته ونوع الأطراف المؤسسية والشخصيات المختصة الداخلة ضمن منظومة عمله التنفيدي ويشمل البرنامج إضافة إلى الأنشطة الميدانية والتعليمية والمهرجانات التوعية وحملات التنظيف، ومعارض الصور المهتمة بقضايا الحياة الفطرية، ويضم البرنامج أيضاً فعاليات مهمة في بعدها الاستراتيجي في المجال البيئي تتمثل في ورش العمل المختصة التي تعالج قضايا التنمية المستدامة، والمحاضرات التي تسلط الضوء على قضايا حماية البيئة، والاستكشافات الأثرية وعلاقتها بتاريخ البحرين الطبيعي، والنهج الاستراتيجي للإدارة الدولية للمواد الكيماوية، وملتقى الشراكات الدولية الذي يعالج محور الاستراتيجيات الخضراء، التكنولوجيا ومصادر التمويل «مفتاح التنمية»، ومؤتمر البحرين الدولي لحماية البيئة.

المجتمع المدني قطاع مهم في خريطة العمل البيئي، وتفاعل بمسئولية في دعم مبادرة المجلس الأعلى للبيئة في بناء خطة شهر البيئة ويساهم في البرنامج جمعية المهندسين البحرينية وجوالة نادي المالكية، وجمعية الشباب والبيئة، وتأكيداً على توجهها الاستراتيجي في بناء شراكة فاعلة في إنجاز أهداف مشروع البحرين البيئي الموجهة لتعزيز قيم التنمية المستدامة في مفاهيم وثقافة السلوك الاجتماعي، بادرت جمعية البحرين للبيئة في تبني منظومة من الأنشطة البيئية ويتضمن برنامج الجمعية تنظيم محاضرات بيئية في عدد من المؤسسات الاجتماعية والثقافية، وتعالج قضايا بيئية مهمة ضمن استراتيجية العمل البيئي وتشمل السلوك الاجتماعي والتنمية المستدامة، الرقابة الاجتماعية في الحفاظ على نظافة المحيط البيئي للإنسان، المسئولية الاجتماعية في صون بيئات المناطق البحرية والساحلية، الشراكة في إنجاز أهداف المجلس البلدي الخدمية والبيئية، ووقفة بيئية على ساحل باربار تحت شعار «لا تترك أثراً» ومهرجان بيئي على ساحل المالكية.

الإعلام منهج ووسيلة مهمة في تعميم رسالة البرنامج وأهدافه في بناء مفاهيم ثقافة السلوك البيئي للمجتمع، ويمكن الاستفادة من الأدوات الإعلامية ضمن خطة برنامج شهر البيئة في قراءة مستوى الوعي البيئي للمجتمع، والعمل على إجراء تحقيقات إعلامية مع مختلف فئات المجتمع المحلي، وإعداد التقارير الإعلامية التي تبرز جوانب الممارسات والأنشطة الضارة بالإنسان والبيئة، ويمكن بالارتكاز على مخرجاتها وضع المؤشرات المحورية لبناء استراتيجية مؤسسة الأهداف والمناهج العملية، لتغيير وبناء السلوك البيئي للمجتمع وذلك يمثل إضافة استراتيجية لمنجزات أنشطة شهر البيئة من المفيد الأخد بمحدداتها، وتفعيلها بشكل ملموس في بناء خطة تنفيدية للتوعية وبناء القدرات البيئية.

مبادرة شهر البيئة إضافة مهمة وخطوة استراتيجية في بناء تقليد مؤسسي للشراكة في العمل البيئي، ويمكن أن تسهم في الارتقاء بمقومات الشراكة الموجهة في أهدافها ومأسسة آليات عملها التنظيمي والإداري وخطط العمل التنفيذي في مجال التوعية البيئية، بيد أن التجربة في حاجة إلى مؤشرات منهجية لدراسة جدوى وفوائد برامجها وتَبين المخرجات العملية التي يمكن أن تساهم في تطوير آلية وخطط العمل التنفيذي لشهر البيئة، لضمان بقاء وتطور وتعزز منتج فعله التنفيدي في بناء السلوك البيئي للمجتمع والمساهمة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة للمشروع الوطني البيئي للبحرين.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4941 - الخميس 17 مارس 2016م الموافق 08 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً