العدد 4942 - الجمعة 18 مارس 2016م الموافق 09 جمادى الآخرة 1437هـ

بعض القراءة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

تقرأ كتاباً فيقودك إلى عوالم مختلفة. عوالم لم تعشها. لم تسمع بها. لم تكن على موعدٍ مع أحد على أراضيها، ولم تعرف أسماءها قبل أن يصل هذا الكتاب بين يديك.

تقرأ روايةً لأحد الكتاب من بلادك أحياناً، فتعيش معه ذكرياتٍ لم تكن مخزنةً بذاكرتك. ربما سمعت بها ضمن الذاكرة الجمعية لمن هم حولك، وربما قرأتها يوماً في كتاب حول منطقةٍ ما أو عادةٍ ما أو لعبةٍ شعبيةٍ ما، وربما شاهدتها عبر مسلسلاتٍ محليةٍ أنتجها منتجٌ مولع بالتراث في بلادك. تعرف عمّ يتحدث كاتبها، وتتمنى لو أنك تزور الأماكن وتتعرف على شخوصها وتكون أحد أبطالها لشدة قرب جوّها العام إليك.

بعض الكتب تحيلك لعالمٍ مغيبٍ بداخلك، ما إن تقرأها حتى تكتشف وجوده فيك، فتعرف نفسك أكثر، تعرف أحلامك من خلال أحرفها، تعرف أوهامك من الأوهام المسطرة بها، تعرف إخفاقاتك ونجاحاتك وأنت تستمتع بكل صفحة من صفحاتها وتعيش أفكارها.

بعض الكتب توجب عليك إتمامها في جلسةٍ أو اثنتين، تأخذك لعوالم الدهشة والحماس، تقطع عليك رغبتك في النوم أو الاستسلام للملل أو تفكيرك بأن تتركها جانباً للبحث عن عمل شيء آخر. كتبٌ هي بمثابة الرياضة الذهنية تحافظ على رشاقة عقلك وتكوين ما يوازي العضلات للجسد. تغذي عقلك بالجميل واللذيذ من الثقافة والصور والجمال، وكما يقول فولتير: «إن أنفع الكتب هي تلك الكتب التي تستحث القارئ على إتمامها».

في أحد اللقاءات المنشورة مع الباحث والشاعر الإماراتي إبراهيم الهاشمي يقول: ابدأوا القراءة من اليوم واستمروا طوال العمر، فالقراءة مفتاح لنستطيع صنع مستقبلنا ومواجهة التحديات(...) الغد مبني على القراءة، ولا أرى أن القراءة تعني أن نقرأ شعراً فقط أو رواية، بل نقرأ في كل الاتجاهات، كلٌّ في مجاله، يقرأ فيما يحب حتى يصير خبيراً، وتفعيل ذلك مهمة الجميع، الأسرة والمدرسة والمؤسسات المختلفة.

حين نتيقن أن القراءة نافذةٌ نطل منها على الماضي لنستمتع بالحاضر فتهدينا مفتاحاً لصنع المستقبل، لابد أن نشعر بأهميتها. ونسعى لأن تكون عادةً يوميةً، وأن يكون الكتاب رفيقاً لا نخذله لأنه لن يفعل يوماً.

الكتب عوالم متعددة، حيوات مختلفة، أصدقاء ليسوا كغيرهم. كنوز لا تنفد مادام القارئ يحترمها ويحافظ عليها. هي الاستثمار الذي لا يخسر، ولو أننا اعتبرناها كذلك لاستطعنا اليوم أن نعود كما كنا: «خير أمة أخرجت للناس»، لا يمكن لأي عقل منحرفٍ أن يجرنا معه إلى الهاوية فنجر معنا مجتمعاً بأكمله نحو الخراب والدماء والحروب وكل ما ينتجه الجهل والتخلف.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4942 - الجمعة 18 مارس 2016م الموافق 09 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً