العدد 4947 - الأربعاء 23 مارس 2016م الموافق 14 جمادى الآخرة 1437هـ

الشعر يفتح حيزاً لنوازع الحرية والمغامرة المتأصلة في النفس البشرية

إيرينا بوكوفا comments [at] alwasatnews.com

المديرة العامة لليونسكو

(كلمة بمناسبة اليوم العالمي للشعر الموافق 21 مارس/ آذار 2016)

كتب ويليام شكسبير، الذي رحل عن هذا العالم قبل 400 عام، في مسرحيته «حلم ليلة في منتصف الصيف»: «وأمّا الشاعر فهو في نوبات جنونه ينقّل بصره من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصوّر له مخيّلته أشكال أشياء غير معروفة أو مألوفة، ويستطيع بقلمه أن يجسّدها وأن يخلق من لا شيء شيئاً يسمّيه».

وتنوّه اليونسكو بقيمة الشعر باعتباره رمزاً لإبداع العقل البشري، إذ تشيد بالرجال والنساء الذين لا يملكون سوى أقلامهم وألسنتهم للتعبير عن أفكارهم وآرائهم وخواطرهم. ويساهم الشعر في توسيع آفاق إنسانيتنا المشتركة، ويساعد على تعزيزها وترسيخها ويجعلها أكثر تضامناً وإدراكاً لكينونتها، إذ يرى الشاعر في هذا العالم ما لا يراه سواه فيصفه ويصوّره ويسمّيه - يرى الشاعر ما لا يسبر غوره من آيات الجمال المحيطة بنا التي يمر بها سواه مرور الكرام، ويرى ضروب المعاناة الهائلة وأصناف البؤس الشديد التي لا يكترث لها غيره.

وتساهم الأقلام التي تنظم الشعر، والأصوات التي ترويه أو تلقيه، في إبراز قيمة التنوع اللغوي وحرية التعبير وتعزيزهما. وتساهم أيضاً في المساعي العالمية الرامية إلى تعليم الفنون ونشرالثقافة. وتكفي قراءة كلمة واحدة من قصيدة أحياناً لاستعادة الثقة بالنفس، والتمكن من الصمود في مواجهة الشدائد والبلايا، واستعادة الأمل والابتعاد عن اليأس والقنوط والتقاعس عن التصدي للوحشية والهمجية. وفي هذا العصر الحديث الذي يطغى عليه استخدام الآلات في مختلف جوانب الحياة، وكذلك سعي الناس إلى الحصول على كل شيء في طرفة عين، يتيح الشعر إيجاد حيّز لنوازع الحرية والمغامرة المتأصلة في النفس البشرية. وتملك كل ثقافة فنون الشعر الخاصة بها وتتخذها وسائل لنقل المعارف والقيم الاجتماعية الثقافية والذاكرة الجماعية التي تعزز الاحترام المتبادل والتلاحم الاجتماعي والجنوح إلى السلم؛ سواء أكان ذلك أغنية «أريرانغ» الكورية، أم أغاني «بيريكوا» المكسيكية، أم أناشيد «الهدهد» الخاصة بشعب الإيفوغاو، أم رقصة العرضة السعودية، أم أناشيد «غوروغلي» التركمانية، أم فن «آيتيش» القيرغيزي.

وانني لأحيي في هذا اليوم الشعراء والممثلين والرواة وكل أولئك الأشخاص المجهولين الذين وقفوا حياتهم على الشعر ونذروا أنفسهم له، ينظمونه أو يروونه أو يلقونه بعيداً عن الأضواء أو في المحافل المشهودة ، وفي الحدائق أو في الشوارع. وأدعو الدول الأعضاء كافة إلى دعم هذه المساعي الشعرية التي تستطيع الجمع بيننا بغض النظر عن الأصول والمعتقدات بفضل أسمى ما في النفس البشرية.

إقرأ أيضا لـ "إيرينا بوكوفا"

العدد 4947 - الأربعاء 23 مارس 2016م الموافق 14 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً