العدد 4982 - الأربعاء 27 أبريل 2016م الموافق 20 رجب 1437هـ

معرض «الوسط» الرابع للكتب المستعملة... استعادة قيمة الكتاب والقراءة

يوسف مكي (كاتب بحريني) comments [at] alwasatnews.com

كاتب وباحث بحريني

المعرض الرابع للكتاب المستعملة والذي تنظمه صحيفة «الوسط» للسنة الرابعة والذي استمر لثلاثة أيام، لاشك أنه خطوة ريادية على مستوى البحرين لإعادة الاعتبار للكتاب من خلال قيمتين مهمتين في نظرنا، هما: قيمة الكتاب وقيمة القراءة.

فبالنسبة إلى قيمة الكتاب مثّل هذا المعرض دعوة إلى أهمية حضور الكتاب في المجتمع عموماً، وفي الحياة الأسرية خصوصاً، في ظل وجود بدائل تكنولوجية/ معلوماتية بديلة وكاسحة أثّرت على حضور الكتاب وخاصة في حياة النشء والشباب. وقيمة الكتاب ليس في اقتنائه فقط؛ بل في جعله أنيساً في الحل والترحال، وإحدى الوسائل المهمة في اكتساب المعارف والعلوم والآداب. وأظن أن «الوسط» بمبادرتها هذه استطاعت أن ترد بعض الألق المفقود إلى قيمة الكتاب. وأهمية حضوره في حياة الأفراد، وتحصيلهم الثقافي على مستوى البحرين.

أما بالنسبة إلى القيمة الثانية/ قيمة القراءة، فلا شك أنها أصيبت بمقتل من جراء غياب الكتاب في حمى وسائل التواصل التكنولوجي والالكتروني والاجتماعي، وسهولة الحصول على المعلومة من دون جهد يذكر، بمجرد النقر على أحد المواقع الالكترونية. بينما القراءة والحصول على المعلومة من الكتاب الورقي باتت في تراجع خطير.

لذلك فإن معرض «الوسط» جاء كدعوة لحوحة لإعادة الاعتبار إلى القراءة من خلال الكتاب الورقي حتى لو كان مستعملاً، وفي الوقت نفسه حث الجمهور بشكل غير مباشر على أهمية القراءة كعادة فاضلة، وكصفة تُشرّف أي شخص عندما يقال: فلان قارئ متميز أو قارئ نهم أو صديق للكتاب.

ولكي تتحقق هاتان القيمتان جاءت أسعار الكتب رمزية جدا وفي متناول الجميع، وذلك انسجاماً مع الأهداف المتوخاة من المعرض أصلا، كما أن الكتب أيضا كانت متنوعة في مختلف مجالات المعرفة والاتجاهات والتوجهات وتلبي كل المشارب الفكرية، هذا فضلا عن الكتب باللغات الأخرى وخاصة الانجليزية. ولذلك كان الحضور حتى من الجاليات الأجنبية ملموساً.

بوجه الإجمال كان المعرض ناجحاً بكل المقاييس، وكان مناسبة ثقافية اجتماعية للتواصل الحي بين زوار المعرض بعضهم بعضًا من جهة وبين المثقفين بعضهم بعضًا بمختلف ميولهم واهتماماتهم من جهة أخرى.

من الملاحظ هذه السنة أن المعرض لم يشتمل على تدشين كتب جديدة، وذلك بخلاف العام الماضي. والمعرض في حقيقة أمره يمثل فرصة سانحة للكتاب والمؤلفين القدامى عمومًا الطالعين خصوصا للتعريف بنتاجاتهم الثقافية. فمن الطبيعي أن يحرص القائمون على المعرض على تكريس تدشين الكتب الجديدة. لذلك لابد من تأكيد هذه الفكرة في المعرض المقبل.

ايجابيات كثيرة تُحسب للمعرض وللقائمين عليه، وفي مقابل ذلك من الطبيعي أن تحدث بعض السلبيات يمكن من خلال التقييم الموضوعي للمعرض التغلب عليها في المعارض المقبلة. فالمعرض بحاجة إلى مزيد من التنظيم والتصنيف في مجال المعارف قدر الإمكان. فهو معرض كتاب، وإنْ كان قديماً، وليس بازار كتاب. وأيضا بحاجة إلى نشاط ثقافي مواز من قبيل مؤتمر مصغر مثلا بشأن قضية ما – دون التقليل من المحاضرات والندوات التي أقيمت خلال الأيام الثلاثة - ، مثلا بشأن أهمية الكتاب أو بشأن تاريخ وأهمية القراءة، أو الكتاب والطفولة، طالما أن النشء هو المستهدف بهذا المعرض، أو الكتاب في حياة الشباب، أو الكتاب والتكنولوجيا أو واقع الكتاب في بلدنا.

أيضا لابد من الاحتفاء ببعض المتبرعين بالكتب من قبيل مثلا: تكريم شخص أو اثنين من الذين تبرعوا بأكبر عدد من الكتب وهذا من شأنه أن يشجع الآخرين على التبرع، الاحتفاء بأحدث كتاب مستعمل، وبأقدم كتاب مستعمل بدعوة متبرعيهما للتكريم. وضع المعرض تحت شعار سنوي مثلا: (المعرفة والثقافة الكُتبية في متناول الجميع، أو كتاب بسعر زهيد وفائدة ثقافية لا تقدر بثمن أو لنقرأ لنتقدم). استضافة شخصية ثقافية بحرينية للتكريم بما أنجزته من رأسمال ثقافي في الشعر أو الرواية أو العلوم أو التربية أو أي مجال ثقافي، اختيار شخصية من قبيل ضيف شرف، ربط المعرض من حيث هدفه باليوم العالمي للكتاب وذلك من خلال عمل دراسة موجزة عن وضع الكتاب العربي الحديث ومقارنته على المستوى العالمي من حيث التأليف والنشر والتوزيع والاستهلاك، مع تأكيد وضع الكتاب في البحرين، لتكون تلك الدراسة في متناول الجميع، ومن خلال كل ذلك ستكون هناك إضافة نوعية للمعرض، أو قيمة مضافة كما يقول الاقتصاديون.

نأمل أن يأخذ الإخوة في «الوسط» بهذه المقترحات في المعرض المقبل، لتصبح الفعالية مع مرور الأيام بمثابة التظاهرة الثقافية الوطنية التي ينتظرها الجميع ويحرص عليها الجميع.

ومما يحسب لـ «الوسط» أيضا أنها استطاعت بهذا المعرض أن تشجع الكثير من الناس على أن يقتنوا الكتاب، ويكونوا على علاقة به حتى ولو أنهم بعيدون عن الكتاب، وبذلك فقد تمكنت «الوسط» في غضون أربع سنوات من توسيع دائرة الاهتمام بالكتاب، وكأنها بذلك تسير في الاتجاه المعاكس لانحسار الاهتمام بالكتاب، إنها تعيد إلى الكتاب مكانته التي يجب أن تكون.

أخيرا لا يسع المرء إلا أن يشدّ على ايدى الإخوة في صحيفة «الوسط» على صنيعهم الممتاز وجهدهم المتميز في تنظيم هذه التظاهرة الثقافية.

وتمنياتنا لـ «الوسط» وللجميع التوفيق في المعرض المقبل.

إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي (كاتب بحريني)"

العدد 4982 - الأربعاء 27 أبريل 2016م الموافق 20 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:25 ص

      فعلا كان معرض رائع وفكرة جميلة بدأت بها الوسط قبل 4 سنوات وتبلورت على الأرض الواقع وكان النجاح والتميز حليفها
      ألف شكر للوسط ولرئيس تحريرها ولكل الأخوة المتبرعين الكرام

اقرأ ايضاً