العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ

العمل السياسي المدني... تونس مثالاً

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بدأت حركة النهضة التونسية مؤتمرها العاشر يوم أمس (الجمعة)، ولعَلَّ هذا المؤتمر هو الأهم في تاريخ الحركة التي كانت تستمدُّ جذورها في السابق من الإخوان المسلمين، والتي تسلمت الحكم بعد ثورة الياسمين في 2011، ثم تنازلت عنه لصالح التوافق الوطني بحسب صيغة دستورية جامعة.

المهم يوم أمس أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي شارك في أعمال انطلاق مؤتمر النهضة، وأعلن في كلمته أن «التيار الإسلامي في تونس لا يشكل خطراً على الديمقراطية»، وهذا يأتي بعد أن اتخذت الحركة قراراً تاريخياً بتحديد مسارها الفكري الجديد. التوجُّه الجديد فصل الحركة عن عباءة الحركات الإسلامية خارج تونس، وأعلن تحوُّل حركة النهضة من حزب للإسلاميين إلى «حزب ديمقراطي مسلم بمرجعية تونسية وطنية».

هذا التحوُّل الاستراتيجي في التوجُّه يأتي ضمن سياق نشوء وتطوُّر الحركة الإسلامية في تونس. فهي بدأت كحركة عقائدية نشأت لمواجهة حركات أيديولوجية نقيضة، ومن ثم انتقلت إلى التصادم مع السلطة في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، وبعدها إلى مرحلة الاختفاء في السجون والمنافي، ومن ثم العودة إلى تونس مع الربيع العربي وتسلّم السلطة، ومن ثم المشاركة والتوافق في السلطة.

لقد استفادت تونس من التجارب المحيطة بها، إضافة إلى أن المجتمع التونسي يُعتبَر الأكثر تعليماً وثقافة في العالم العربي، وقادة الحركة الإسلامية التونسية اقتنعوا بضرورة التحوُّل إلى حزب ديمقراطي ذي خلفية مسلمة، وفي حال نجاح هذا الأنموذج فلعَلَّ المنطقة تشهد قيام أحزاب ديمقراطية مسلمة، شبيهة بالأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا. وهذا يعني أن الحزب الديمقراطي الذي يعمل في الداخل من خلال إطار يفسح المجال للتنفس السياسي ستكون له ثقافة وطنية تدعو إلى مساندة الدولة (لأنه ليس لهم دولة سواها)، وتختلف سلمياً وبرلمانياً مع الحكومة إذا كان الحزب خارج السلطة، وستفصل العمل السياسي (المدني) عن العمل الديني (التبليغي) على أساس التخصص، وستتعامل مع الجميع على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات... وهو ما نأمله لتونس ولكُلِّ بلد يسعى للانتعاش سياسياً.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:10 ص

      كل بلد له خصوصياته
      والبحرين خصوصاً والخليج عامتا كلهم لا يمانعون ان يكون رجل الدين الواعض من تقلد مناسب في احزاب او جمعيات او مناصب في الدولة، ...

    • زائر 2 | 1:25 ص

      (المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات) هذه كلها مصطلحات محرّمة في البلاد العربية فلا مواطنة ولا مساواة في الحقوق والواجبات هذا كله من عمل الشيطان

    • زائر 1 | 1:12 ص

      يا ليت الواقع وردي كما وصفت دكتور، لكن أخاف أن تتغير قبلتهم إلى السوربون بدل الكعبة المشرفة!

اقرأ ايضاً