العدد 5020 - السبت 04 يونيو 2016م الموافق 28 شعبان 1437هـ

ماذا تعني الدولة المدنية؟

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

يعد موضوع الدولة المدنية مفهوماً غائباً عن أذهان الكثيرين ممن لا يعرفون تحديداً طبيعة هذا المطلب وأثره فيما لو تحقّق في مجتمعاتنا العربية، التي مازالت تنتخب نفس الرئيس أو تعيش تحت مظلة نظام سياسي لم يتحرّر بعد من مفهوم النظام الأبوي حتى ينطلق إلى مفهوم الدولة المدنية المعمول به في المجتمعات الحرة، على غرار النرويج مثلاً التي تخرج فيها مظاهرات دون شرطة وقنابل مسيلة للدموع، في مناخ مفتوح للتعبير دون أي قيد.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل لا يمكن السماح بشيء يساهم في خلخلة العمل بمبادئ الدولة المدنية، كما لا يمكن لرئيسٍ أن يبقى في منصب الرئاسة مدى الحياة. أما في عالمنا العربي فإن الأمر مختلف ومعقد، حيث لا يسمح فيه بتغيير الوجوه واستمرار الفساد السياسي من خلال إحلال حاجز الخوف داخل المجتمع، أو شنّ حرب قاهرة ضده. وهناك من الأمثلة العربية التي لا تعد ولا تحصى مثل الجزائر وسورية وليبيا وغيرها.

ورغم ان الجزائر بلد قريب من تونس التي انطلقت منها ثورة الربيع العربي قبل خمسة أعوام وكسرت فيها حاجز الخوف في الشارع التونسي، إلا أن الأمر يبدو شاقاً حتى في الدول العربية ذات النظام الجمهوري بشكل عام. أما في منطقة الخليج فإن الأمر يبدو معقداً، إذ أن المجتمعات هناك مازالت تعيش في ظل المفاهيم المذهبية والقبلية. ولو أردنا أن ننظر إلى النظام الأبوي المعمول به في المجتمعات الخليجية، فإنه لا يخرج من هذه العباءة، وبالتالي فإن هذا الفكر يصطدم مع فكر الدولة المدنية التي تتكلم بلغة التعددية البعيدة كل البعد عن هذا النسق.

للأسف هناك إشكالية في المشهد العربي، ولا يمكن التحرر إلا من خلال تغيير حقيقي بين من يمسك بزمام النظام السياسي وبين مختلف فئات المجتمع التي هي الأخرى مطالبة بتقبل التغيير وعدم جره بالصورة التي تفصل بحسب ما يناسب مصلحتها وإلغاء مصالح الجماعات الأخرى. والمساعي الحالية والمطروحة في الشارع العربي في مصر والمغرب والأردن والبحرين ولبنان مازالت غائبةً، لأنها تختلف في الطرح بحسب ظروف ودرجة الوعي ومساحة الحرية التي تعطى للعمل السياسي ولعمل المجتمع المدني في كلٍّ من هذه البلدان. فلا يمكن مثلاً مقارنة البحرين مع المغرب عندما يتعلق الأمر بأسلوب عمل مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية خاصةً بعد العام 2011.

نحن اليوم بحاجةٍ بشكل أكبر إلى مقاربات تتوسط الطموح المشروع بالسعي إلى تحقيق الدولة المدنية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تحقيق العدالة التي تؤمن بحقوق الإنسان والبعد عن المفاهيم التي تخلّ بالدولة المدنية، وبمعنى آخر، البعد عن التعصب والتطرف.

مثل هذا الكلام جاء من واقع ما تقدّمه الدولة المدنية في المجتمعات الحرة. ولذا فإن الحديث عن دولة مدنية تستوعب الجميع على مبدأ المساواة والحقوق العادلة بات أمراً نظرياً إذا كان سيقارن الوضع مع ما هو مطروح في دول الغرب مثلاً، وعلى هذا الأساس يروّج البعض لمفهوم الخصوصية، ويقولون بأن العرب يختلفون عن باقي البشر، وأنهم لا يرون في هذه المفاهيم حاجةً واقعيةً لها، على رغم أن هذا الكلام لا يعكس الحقيقة، وهي أن مجتمعاتنا ليست مختلفة عن أي مجتمع آخر، ولكننا مازلنا نعجز عن إلغاء ثقافة التمييز والتعصب التي تشغلنا أكثر مما يشغلنا بناء دولة تحترم الإنسان وتستوعب الجميع دون تفرقة أو تمييز بين المرأة والرجل، وبين العربي والأعجمي.

وهنا أذكر ما قالته طالبةٌ جامعيةٌ نرويجيةٌ في إحدى المقابلات الصحافية: «نحن نسمع لبعضنا البعض لنتقدّم، أما النقد فليس هناك ما نحتاج لنقده، فلدينا من الحرية ما ليس عند الآخرين. ولهذا نحن مختلفون رغم بعض حالات الشواذ التي تظهر من أجل تخريب صورة التعايش والمناخ الحر».

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5020 - السبت 04 يونيو 2016م الموافق 28 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 7:03 ص

      Well written. Reem please write more about the importance of civil state..It is our first demand to apply democracy and justice in Bahrain.

    • زائر 27 | 6:26 ص

      الشعوب تنظر للحقوق و للحريات و العيش بكرامة و المساواة و عدم التمييز و عدم التلاعب بالقوانين كتجنيس و غيره و المشاركة في صنع القرار و أما المسميات فماهي إلا أسماء لا تشبع جائع و لا تروي عطشان و لا تكسو عريان.

    • زائر 25 | 6:00 ص

      اقرأ تعليقات المبرّرين لبقاء الحال على ما هو عليه بسبب أننا طوائف لا تقبل الآخر .
      السؤال كم ديانة في الهند وكم مذهب وكم لغة وهل كل هذه الأديان والمذاهب متحابة؟ الم يقع احراب بين المسلمين والهندوس ؟
      هل ألغت الهند ديمقراطيتها لتناحر المسلمين والهندوس او غيرهم
      كلام ناس تحبّ ان تبرّر لبقاء الظلم والفساد

    • زائر 30 زائر 25 | 10:29 ص

      و لماذا تعطي مثال في بلهند مع انها دوله فاشله في جميع الاصعده و الفساد و الطبقية و العنصرية موجودة في الهند مثل الدول العربية لماذا لا تقارن بدولة جمهورية الصين الشعبية ونظامها الشيوعي الدكتاتوري الملحد الذي اوصل دخل الفرد 4 اضعاف عن الهند و اصبحت الدوله الصناعية الاولى و لها عضوية دائمة في مجلس الامن ولا احد في العالم يستطيع تجاوز مصالح الصين العظيمه؟

    • زائر 22 | 5:21 ص

      نطال بدولة مدنية علمانية. لا تفرق بين مواطن واخر ولا تسال المواطن عن اسم العائلة. بل ونطالب بدمج المجتمع بكل اطيافه. توزيع الاسكان بعشوائيى بدون )) على اي منطقة مسجل (؟ الديرة كلهة صغيرة ليش التحيزات والتفرقات. وهذا يقول انا من البسيتين وذاك يقول انا من كرانة.

    • زائر 21 | 4:46 ص

      زائر 1 اظاهر ايران جايبه الك القلق لولا ايران شان امريكا واليهود احتلو الشرق الاوسط ببركات الله نصرهم على اعداء الاسلام روح اقرا وبعدين تعال انتقد الله يهديك وستبقى ايران عظم فى بلعوم اعداء الاسلام

    • زائر 18 | 3:41 ص

      الدول الديمقراطية العريقة المسيحية ضحة كثيرن بسبب المذاهب المسيحية حتى وصل لم نراه الآن وأسست أحزاب مدنية تضم الجميع ولا تفرق المذاهب أو الديانات الكل تقبله الأحزاب المدنية أم نبدأ من الصفر ونعاني ماعنته من كوارث كلبنان والعراق أليست هويتنا البحرين تجمعنا ولا تفرقنا

    • زائر 26 زائر 18 | 6:03 ص

      التحجّج بالطوائف والمذاهب انما هي حجج واهية فبلاد مثل الهند فيها من الديانات اضعاف ما لدينا
      وغيرها من بلاد العالم فيها مسيحيين ومسلمين ومختلف الديانات لكنها لم تمنعها من تطوّر الوضع والوصول للدولة المدنية

    • زائر 31 زائر 26 | 10:34 ص

      الهند منذ كم شهر في البرلمان متقاتلين من اجل تشريعات تخص حظر دبح البقر بلاه عليك هذه دوله مدنية و متقدمه لتعطي مثل بها الدول المدنية مثل كندا و النمسا والدينمارك و النرويج و اليابان و كوريا الجنوبية و سنغافورة و بريطانيا وفرنسا و اسبانيا و ايطاليا و امريكا و البرازيل و غيرها من الدول المتحضره التي تحترم شعوبها .

    • زائر 37 زائر 26 | 1:05 م

      صح يالطيب الوصول للدولة المدنية يتطلب أحزاب مدنية تقبل جميع الديانات والمذاهب تصور الهند لو قبلت أحزاب دينية ومذهبية كم حزب سياسي حينشء آلاف مالفة

    • زائر 17 | 3:36 ص

      الدولة المدنية تحتاج الى شعب واعي ومتحضر
      وليس شعب لديه تمييز عرقي وطائفي ولا يتقبل آراء الآخرين ويرى انه الصح والبقية خطأ

    • زائر 13 | 1:53 ص

      العربي لو كان له الخيار لصوت لصالح دولة دينية و لكنه في النهاية يهاجر بعائلته لدولة علمانية لانه يعلم ان مستقبل أولاده أفضل هناك .. للأسف هذه هي الحقيقة التي لا يريد .. فهمها ..

    • زائر 34 زائر 13 | 10:49 ص

      هذا الحاصل تماما الشعوب غير واعية ومنافقة في ظاهرها التدين و المحافظة وهم اسوء الشعوب اخلاقيا في جميع النواحي وفي قناعتهم انه دول اوربا و اليابان و امريكا و سويسرا و النرويج وسنغافورة افضل من دولنا بنظامهم العلماني و لاكن يغلب نفاقه على الواقع .، شعوب مريضة ومنفصله عن الواقع كل شعوب العالم يتطلعون للمستقبل الى شعوبنا يحلمون العوده للقرن السابع ! و في النهاية يتسائلون من اين اتى داعش ؟!

    • زائر 9 | 12:58 ص

      وين مفهوم الدولة المدنية ..؟

    • زائر 7 | 11:47 م

      نريد ديمقراطيتهم ولا نتعلم منهم اساسياتها

    • زائر 6 | 10:27 م

      في البحرين الشعب منقسم جزأين الحقيقة الغالبية البعض يريد نموذج .... الديني و الغالبية الاخرى تريد نموذج ...... الديني و حفنه من الاقليه العلمانين و اليبرالين يريدون نموذج النرويج فغالبا بعد 860 سنه من الان سيصل مفهوم الدوله المدنيه للشعب البحريني و كل الشعوب العربية و الاسلامية.

    • زائر 5 | 10:23 م

      للاسف الحقيقة صادمة جدا هنا غالبية الشعب و اعتقد اكثر من 90% الشعب ضد الدوله المدنية و الغالبية تريد دوله دينيه تمنع فيها حتى السينمات و الشعب غالبية من نساء و رجال ضد حقوق و مساوات المرأه بلرجل و رأيناها في قانون سيداو الي التف الشعب من رجال ونساء و من كل فصائله المذهبيه و السياسية ضد حقوق المرأه ، و نحن لا نشبه الشعوب المتحضره باي شيء و بلاخص الشعب النرويجي و الدينماركي.

    • زائر 16 زائر 5 | 2:54 ص

      زائر 4 فهمك للدولة المدنية فهم خاطا ليس كما تقول الدولة المدنية هي الدولة التى أسس النبي \\ص\\ حرية الاعتقاد في الدين محاكم عادلة لجميع شرايح الشعب توزيع الثورة بالعدالة هذا نجده في حزب الفضول الي اسس الدولة المدنية تحت راية محمد بن عبدالله\\ص\\ وساره على نهجه الامام علي \\ع\\ ليس زواج المثليين والافطار العلني في شهر رمضان

    • زائر 4 | 10:17 م

      الدوله المدنيه تعني الدوله الحديثه و تعني الدوله العلمانية و الدوله الديمقراطية يتداول بها نظام الحكم سلميا عبر الاقتراع و تعني فصل الدين عن السياسية لا يحق للدوله التدخل بخصوصيات ونمط عيش و دين المواطنين و يحق للمواطن بعدم صوم رمضان بشكل علني و زواج المثلين و اعلان الالحاد ويحق للمواطن تاسيس صحيفة تسخر من الاديان في اطار حرية الصحافة.

    • زائر 3 | 10:12 م

      من اسس الدولة المدنيه حق للفرد تغير دينه او اعلان الحاده و هو حق من حقوق الانسان و كل مواثيق الامم المتحده تكفله و في النرويج يحق للفرد اعلان تحوله للاسلام او البوذيه او لا دينيه و هنا غالبية الشعوب ضد الدوله المدنية و الغالبية تريد دوله دينيه و لا داعي لمغالطة المجتمع و نقول انه لا اختلاف بيننا و بين النرويج .

    • زائر 2 | 10:07 م

      لماذا ضرب المثل في النرويج و ليس في ايران الديمقراطية الحرة و نظام الجمهورية الاسلامية نظام مدني علماني الكل تحت طائلة القانون لا عرق و لا دين و لا مذهب و كل الاحزاب العلمانية و الشيوعية و حتى الملحدة تعمل بكل حرية في ايران.

    • زائر 15 زائر 2 | 2:39 ص

      لماذا ايران بالذات وتغاضيت عن بقية الدول المدنية . فهل انت ايراني

    • زائر 1 | 10:04 م

      هل ايران دوله مدنية مثل النرويج؟
      و هل ايران توجد بها مساوات بين الرجل و المرأة؟
      و هل ايران يوجد بها نظام ديمقراطي و يستطيع العلماني ترشيح نفسه في انتخاباتهم ؟
      هل ايران يوجد بها تعددية سياسية احزاب علمانية و يسارية و شيوعية و ليبرالية ؟
      هل ايران تحترم القانون الدولي و منظمات حقوق الانسان؟
      هل ايران يوجد بها حرية صحافة و فضاء حر للقنوات المختلفه معها سياسيا؟
      و شكرا جزيلا

    • زائر 20 زائر 1 | 4:43 ص

      انت بحريني او ايراني
      اذا كنت بحريني اهتم بتطوير بلدك وما عليك من بقية البلدان

    • زائر 23 زائر 1 | 5:23 ص

      إيران ...العلاقه اللي انعلق عليها كل مشاكلنا. ..

اقرأ ايضاً