العدد 5031 - الأربعاء 15 يونيو 2016م الموافق 10 رمضان 1437هـ

كريم العريّض... وسيرة وطن

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كنا نستمع إليه بشغف. كان يتحدث بشأن لوحاته التي كانت تستنطق ذاكرة بعض المتواجدين. لوحاتٌ تخبر عن شفافية الفنان الذي أبدعها. وتحكي الكثير عن ماضي هذا البلد.

في محاضرته بأسرة الأدباء والكتاب، كان الفنان البحريني عبد الكريم العريّض يتجول بنا في دهاليز ذاكرته. ذاكرته التي فتح لنا أبوابها على مصراعيها، فأخذنا في جولاتٍ عبر الماضي، إلى أنحاء متعددةٍ من مناطق البحرين.

تجولنا في قرى البحرين ومدنها واحدة واحدة بين الماضي والحاضر. وذاكرة العريّض تحفّز بعض المتواجدين على تخمين الأماكن بابتسامةٍ تدلّ على ارتياحٍ لوجود هذه المناطق في لوحات فنان بحريني.

المنامة، القلعة، البلاد القديم، المحرق، ومناطق أخرى كانت هي سيدة المكان لدى العريّض. ولو أننا شاهدناها من غير ذاكرة الفنان، لما استطعنا – ونحن أبناء عصر الأسمنت - أن نعرف ما وراءها وما تحويه من معالم وأحداث.

الألوان الجميلة التي كانت تسرّ الناظرين. الطبيعة التي تمنينا لو أننا عشنا في أحضانها قبل غزو الإسفلت جميع المناطق. الشخوص وأزياؤهم الملونة بـ «المشمر» البحريني الذي اشتهرت به القرى وما زال حاضراً لدى بعضها. كلها كانت تعبق برائحة الماضي الزكية التي جعلت الابتسامة لا تفارق محيانا نحن الذين كنا نشاهد اللوحات ونسمع الشروحات بكل انشداه.

كانت ليلة العريّض في أسرة الأدباء والكتاب خير مفتتح لبرنامج شهر رمضان المبارك. فيها حلّقنا بين الماضي والحاضر من خلال لوحات كانت ترسم تفاصيل البحرين. ترسم تفاصيل بعض العادات القديمة. ترسم تفاصيل عذاري وهي تسقي البعيد، ومسجد الخميس وهو شاهق في المكان، ومسجد الشيخ عزيز الذي تحيط به الخضرة والمياه، والعيون التي طالما سمعنا بها وجايلها آباؤنا وأجدادنا. ترسم الفرحة التي كانت على سواحل البحرين وهي تنتظر البحارة والغواصين. ترسم فن البحارة الذي يزخر بالجمال والذي يحاول أن يجد لنفسه مكاناً في فننا الحديث الآن.

وأنا أستمع للعريّض، تمنيتُ لو أن بإمكاني قراءة كتاب يتحدث عن تاريخ البحرين وتراثها. كتابٌ يصدر بتوقيع عبد الكريم العريّض، رغم أنني أعرف أن له مؤلفات في هذا المجال قرأتُ بعضها. لكن ما أعنيه هو أن نقرأ كتباً تتحدث عن سيرته الذاتية وأخرى تتحدث عن سيرة المكان في سلسلة تصدر في مجلدات تتبناها وزارة الثقافة على سبيل المثال، تكون بمثابة موسوعة تراثية وتاريخية. وأن نقرأ مثلها كتباً أخرى تتحدث عن سير فنانينا وأدبائنا وشعرائنا يكتبونها بأنفسهم أو بالإستعانة ببعض الكتاب الذين يملون عليهم أقوالهم وشجونهم وذاكرتهم. لننعم بالتعرف على الجميل والمهم والمميز في تاريخنا وتراثنا. فما أحوجنا إلى قراءة ذاكرة البحرين من خلال ذاكرة رجالاتها الذين سيكتبونها جمالاً محايداً يعرفّنا على تاريخ بلادنا وتراثنا الجميل.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5031 - الأربعاء 15 يونيو 2016م الموافق 10 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:53 م

      للتوضيح لقد كتب الفنان عبد الكريم العريض سيرته الذلتيه في كتاب ايام الفن والادب الذي صدر في عام ٢٠١٣ والكتاب باللغتين العربيه و الانجليزيه

    • زائر 1 | 9:36 ص

      شكراً استاذة سوسن على كلماتك الطيبة عن الأستاذ عبدالكريم العريض الذي تعلمتُ منه دروساً نفعتني. فله الشكر والعرفان. ليته يسمع منك فيكتب سيرته الذاتية فينفعنا جميعاً

اقرأ ايضاً