العدد 5070 - الأحد 24 يوليو 2016م الموافق 19 شوال 1437هـ

بعض الردود كوارث!

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

ما الذي يدفع شخصاً ما للرد على غيره وكأنه يصفعه؟ الرد بصفعة على من لم يُؤذه ولم يضُره ولم يتجاوز معه حدود الأدب واللائق في التعامل، وربما على من لم يرهُ قط أو يتعامل معه شخصيّاً؟

كثيراً ما يتذمر بعضنا من ردود بعض من حولنا علينا أو على غيرنا. نفاجأ بما تحتويه هذه الردود من حقد وحسد وتجاوز وعدم تهذيب. ونتساءل عن سبب هذه الردود، وقد نخلص إلى أنها مجرد نفسيَّات مريضة مشبَّعة بطارئ من الصلف لا تليق به القلوبُ البشريَّة.

في مواقع التواصل الاجتماعي نجد كثيرين آثروا أن يكتبوا في تقديمهم لأنفسهم: «البلوك وسيلة للتخلص من فقراء الأدب»، ونجد بعضهم يطلب ممن ينوي الدخول على حسابه أن يكون متأدباً في الردود.

فما الذي جعل هؤلاء يتوقعون الأسوأ من غيرهم، سوى أنهم واجهوا هذا مراراً؟

التعليقات السيئة لا تطول الأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل هي موجودة حتى في الحياة اليومية أثناء تعاملنا مع غيرنا. فكم من شخص لقي ما لا يسره؛ لأنه آثر التحدث عن أمر مّا مع هذا أو ذاك ممن ظنَّ أنهم سيكونون له عوناً لكنهم كانوا عليه فرعوناً؛ لمرض في قلوبهم وخلل في نفوسهم. وعلى رغم كل الدعوات التي تطلق في كل موقع ومحفل حتى تظن، لكثرتها، أنَّ المثالية هي الأساس وما سواها مجرد عابر وشاذ، فإننا نجد هذه الأصناف البشرية في كل مكان وكل مجلس.

الردود السلبية التي نسمعها، والأسئلة التي طالما حلّت على من يسألون عنها وكأنها صواقع، مازالت تشعرنا بالضيق والسأم. ردود الفعل غير المبرَّرة على تصرُّف أو عبارة قيلت هنا وهناك مازالت تشعرنا بالخجل ونحن نجد هؤلاء بيننا.

وليت الأمر يقف عند هذا أو ذاك؛ إذ لم يسلم الأشخاص الذين يكتب عنهم في الصحف أيضاً من تعليقات مسيئة وتعليقات تجعلنا نتحسَّس قلوبنا خشية فقدها أيضاً. تعليقات تكتب على مواضيع وأخبار من المفترض أنها تشعرك بالسعادة وترسم الابتسامة على محياك. في حين أنها بالنسبة إلى غيرك مدعاة إلى الحسد والحقد، حتى أنك لا تستطيع قراءة ما يكتبون إلا ويسري الغضب مدويا في دمك.

ينشر الصحافي خبراً عن تجارة رابحة بدأها مُعدمٌ أذاقه الفقر كل أنواع الألم قبل أن يستشعر طعم النجاح، كي يوصل التجربة إلى القارئ فيشعر بالعزيمة والإصرار، ويمضي ليحقق أحلامه، لكنه يفاجأ بالكم البشع من التعليقات السلبية والحسد. وينشر آخر عن أسرة حققت حلماً لطفلها حتى يفاجأ بردود لا تليق بالاحتفاء بفرحة طفل. وينشر صحافي خبراً عن مظلومية المعلمين أو غيرهم فتجد الردود تتحدَّث عن إجازة الصيف وكأن المعلم كائن فضائي جبّار لا يحتاج إلى إجازة، وغيرها من الأخبار التي طالما قرأنا تعليقات قراء سلبية عليها حتى أُصبنا بالدهشة من بعضها!

نحن بحاجة اليوم إلى الارتقاء بمستوى ردودنا على بعضنا، نحتاج إلى تعلم فن السعادة بما لدينا، كي لا نؤذي غيرنا بما نبديه من مشاعر سلبية تجاههم وتجاه ما لديهم وإن كان قليلاً، نحتاج إلى تعلم أساسيات الحوار وطرق التعامل مع غيرنا بشكل إيجابي وبنظرة شفافة، وتكون المحبة هي الأساس.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5070 - الأحد 24 يوليو 2016م الموافق 19 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 3:55 م

      البعض ممن هم مرضى النفوس يجد اللذة في الرد الوقح ع الناس ولكن هذه النوعية ليس لها إلا التجاهل... قل خيرا أو اصمت...

    • زائر 15 | 4:44 ص

      احسن جمله سمعتها ان لبعض الكلمات وقع الكدمات

    • زائر 13 | 3:46 ص

      المشكلة أن البعض يضحك عليهم الشيطان ويعدهم بالغرور ويجعلهم يحسبون من أنفسهم بردودهم أنهم عمالقة حينما يؤذون أخوانهم وأصدقائهم وخسران من يحبونهم ويوذونهم فيقومون بأذية الآخرين ويرمونهم بدائهم وينسلوا وحينما نقول لهم( إذا كان بيتكم من زجاج فلا ترموا الناس بالحجارة) ولكن لا ينفع ذلك معهم للأسف.
      الإمام علي (ع):
      أعجز الناس من عجز عن إكتساب الإخوان
      وأعجز منه من ضيع من ظفر بهِ منهم

    • زائر 12 | 3:43 ص

      اي والله صدقتين اختي مقال في الصميم يااخي تقبل رايي الشخص الاخر كيفه هو حر برايه اي كان وحر باسلوب حياته شلون يعيشها نت متربي على حياة معينة واسلوب معين ما يصير تبغي الناس كلها تكون مثلك وفي الردود اوووو كثير من السلبية والهجوم الي يقوم ردود تنرفز والي يقول ماادري شنو صحيح في ردود تنرفز وتستحق ترد عليها بس بعض الردود جدا عادية وصاحبها يقصد منها النصيحة لكن هل من مستمع الله يعينه على هالنفسيات الخايسة

    • زائر 11 | 2:56 ص

      كل اناء بما فيه ينضح , والتربية تلعب دور كبير بجانب وعي ف التخاطب مع الاخر .

    • ام نضول | 2:52 ص

      مقال رائع

    • زائر 9 | 2:25 ص

      مو بس الردود اختي
      حتى انتقاء بعض المواضيع احيانا
      تأجج الناس لذكر مساوئ الطرف الاخر
      بدال المواضيع الايجابية والي تخليهم يركزون باللي عندهم
      وتخليهم يركزون على احلامهم واهدافهم واشياء ممتعة
      صار المواضيع اللي تكثر فيها التعليقات هي عن الزوجين
      الكلمة الطيبة صدقة ولها تاثير على يومك كله

    • زائر 8 | 12:47 ص

      نفس حمواتي بضبط كله يقطون كلام استغفر الله هم الوحيدين المتربين و الزينين وباقي الناس زباله

    • زائر 14 زائر 8 | 3:50 ص

      الردلزائر ٨
      من كلمة زبالة تبين التربية .
      حمواتش يعني معذورين

    • زائر 7 | 12:40 ص

      ننتظر

      وسنرى اليوم نوعيات الردود على هذا العمود

    • زائر 6 | 12:33 ص

      كفيتي ووفيتي

      لايمكن التعليق علي المقال بأحسن مما كتبتي
      مقالك حوي علي كل الردود الممكنه

    • زائر 5 | 12:27 ص

      أحسنتي أختي العزيزة الغالية سوسن دهنيم, لكن لدي نقطة أريد توضيحها لها علاقة بما قلتيه!
      أحيانا كثيرة نرى أناس منعزلين في المجتمع ولا نفهم أسباب إنعزالهم والحكمة من ذلك! فهؤلاء ليسوا منعزلون لأنهم يعارضون اجتماع الناس والمودة بينهم ولكن هؤلاء قد يكونون بإنعزالهم لا يقبلون الناس المنافقين ودراما الحسد وقسوة الظالمين على الضعاف في المجتمع.

    • زائر 4 | 12:24 ص

      أشاطرك الراي

      ولكن كلما كتبنا تعليقا مفيداً نشر مسؤول الصفحة ما شاء ويتماشى مع حالته النفسية لحظتها وابتسر المهم والأهم منه متربعاً على عرش " قارئ أفكار القرّاء "

    • زائر 3 | 12:17 ص

      يا اختي سوسن الردود الضعيفة تنم عن ضعف من لا حول له و لا قوة في مواجهة الحق و اهله و هي سلاح المرضى و الحساد و فعلا الحل لهؤلاء هو التجاهل حتى لا ينزل الانسان لمستواهم

    • زائر 1 | 11:19 م

      أحنتي أختي العزيزة الطيبة سوسن دهنيم على هذا المقال الرائع! صدقتين والله! المشكلة أيضا أن البعض في ردودة يصل إلى مرحلة أن يرمي النغزات في العرض ليحرق قلب من يحادثة! بعضهم فعلا يستحقون لعنة الله ويستحقون عقاب المجتمع لهم ونبذهم وتأديبهم! يقول الإمام الحسن عليه السلام: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد

اقرأ ايضاً