العدد 5081 - الخميس 04 أغسطس 2016م الموافق 01 ذي القعدة 1437هـ

أزمة النفايات... ثقافة إدارة الأزمات في السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

أزمة النفايات التي كادت تتسبب في كارثة بيئية ذات أبعاد صحية وإنسانية، سلطت الضوء على جملة من المحاذير في واقع الأخطاء التي ينبغي اﻻلتفات اليها، في هكذا حاﻻت عندما يتعلق الأمر بالأمن الصحي والبيئي للمجتمع، وفي سياق ماجرى من محاولات تنظيمية واجتماعات متواترة لاتخاذ ما يلزم من اجراءات لمحاصرة الآثار المحتملة للأزمة على الواقع الاجتماعي، وما رافق ذلك الجهد من خطوات مهمة تمثلت في تنظيم مجموعة من العمليات الموجهة في مواجهة تداعيات الأزمة، فإن ذلك الجهد على رغم البعد المسئول في أهدافه والحرص في الحد من احتماﻻت التسبب في حدوث المخاطر الصحية وانتشار اﻻوبئة، إلا أن المؤشرات في واقع الأمر تشير إلى أن تلك الإجراءات افتقدت في بعض جوانب مساراتها التنفيذية مقوما رئيسيا في بناء فريق العمل التنفيدي، إذ نجد أن مؤسسات مهمة ذات ارتباط فعلي في وظائفها التخصصية التي ينبغي أن تكون في صلب آليات الأنشطة في عمليات مكافحة الآثار الصحية والبيئية والاجتماعية لهكذا حالات، لم يكن لها حضور في خريطة العمل التنفيدي، وذلك يعد نقصاً في التنظيم الإداري والإجرائي في مواجهة الأخطار الممكنة الحدوث لهكذا أزمات، ويمكن أن يتسبب ذلك في ضعف آليات العمل التنفيذي، وحدوث الخسائر المادية؛ نتيجة الإجراءات المتأخرة والبطيئة لاجتثاث الآثار الاجتماعية في حالة وقوع الأزمات المشابهة.

إن تلك المحاذير تطرح عددا من الأسئلة المهمة التي نحن في حاجة إليها لتحصين آليات عملنا الإجرائي والتنظيمي لمواجهة هكذا حاﻻت والتي تندرج ضمن مفهوم الطوارئ، فهل تمت إجراءات عمليات المكافحة وفق مستوى الحدث؟ وهل بالفعل نحن قادرون على مواجهة هكذا أزمات بيسر؟ وما الذي ينبغي اتخاذه للارتقاء بجاهزيتنا في المواجهة؟ وهل استفدنا من دروس الأزمة لبناء خطة للطوارئ في مواجهة هكذا أزمات؟

البعض يرى أن ما حدث ما هو إﻻ سحابة صيف وتمضي، والبعض الآخر ينظر إلى الحدث من زوايا مختلفة، ترتكز على النظرة الشاملة في أبعادها والمتمعنة في طبيعة بعدها الاستراتيجي، الإداري والتنظيمي والاجتماعي للحدث، للاستفادة منه كدرس عملية في بناء خطة للاستعداد المبكر، وهنا تكمن مميزات الفهم الواعي المرتكز على فهم معادلة الحدث وفنون التعاطي مع طبيعة الأزمات الطارئة، وعند قراءة معادلة أحداث الأزمة، ومقاربتها بالمرئيات المختلفة، يمكن تبين مضامين جوهر خلاصة الحدث المتمثل في المخرجات التي هي دروس مهمة ينبغي الاستفادة منها في بناء النهج اﻻستراتيجي في خريطة الطريق للاستعداد المبكر لمواجهة هكذا حالات.

إن القراءة المتمعنة لحيثيات أزمة النفايات، تمكننا في فهم وتبين طبيعة جوهر مضامينها، وذلك يدفعنا إلى دراسة إحداثيات مؤشرات واقع أحداث مشابهة سبقت ذلك الحدث، ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى ظاهرة انتشار البعوض في منطقة الدراز التي تمثل في محددات ارتباط مواصفات، مصدرها المستنقعات المهملة التي كانت غائبة عن مدركات جهات الاختصاص، وتدخل ضمن معادلة أزمة النفايات، كما يمكن أن نتبين واقع ذلك في إمكانية بروز أزمة اكثر اتساعاً وشموﻻً في حقائق النفايات المتداخلة في مكون تركيبها في المواقع الصناعية في المناطق مغلقة المنافذ، المتداخلة مع المجمعات السكنية، والتي يمكن في حالة تفاعل عناصر مكوناتها من النفايات القابلة للاشتعال مع الأخذ في اﻻعتبار المستوى المرتفع في درجة الحرارة في فترة الصيف، من الطبيعي أن تتسبب في أزمة شاملة الآثار الإنسانية والاقتصادية، وذلك يشير إلى أهمية البحث عن مخارج عملية لبناء خطة إجرائية مسبقة المحددات الإدارية والتنظيمية للاستعداد المبكر لمواجهة هكذا حالات.

التجارب المهنية التي شهدنا في محطات أحداثها الميدانية واقعاً وممارسة، بصرتنا المقومات المؤسسة في مواجهة هكذا حالات والحالات المشابهة، وبينت لنا أهمية قدرات القائد الإداري وفريق العمل التنفيذي من مختلف الاختصاصات المتمرسة في تشخيص محددات مخرجات القرار، والموقف الإداري المؤسس في بعده الإجرائي في تجاوز المخاطر الممكنة الوقوع للحدث، ومن تلك التجارب حضورنا واقعة احتراق باخرة نقل بضائع تجارية في أحد الموانئ في دولة خليجية، المكتظ بالبواخر الخشبية، وسلسلة البضائع المتراصة على رصيفه، ووقوعه على طريق استراتيجي مكتظ بحركة المركبات والمارة والعمارات السكنية والمحلات التجارية، إلى جانب حركة الرياح التي زادت الأمر سوءا، هنا يتمثل حنكة وحكمة وسرعة البديهة في اتخاذ القرار الإداري الصائب والمناسب الذي رجح كفة الإسراع في قطر الباخرة إلى خارج الميناء، لتفادي المخاطر غير المدركة أبعادها والتي كان يفترض أن تكون جسيمة في آثارها الاجتماعية والبشرية والاقتصادية والبيئية أيضاً.

إن تلك المعالجات تجعلنا نتبين فوائد منظومة الإجراءات المحددة لمكونات خريطة الطريق المُؤسَسَة في بعدها الاستراتيجي في بناء منظومة إدارة الأزمات التي تعد في مكونها الإجرائي من العلوم الحديثة في علم الإدارة، وترتكز في مكونها على منظومة من الإجراءات المتداخلة في معادلتها التنظيمية، ويجري بناء آلياتها وفق طبيعة محددات الأزمة وتتمثل تلك الاجراءات في:

1 - اﻻجراءات اﻻدارية.

2 - اﻻجراءات اﻻقتصادية والمالية.

3 - اﻻجراءات الاجتماعية والصحية.

4 - اﻻجراءات التنظيمية والأمنية.

5 - اﻻجراءات الفنية في إدارة الأزمات ذات الطبيعة الخاصة.

نعتقد هنا من الضروري التأكيد على أهمية وجود ثقافة مؤسسة في إدارة الأزمات ترتكز في مضمون جوهرها على توافر الاشتراطات الرئيسية للقائد الإداري وتتمثل في:

1) الدراية بفنون المخارج الإدارية في مواجهة الأحداث.

2) التدرج الواعي في التعامل مع طبيعة الأزمة القائمة.

3) الحكمة في اتخاذ الاجراءات المناسبة في التعامل مع واقع الأزمة.

4) التعامل الأخلاقي في اﻻدارة.

5) المسئولية الأخلاقية والالتزام المسئول في إدارة وتنفيذ الإجراءات.

القرار بمختلف تجلياته، وأركان ومُؤسساته وأهدافه ومنهجياته وآليات تفعيله، مطلب مهم في استراتيجية إدارة الأزمات، وإنجاز أهداف خططها التنفيذية، ونعتقد أنه من الأخطاء الكارثية التي تتسبب في الإخلال بخطط العمل التنفيذي في إدارة الأزمات وينبغي أخذها في الاعتبار، جوانب البطء والخوف والفساد في اتخاذ القرارات التنفيذية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5081 - الخميس 04 أغسطس 2016م الموافق 01 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً