العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ

يا غريب كن أديب

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

من بين مهام سفراء الدول في الخارج، إلى جانب متابعة العلاقات الثنائية بين بلدانهم والبلدان المضيفة، واستكشاف فرص التعاون في مختلف الحقول والمجالات، نقل وبناء صورة ثقافية لائقة وجميلة عن بلدانهم التي يمثلونها.

وفي حين أن هذه هي المهمة الرسمية للسفير وأعوانه في السفارة يؤدونها بشكل رسمي ومدروس فإنهم بذلك يمهدون لاستقبال مواطنيهم من قبل هذه الدول سواء للطلاب أو لأصحاب أعمال أو للسياح وللزوار من أجل أي أغراض أخرى تدعوهم إلى السفر لأي من بلدان العالم.

وشهدت السنوات الأخيرة توجهاً كبيراً من الشعوب الخليجية لقضاء العطلات في الخارج خلال شهري الصيف، (يوليو/ تموز) و(أغسطس/ آب)، اللذين يوقّت الكثيرون إجازاتهم خلالهما ربما لوقوع إجازات المدارس خلالهما، وأيضا إجازات جهاز القضاء، أو ربما لأن الطقس القاسي بشكل خاص في هذه المنطقة يؤثر في الطاقة الإنتاجية ويبطئها في هذه الفترة. ويصاحب ذلك افتقار شديد إلى الأنشطة والفعاليات الترفيهية والثقافية على رغم كثرة الشواطئ التي يبحث عنها الكثير من السياح الخليجيين في مقاصدهم السياحية ـ كل ذلك يجعل الاجازة خيارا شبه اجباري للكثيرين.

وما ساعد الخليجيين على اختلاف دخولهم المالية للاتجاه إلى قضاء الإجازات في الخارج هو توافر الناقلات منخفضة الكلفة، وأيضاً الدول السياحية ذات المستوى المناسب من أسعار صرف العملة في مقابل العملات الخليجية، كدول شرق آسيا مثلاً، كما انفتحت خارطة السياحة للخليجيين على دول جديدة، كدول أوروبا الشرقية التي تتمتع بالطقس المعتدل والطبيعة الجميلة، وأيضًا توافر السياحة العلاجية فيها والتي تقع أيضا ضمن اهتمامات المسافر الخليجي.

ويُعتبر الخليجيون فئة مهمة من السياح في الدول التي يتوجهون اليها لمختلف الأغراض، الأمر الذي شجّع بعض الدول على أن تهتم بتوفير ما يتناسب مع خصوصيتهم الاجتماعية والدينية كعنصر جاذب. ولكن وعلى رغم هذه الأهمية التي خلقها الانفاق الخليجي بصورته الباذخة في الكثير من الأحيان، إذ تشير أرقام حديثة إلى أن الانفاق الخليجي على السياحة قد قارب 100 مليار دولار أميركي، فإن هذا الإنفاق خفّت كفته في موازين الدول ذات القوانين والأنظمة المجتمعية الراسخة التي لا تقبل ازعاج أنظمتها ومواطنيها من قبل زوار موسميين يعتقدون أن كل شيء يمكن شراؤه بالمال.

وتفاقمت الصورة النمطية للخليجيين والعرب والمسلمين، الذين بالكاد يميّز بينهم المواطن البسيط في الشرق والغرب بالكثير من الممارسات اللامبالية والمنافية للثقافة والذوق العام في البلدان التي يزرورنها، فارتبطت هذه الصورة بالفوضى ورمي القمامة وعدم احترام الهدوء وانضباط السلوك حتى في أكثر الأحياء والمتنزهات رقيّاً والتي يتفاخر الخليجيون بامتلاكهم عقارات فيها. وسيمر وقت طويل قبل أن تُنسى قصة ذبح البطة وسلقها من قبل شبان خليجيين في أحد المتنزهات الأوروبية.

وإن كان الكثير من الخليجيين يحسبون بعض الحساب لصرامة الأوروبيين في تطبيق أنظمتهم فهم في دول شرق آسيا يتركون لأنفسهم التمادي في التعامل مع مواطني البلدان التي يزورنها بدونية، ولا يميّزون بين الأشياء التي تشترى بأسعار زهيدة وبين الإنسان هناك.

السائح لا يطَّلع على ثقافة الدول التي يذهب إليها فحسب، وإنما هو يذهب بثقافته بكل مكوناتها إلى هذه الدول، وبالتالي يصبح متاحاً للدول المضيفة أن ترى وتتعرّف وتحكم على هؤلاء السياح الغرباء الآتين من الخارج تماماً، كما يحق للزائر أن يعود محملاً بوجهة نظر تخص هذه الدول وهو ما يجعله يعاود الذهاب اليها أو ينصح الآخرين بذلك.

سلوك السائح في الخارج ليس مستحدثاً أو طارئاً وإنما هو مؤشر لثقافة البلد الآتي منه. فجهود الطواقم الدبلوماسية والملحقيات الثقافية في سفاراتنا في الخارج لن تفيد؛ لأن هؤلاء السياح هم السفراء الحقيقيون لبلدانهم في الخارج.

بعض البرلمانات الأوروبية طالبت بتقنين التأشيرات السياحية بعد أن ضاقت بممارسات السياح من بعض الدول، وبأن يتم إعطاء طالبي التأشيرة مطويات دليل الزائر. ولن يكون مستغرباً إن طالبت هذه الدول بأن يجتاز السياح القادمون اليها محاضرات للتعريف بقوانينها وأنظمتها المجتمعية، كما طالبت دولنا بأن تخضع العمالة الأجنبية متدنية الرواتب القادمة من الدول الآسيوية الفقيرة إلى دروس تعريفية بالمجتمعات التي ستعمل فيها وبالحقوق والواجبات. فالثراء المالي لا يفيد ولا يرفع من مكانة الإنسان إن لم يكن مصحوباً بقيم إنسانية وحضارية.

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:19 ص

      صح لسانك والله

    • زائر 9 | 9:13 ص

      ان لم تستحي ففعل ما تشاء،الحياء وما ادراك ما الحياء اذ المرء لا يملك الحياء فإنه مثل البهيمة اعزكم الله يتصرف بتصرفات غريبة وعجيبة سواء غني أو فقير ،،وشكرا للكاتبة

    • زائر 7 | 4:36 ص

      مع اختلاف الاطباع يوجد لذا الوافدين لدينا وتحديدا المقيمين من العمالة الأجنبية تصرفات اكبر مما تطرقتي اليه في مقالك فيما يخص المسافرين الخليجيين في الخارج ونحن معك ، ولكن ما نراه من تصرفات مثل البصق والخروج عاري الصدر والصريخ في عند المحادثات التلفونية في أوقات مختلفة بالنهار وبالليل اكبر من ان يمكن يتحملها المواطن وهذا فيض من غيت ، والله المستعان

    • زائر 6 | 4:36 ص

      لا أدري أصدق من؟ .. هل أصدقك انتي عندما قلتي (فالثراء المالي لا يفيد ولا يرفع من مكانة الإنسان إن لم يكن مصحوباً بقيم إنسانية وحضارية.) .. أم أصدق جدي لما قال لي ((بفلوسك بنت الشيخ تصير عروسك!!)).

    • زائر 5 | 4:25 ص

      بقدر مايتحلى به البحرينين من وعي ورقي وتهذيب شيبا وشبابا من الجنسين ،بقدر ماتفتقر إليه شريحة توازيها في ذات المجتمع إضافة لمزيج من الجيل الجديدالذين تفصلهم فراسخ شاسعة ينتمي أحدهم للعرق البحريني الأصيل ،والآخر ينتمي لللا مبالين فاقدي الوعي وحس المسؤلية .. مشكلة أزلية تصاعدت وتيرتها بتصاعد تحلل الأسرة من أدوارها ومسؤلياتها وغياب التواصل الأسري الأصيل البناء .. فمن يعيد الأصالة في التربية والوعي ؟؟ ان لم نكن نحن !!!.. ومن يعي بأن السيئات تذهب الحسنات وتوصم الجميع بما أقترفه ويقترفه البعض وبإصرار.

    • زائر 3 | 1:15 ص

      بالإضافة الي التقنين و المطلب الأروبي، أنا أطالب الجهات المختصة أن تجبر المسافرين الي أية دولة التعرف عليها و علي قوانينها بدلا من السفر اليها و إهانة وطنهم و مواطنيها بتصرفاتهم الدونية. العقل البشري يتصور بأنه مدرك كل شيئ بسبب تملكه للمال: إن الإنسان ليطغي أن رآه إستغني. لا تغيير بمقال واحد. التجربة تثبت بأن أحترامنا للقوانين و حبنا للتعلم لا يتم الا بإستعمال القوة الفيزيائيه.

    • زائر 2 | 12:58 ص

      اختي نحن كذالك في البحرين نواجه هذا شيء مثال كنت في الطوارئ اخدت زوجي الي الحمام رجعت المريض العربي اخد موسدت سرير زوجي وأصبح تحت راْسه موسدتين فقط وانا ارفع السرير زوجي قلت يا غريب كن أديب وعمل نفسه تعبان ما سمع وأسدلت الستار بيتهم

    • زائر 1 | 11:23 م

      شكراً اختي العزيزه
      أكثر الناس مستأه ومذمره من بعض الجاليات الاسويه من افعالهم ( يبصق ) في الطرق والاماكن العامه واكثر من كذا عندما يلحنها بصوت عالي !!!
      علي الهملي

اقرأ ايضاً