العدد 5178 - الأربعاء 09 نوفمبر 2016م الموافق 09 صفر 1438هـ

فوز ترامب وهزيمة النخبة الحاكمة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن فوز دونالد ترامب في الانتخابات انتصاراً على منافسته هيلاري كلنتون فحسب، بل على النخبة السياسية التي تسيطر على الإدارة والإعلام في واشنطن.

لقد اصطفت النخبة الديمقراطية مع كلنتون، واصطفت النخبة الجمهورية ضد ترامب، ومع ذلك استطاع أن يكسح منافسيه العشرة في الانتخابات التمهيدية قبل 4 أشهر، ويصل منافساً وحيداً لهيلاري التي وقف معها الكثير من الفنانين والمغنين ورموز السينما. وقد أظهر هذا الانتصار أن الإعلام الذي اصطف إلى جانب كلنتون ومهاجماً ترامب، أن أغلبية الشارع الأميركي تقف مع خصمها اللدود. بل إنه ألقى بظلالٍ من الشكوك على دقة الاستطلاعات وصدقية آلياتها، حيث ظلّت في الأسابيع الأخيرة تبشّر العالم بفوز مؤكد لهيلاري، فجاءت النتائج المخالفة صدمةً لمن صدّقوها.

لست مؤيداً لأيٍّ من هذين المرشحين، السيئ أو الأسوأ، لقناعتي بأنهما معاديان لقضايانا وشعوبنا، ولكن لابد أن ندرك أن الشعب الأميركي لن ينتخب شخصاً للدفاع عن مصالحنا. فما درج على كتابته إعلامنا من أن هذا الرئيس أو ذاك أفضل لنا، إنّما هو نوع من أنواع المخدرات والتضليل. فالأميركيون عندما انتخبوا باراك أوباما قبل 8 أعوام، إنّما انتخبوه ليخرج بلادهم من مستنقع حربي أفغانستان والعراق اللتين استنزفتا موازنتهم، وليس لنشر الديمقراطية في العالم الإسلامي، كما قال فصفّق له النواب في تركيا ومصر. لقد انتخبوا محامياً أمس للدفاع عن مصالحهم، وانتخبوا اليوم رجل أعمال للدفاع عن مصالح «الشركة» نفسها.

لقد قيل الكثير عن انحدار هذه الانتخابات إلى مستوى من المهاترات والمكايد والتشويه والتشهير والتخوين، لكنها كانت من أساسيات اللعبة. فبهذه الوسائل تقدّمت كلنتون في الاستطلاعات، وبنفس الوسائل القذرة أطاح بها ترامب.

نحن هنا على بعد آلاف الكيلومترات، بعضنا أيّد ودافع عن كلنتون، وبعضنا دعمها مادياً ومعنوياً، وتعاطفاً قلبياً، وخصوصاً أن الطرف الآخر لم يوفّر فرصة في تقديم نفسه معادياً شرساً للمسلمين والآسيويين واللاتينيين، وهدّد بطرد العرب اللاجئين! وكأننا نسينا ما فعله الديمقراطيون خلال ولاية أوباما ببلداننا. فهم انسحبوا بأقل الخسائر من حرب واحدة بالعراق، وورّطوا 5 أو 6 من بلداننا وشعوبنا في حروب وفتن وانهيارات، ووّسعوا دوائر القتل والدمار والخراب.

إننا ننسى أن رؤساء أميركا لا يأتون بانقلابات، ولا يديرون سياساتهم تبعاً للعداوات الشخصية أو المزاج، وإنما يحكمون تحت رقابة من الكونغرس والصحافة وبقية المؤسسات، ويصلون للحكم بحسب المزاج الشعبي السائد في فترة من الزمن. كما إنهم لا يأتون من فراغ، وإنما تصنعهم المؤسسات والإعلام وقوى رأس المال. وما يُكتب عن ترامب بأنه شخصٌ غبي ليس له معرفة بالسياسة، يدحضه الواقع، فهو رجلٌ من صنع المؤسسة السياسية والمجتمع الأميركي. فالرجل يعمل في حقل السياسة منذ الثمانينات، وقد بدأ العام 1987 جمهورياً ثم انقلب ديمقراطياً، ثم أصبح حراً ثم صار مستقلاً، وأخيراً عاد للحزب الجمهوري ليستقل قطاره للوصول إلى البيت الأبيض.

الرجل مهما بدا متهوراً ومتطرفاً، بذيئاً أو عنيفاً، فإنه ابن ذلك المجتمع الذي انتخب من قبله جورج بوش الابن مرتين، مع صعود موجة اليمين المسيحي المتطرف الذي وعد الأميركيين بأن يكون القرن الحادي والعشرين قرناً أميركياً بامتياز. واليوم يعدهم ترامب بأن تكون أميركا أقوى.

لم أفاجأ إطلاقاً بانتخاب ترامب، وإنما كنت أتوقعه منذ أسابيع، ففوزه لم يحدث أمس، وإنّما بدأت إرهاصاته قبل عامين، في العنف الزائد ضد السود وقتلهم المتعمد أمام عدسات الكاميرات على يد الشرطة نهاراً، حيث كان المجتمع الأميركي الأبيض يعود إلى ذاته فيلومها على انتخاب رجل أسمر للرئاسة. فجذور العنصرية التي عشعشت لأربعة قرون، ليس من السهل محوها من الأنفس والمجتمعات خلال عام أو عقد، وما حدث هو العكس: كلما شاهدوا أوباما يستقل الطائرة الرئاسية، أو يجلس للمكتب البيضاوي، أو يحتضن هيلاري البيضاء، كلما تولّد رد فعل معاكس لوجوده. إنه نتاج مخاض للمجتمع الأميركي في ظرف تاريخي معين، كما كان وصول أوباما نتاج مخاض تاريخي آخر قبل 8 أعوام.

هذه هي حقائق الحياة ورواسب التاريخ، وهو ما لا يستطيع الإعلام محوه، أو تزوّره الاستبيانات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5178 - الأربعاء 09 نوفمبر 2016م الموافق 09 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 8:06 ص

      الكثير منا لم يقرأ ما بين السطور في حملة ترامب الانتخابيه...
      ترامب قلب التوقعات لانه ضمن الحمايه الكامله للصهيونيه فقط وهذا مالم تستطع كلنتون فعله

    • زائر 27 | 8:04 ص

      الجماعة اصبحو يتكلمون عن إسرائيل وكأنها جزء من الأمة العربية وبكل وقاحة وبكل خيانة للقضية المركزية وخاصة في الخليج العربي !!
      ما ادري ليش هل عقولهم أصابها مرض ايبولا مثلا ؟
      أخبروني .

    • زائر 26 | 5:43 ص

      نقول للذين انفقوا اموال شعوبهم لدعم الحملة الانتخابية لكلينتون(( فسينفقونها ثم تكون حسرةً عليهم ثم يغلبون))
      الأنفال ٣٦

    • زائر 24 | 4:11 ص

      يا الحبيب لا تائخدك الحميه اكثر والله اخاف علي صحتك وقلبك وعروق التي مجري دمك اللعنه علي كل ارهابي سوا ايراني او خليجي او باشتوني ولكن الحمد لله العالم الدي يحارب ارهابك ومصنعيه الكل يعرف من الممول والداعم والفكر والرحم الدى ولد منه فبلا ضحك علي روحك وبلا استخفاف علي البشر الله ينصر المقاومين الدين يحاربون الارهاب التكفيرى السلفي بس لمعلوماتك ان الدكرى تنفع المؤمنين

    • زائر 22 | 3:19 ص

      2 تذكروا جيداً وتمعنوا... الثابت الوحيد في السياسة هو التغير الدائم. ماسيتبدل قد يكون كبيراً وقد يكون متناهي الصغر. ولكن جزماً لا مفر من التغيير القادم خصوصاً في العلاقات الخارجية وتحديداً في منطقتنا الشرق الأوسط مستهدفةً الشعوب والحكومات ومقوماتهم خيرا ام شرا هذا ماسنعرفه.

    • زائر 21 | 3:12 ص

      1مازلنا لا نستطيع الجزم بما ستكون عليه المرتكزات والسياسات للرئاسة الجديدة، فليس كل مايقال في الحملات الانتخابية هو فعلاً ماسيحدث،ولكنا نستطيع الجزم بأنه مثلما كانت النتائج النهائية مفاجأة للكثيرين كذلك السياسة الجديدة ستكون مفاجأة.

    • زائر 20 | 2:56 ص

      امريكا ما عندها صداقات عندها مصالح والاوربيون كذلك وكل الامم الا العرب ؟!

      لا فرح ولاحزن ينفع كلهم في الهواء سواء ؛ انتم ايها العرب والمسلمون شوفوا مصالحكم ومصالح شعوبكم في وين وابحثوا عنها ما بيفيدكم غيرها ، اخواني لا تقعدون تتنابزون ببعضكم البعض لا فائدة ابدا غير الاخوة والوقوف مع بعضنا البعض وبناءها نحن من 1400 من النزعات ماذا حصلنا ماذا جنينا ماذا عملنا وزرعنا وحصدنا لنا وللاجيال وابناءنا الى متى سوف نستيقظ كل الامم نهضت الا الامة العربية دوروا بابصاركم وعقولكم الدول العربية كاملة ماذا ترون؟ مصر اكبر دولة عربية لكن للاسف مديونة وقوة معطلة ؟؟ ماذا بقي من دولنا ؟؟؟؟

    • زائر 25 زائر 20 | 5:12 ص

      صح لسانك لكن وين اللي يفهم

    • زائر 18 | 2:02 ص

      هذه هي حقائق الحياة ورواسب التاريخ، وهو ما لا يستطيع الإعلام محوه، أو تزوّره الاستبيانات.
      صاحة خدعوا الناس بالاستطلاعات وطلعت كلها موجهة وفشوش.

    • زائر 17 | 1:37 ص

      الى فرحانين بترامب انشالله اكلتون حلاوة الفوز

    • زائر 13 | 1:09 ص

      امريكا دائما تقدم مصالحها على حساب الآخرين لا يهمها بقية شعوب العالم

    • زائر 8 | 12:39 ص

      الهنود الحمر ٥٠ مليون بقى منهم ٥٠ ألف
      السود تم استعبادهم ٣٠٠ سنة والى الان يريدون استعبادهم ويعتقدون بأنهم عرق متفوق والباقي خس
      أكثر من ٦٠ انقلاب من بعد الحرب العالمية
      صناعة الارهاب
      دعم الطغاة

    • زائر 7 | 12:13 ص

      راحت فلوسك يا صابر : قرأت أحد التعليقات العجيبة والتي اضحكتني وهي أن النحس لازم السيدة كلينتون بسبب دعمها ببعض الأموال العربية والتي اينما حلّت حلّ الدمار وحلّ النحس حتى من كان العالم يتوقّع فوزها واذا بهذا المال المنحوس يفعل فعائله وينقلب الحال فيفوز طرامب وتخسر كلينتون

    • زائر 6 | 12:00 ص

      الأدهى ان أموال بعض الشعوب دفعت لدعم حملة كلينتون فخسرت الصفقة كما خسرت غيرها

    • زائر 3 | 11:02 م

      انشالله السعوديه دائما فى ربيع ، يحفظها رب العالمين ، مثلما حفظ كعبة المسلمين

    • زائر 4 زائر 3 | 11:26 م

      هلووووووو..شدخل السعودية في الموضوع؟!؟

    • زائر 1 | 9:54 م

      رب ضارة نافعه ؛؛؛

      بعض العرب أصابهم الحزن والأسى وشعروا بالخيبة !! وأشد المحبطين هم من دعموا هيلاري من مشيخات الخليج !! أعتقد قد ابتدأ الربيع الأمريكي مع الشتاء السعودي!

    • زائر 5 زائر 1 | 11:49 م

      انت بحريني ؟ اقوووول محد بياكلها الى ايران اكبر دولة في العالم راعية الارهاب مثل ماقال الاخ ترامب و وعد بتصنيف الاخوان المسلين كمنظمه ارهابية و جميع الاسلام السياسي مثل الوفاق العراقي و البحريني و سيتم ومعاقبة ممولين حزب الله ، ترامب صديق جيد مع الدول العربية المعتدله مع اسرائيل و عدو شرس مع من يمول صواريخ ضد اسرائيل . و سترى في الايام القادمه كم انت جاهل.

    • زائر 15 زائر 1 | 1:18 ص

      ( عسي أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم )

اقرأ ايضاً