العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ

هل سيُمزّق ترامب الاتفاق النووي الإيراني؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قُبيل انتخابات الرئاسة الأميركية قال الإيرانيون إن المُرشَّحَيْن هما سيء وأسوأ. لم يُصرّحوا مَنْ هو السيئ ولا مَنْ هو الأسوأ؛ لكن الذي يبدو أن النعت الأول هو لكلينتون والنعت الثاني لترامب الذي فاز بالكرسي. فتجربتهم مع الديمقراطيين هي سيئة لكن مع الجمهوريين هي أسوأ.

أربعة من قرارات مجلس الأمن بشأن البرنامج النووي الإيراني (1696، 1737، 1747 و1803) دفع بها الجمهوريون عندما كانوا يحكمون البيت الأبيض. وبعد أن جاء الديمقراطيون بدأت المفاوضات تتحرك باتجاه حلحلة الأمور، إلى أن تُوِّج اتفاق مايو/ أيار 2015 بين القوى الست العظمى وإيران.

اليوم، يُطرَح هذا السؤال كثيراً: هل سيُمزق الجمهوري ترامب الاتفاق النووي مع إيران بوصفه أحد «أسوأ الاتفاقات التي تم التفاوض بشأنها على الإطلاق» كما قال خلال حملته الانتخابية أم سيلتزم به؟ أما أنه سيلجأ إلى التعويض عنه بالتشدّد مع إيران في برنامجها الصاروخي؟

باراك أوباما الذي سيغادر منصبه في يناير/ كانون الثاني العام 2017 قال إن «ترامب سيلتزم بالاتفاق النووي». والإيرانيون قالوا إن «لديهم بدائل أخرى إذا ما أخلّ ترامب به». والاتحاد الأوروبي قال إنه «ملتزم بتنفيذ تعهداته في الاتفاق النووي»، داعياً «جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها في إطار هذا الاتفاق».

لكن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر قال إنه لا يوجد «أي مانع يَحُول دون انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق المبرم مع إيران لتسوية ملفها النووي إذا ما أراد الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب ذلك»، لكن حذر أيضاً من عواقب ذلك القرار إذا ما اتخذه ترامب.

الحقيقة أن هذا الموضوع به تفصيل واسع. فترامب الذي جاء أساساً كي «يلتفت» للداخل الأميركي بدل الخارج وحروبه وصراعاته، لا يجد أمامه بديلاً عن ذلك الاتفاق سوى الاقتراب من المواجهة مع طهران، وهو أمر يخالف ما يريد. نعم، ربما يطالب بتعديل بنوده، أو استعارة خطة هيلاري في الضغط على إيران في ملفات أخرى كانت قد بدأتها إدارة أوباما وهي برنامج الصواريخ.

لكن، هذا الأمر ربما لن يتبلور بشكل أساسي إلاّ مع اتضاح صورة التوجه الرئاسي القادم في القصر الجمهوري بطهران، والذي ستحسمه انتخابات مايو/ أيار المقبل. فالمحافظون المعارضون للتقارب مع واشنطن إن فازوا فإن فرص اختلال العلاقة بين الجانبين ستكون أكبر. لكن لحد الآن الذي يؤشر هو أن روحاني (أو مدار السياسة الحالية) سيبقى في الرئاسة لدورة مقبلة.

الإدارة الحالية في واشنطن ومثيلتها في طهران دخلتا في اختبارات حقيقية خلال الشهور الماضية. لقد تحسَّس الطرفان (الإيراني والأميركي) موقعيهما من ذلك التقارب جيداً. الإيرانيون اندفعوا بقوة في برنامج صاروخي يرومون من خلاله نيل اتفاق آخر يُشرعن ذلك البرنامج، وقاموا بمواجهة مفتوحة في الفضاء السيبيري مع الأميركيين واعتقلوا بعضاً من رعايا واشنطن.

أما الأميركيون فقد شرّعوا عدداً من القوانين التي تفرمل ما أمكن حركة الاتفاق النووي، وصفقات أخرى من خلال مساعي وزارة الخزانة، وقبل أيام جدّدوا العمل بقانون داماتو على إيران مدة عقد. لكن كل تلك الخطوات «السلبية» من الطرفين لم تؤدِ إلى صراع مفتوح بين البلدين. لماذا لم يحصل ذلك؟

تقول إحدى الأكاديميات بجامعة جورج تاون إن ذلك حصل بفضل «قنوات اتصال» فعالة بين البلدين بدأت بالعمل منذ ما قبل إبرام الصفقة النووية. القناة الأولى هي بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف. والقناة الثانية هي بين وزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز و ورئيس منظمة الطاقة الذرية في إيران على أكبر صالحي. والقناة الثالثة هي بين وزير الخزانة الأميركي جاك ليو ومحافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف.

هذه القنوات، وعلى رغم فاعليتها إلاّ أنها لم تأخذ جانباً مؤسساتياً. بمعنى، أن الاتصال النشط بين الجانبين هو مرهون ببقاء هذه الشخوص في مكانها. فالمؤسسات الثلاث: وزارة الخارجية والطاقة والخزانة في الولايات المتحدة ومثيلاتها في إيران لم تُبنَ على أسس استمرارية تلك القنوات حتى مع رحيل العرّابين.

فالعلاقات الرسمية الناشئة، والتي تحوّلت تالياً إلى علاقات شخصية هي مهددة بالانكسار إذا لم يأتِ طاقم أوسع يحمل المشروع ويؤسس لمسارات أطول فيما خص الاتصالات والتفاهمات. هذا التحدّي هو الذي يُهدد (ليس الاتفاق النووي فقط) بل عموم «التحسن» الذي حصل في العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تشهده منذ أزيد من ثلاثة عقود. وربما مثل هذا الأمر سيساهم في تحديد مواقف ترامب المقبلة.

وسواء أَتمّ ذلك أم لم يتم فإن ترامب سيكون مخطئاً إن حاول الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران (مع بقاء الأوروبيين فيه). فالولايات المتحدة لم تستقر أمورها بعد في آسيا والمحيط الهادئ مع استعار التنافس الياباني الهندي من جهة، والصيني الباكستاني من جهة أخرى، ومحاولة توسيع كل منهما مناطق النفوذ في الجوار الرخو.

والأهم من كل ذلك، هو اختلال العلاقة بين واشنطن وثلاث دول آسيوية تعد من أهم دول الشرق. الأولى هي الفلبين والثانية هي تايلند والثالثة ماليزيا. وربما يجد الأميركيون أنفسهم بعيداً عن مندناو الجنوبية، وعن خمس قواعد عسكرية (بعضها مُطلة على جزر سبراتلي المهمة جداً)، كانت من خلالها تسعى لِلَجم بكين استراتيجياً كي لا تكون سيّدة على بحر الصين الجنوبي.

في كل الأحوال، خريطة المصالح وميزان القوى هي التي ستحدد ما سيجري. وربما التغيير المفاجئ في خطابات ترامب بعد الفوز تدلل على ذلك.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 34 | 1:12 م

      نسيت اهم شيء في قضية تمزيق الاتفاق النووي وهو إسرائيل ودورها في الضغط على ترامب ولنفرض انه مزقه ماذا بعد ذلك ؟ هل سيضرب المفاعلات مع إسرائيل ؟ خطوات ان نفذت تدمر العالم واوله الخليج لا اعتقد ان محور المقاومة سيتفرج على ايران الصادقة في صداقتهم

    • زائر 24 | 5:13 ص

      في ايران يشتمون العرب

    • زائر 18 | 3:52 ص

      ايران هادئة على غير عادتها منذ أنا فاز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية. بالعادة لا يمر يوم إلا و تهدد فيه ايران و تتوعد .. الآن لا نسمع لإيران همسا ... بالتأكيد هو الخوف. الطريف في الأمر أن ترامب تربطه علاقة ممتازة مع بوتين (ولي أمر ايران) ... و لكن ترامب شخص مزاجي و مغرور و ايران كذلك ... فسترون ايران ترتمي في حضن بوتين كلما كشر ترامب عن أنيابه. المحصلة، ايران فككت مشروعها النووي الذي صرفت عليه مئات المليارات، و لكن الغرب لم يفي بالتزاماته في رفع العقوبات.

    • زائر 31 زائر 18 | 9:54 ص

      الله يشافيك بس

    • زائر 33 زائر 18 | 10:32 ص

      حاولت أبحث بين مفرداتك على جمل تندرج منها حقيقة أو معلومة صحيحة فما وجدت

    • زائر 17 | 3:41 ص

      ترامب حتى الآن لم يستلم مهامه رسميا و الكونغرس شغال أوفرتايم عقوبات ضد ايران ... أفلام الأكشن راح تشهد رواج في المرحلة القادمة ... و نحن في الخليج العربي يجب أن نبقى على الحياد تماما، خل الإيرانيين و الأمريكان يطيحون في بعض تذبيح ما لنا شغل، لا تقولون أخوة اسلامية و لا أمريكا حليف استراتيجي،..

    • زائر 16 | 3:30 ص

      يعجبني بعض ا. عندما يتصهينون!..

    • زائر 15 | 3:27 ص

      أي اتفاق نووي؟ أمريكا تحكم العالم، الفلوس في بنوك أمريكا، و إذا لم تكن في بنوك أمريكا، فأمريكا تستطيع أن تصل لهذه البنوك و تبهدلها تحت ألف ذريعة ... صحيح بتقول العالم مو كله أمريكا (في أوربا و في الصين و اليابان) ... نعم هو كذلك، و لكن هل هناك دولة أو بنك أو شركة مستعدة أن تستثمر دولار واحد في ايران و تكسب عداوة أمريكا؟ الجواب قطعا لا .. خصوصا بعد مرحلة ترامب. انظر إلى هدوء ايران بعد فوز ترامب، لو خسر ترامب، لرأيت ايران تتفرعن و تستعرض، و لكنهم قوم يخافون و لا يستحون، القوة ترعبهم.

    • زائر 28 زائر 15 | 8:32 ص

      استثمارات الهند والصين في ايران 24 مليار دولار! نسيت بعد توتال الفرنسية عندها جم مليار بعد ضيفهم

    • زائر 29 زائر 28 | 8:57 ص

      شنو 24 مليار دولار؟ انت مفكر 24 مليار دولار تعني شيء بالنسبة للشركات العالمية الكبرى!! اذا سابك السعودية أصولها فقط أكثر من 60 مليار دولار.. فكم استثمارات توتال الفرنسية في أمريكا و الدول الحليفة لأمريكا؟ انت مصدق الشركات العالمية مستعدة أن تكسب حصتها في ايران و تخسر حصتها لدى الغرب؟!!!

    • زائر 30 زائر 29 | 9:18 ص

      تصحيح لكما: التبادل التجاري بين الصين وايران 50 بليون دولار في عام 2014

    • زائر 32 زائر 29 | 9:57 ص

      صحكتني في هذا الوقت اللي فيه ازمه اقصاديه عالميه ال24مليار تعني الكثير حتى للشركات العملاقه

    • زائر 14 | 3:23 ص

      أنا أرى بأن الإيرانيين يفضلون ترامب و دائماً يراهنون على الجمهوريين لأن المكاسب السياسة و الاقتصادية تأتي مع الجمهوريين حتى و إن كانوا شديدي اللهجة فبوش أهون عليهم من كلنتون و يكفي النظر إلى التنمية ف الداخل الإيراني و القياس الفعلي لتأثير العقوبات على الوضع الاقتصادي. ما تريده إيران اليوم هو الانقلاب على الاتفاق النووي الذي حددإيرتنو يمكن أن تنظر إلى عهد أحمدي نجاد و عهد روحاني من ناحية التنمية و الاقتصاد مع أن نجاد كان تحت العقوبات بشكل أشد. ترامب سيحاول احتواء نفوذها في العراق وسيخذله العرب.

    • زائر 13 | 3:21 ص

      راح تشوفون ايران غير اللي شفتوها خلال العقود الماضية ... ايران راح تصير مؤدبة مثل طالبة في الصف الثاني الإبتدائي ... ايران دولة مجنونة ليس لديها خطوط حمراء و لا تقيم للعقلانية أي وزن، و كذلك المجنون ترامب القادم إلى البيت الأبيض ... المعركة لا تقبل القسمة على إثنين، يا ذابح يا مذبوح. سوالف التهديد و استعراض الأسلحة و التحرش بالسفن الأمريكية و خطف المواطنين الأمريكيين لاستخدامهم كورقة ضغط، أنا أقول إذا ايران فيها خير، خل تسوي 10% من اللي كانت تسويه أيام أوباما.

    • زائر 12 | 3:16 ص

      السؤال هو هل ستتعامل ايران مع ترامب كما كانت تتعامل مع أوباما، هذا هو السؤال الذي يجب أن نسأله جميعا ... يعني تحط واحد حطم الرقم القياسي في الغرور و العجرفة و الغطرسة مثل ترامب و تخليه يتعامل مع دولة حطمت الرقم القياسي كذلك في العجرفة و الغطرسة و الغرور مثل ايران في مواجهة أكيد راح ينتفون ريش بعض (و أنا أكثر من سعيد بذلك أيا تكن النتيجة - نحن فقط يجب أن نجلس نتفرج و نطمش). أيام أوباما، ايران كل ما تصفع أوباما على الخد اليمين، يعطيها الخد الشمال ... أيام ترامب راح تشوفون أفلام الأكشن.

    • زائر 7 | 12:20 ص

      الى زائر 3و5 امبلم لاتفرحون روحكم واجد ايران ستنتصر ان شاءالله رغم انوفكم

    • زائر 5 | 11:37 م

      جاك الموت يا تارك الصلاة ايران الى الزوال باذن الله

    • زائر 9 زائر 5 | 1:07 ص

      الظاهر انت عايش خارج المجموعة الكونية مع التمر والبطيخ

      الجمهورية الاسلامية مرت بظروف اسوأ بكثير من هذه الظروف وتجاوزتها حرب 8 سنوات والعالم باكمله ضدها ومع صدام وهي توها لم تقم على رجليها شهور من نجاح الثورة على الطاغية الشاه المحبب للامريكان ويسمونه الامريكان شرطي الخليج والكل يركع ويسجد اليه ويملك خامس جيش في العالم ومدرب تحت الصهيوامريكان ولكن لم يفلحوا وانتصرت الجمهورية الاسلامية اخيرا واذعن لها صدام ومن وقف معه وسانده بكل ما اوتي من قوة بالسلاح والمال والذهب مدة 8 سنوات ، المحصلة ايران قامت لتبقى الى حين .

    • زائر 3 | 11:04 م

      باذن الله راح يلغي الاتفاق النووي وستنهار ايران . لاكسرى بعد كسرى

    • زائر 4 زائر 3 | 11:19 م

      خوي يقول لك الايرانيين يقدرون في اقل من سنة يرجعون لمستوى التخصيب السابق و ازيد
      وما اعتقد ترامب غبي لذي الدرجة ويكنسل الاتفاق
      بارك الله فيك فكر بعقلك مب شي ثاني

    • زائر 6 زائر 3 | 11:40 م

      مو صالح اي احد الغاء الاتفاق بمافيهم امريكا اي احد عاقل راح يغكر في العواقب بعد الغاء الاتفاق لذلك لن يلغى
      والله يشافيك على ماابتلاك

    • زائر 8 زائر 3 | 12:23 ص

      صدام مزق اتفاقية الحدود مع ايران. اين صار؟ كيف انتهي؟
      لا تنسي الكثير كان يصفق لهم فرحا عند حربه مع ايران.
      ادعو للخير و التلاحم بين البشر.

    • زائر 11 زائر 3 | 1:27 ص

      ذكرتني برغبة نتنياهو

    • زائر 2 | 10:12 م

      انا لا أعتقد

    • زائر 1 | 9:24 م

      سياسيين يمزق الاتفاق مع ايران ايران تقسم الغرب الى قسمين قسم ملتزم بي،الاتفاقيات الدولية وقسم لا يفي بي الاتفاقيات الدولية هذا يزيد الخلاف بين امريكا مع اروبا هذا في صالح ايران سياسيين شق صف الخصم الى قسمين ،،،،،

اقرأ ايضاً