العدد 5242 - الخميس 12 يناير 2017م الموافق 14 ربيع الثاني 1438هـ

القائمة الحمراء... وقفة للتأمل

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

إطلاق التقرير الإقليمي الأول للقائمة الحمراء في مملكة البحرين في 9 يناير/ كانون الثاني2017، في حفل خاص في المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، بمشاركة شخصيات مهمة، وخبراء ومختصين وناشطين ومهتمين في قضايا البيئة والتنوع الحيوي، خطوة إستراتيجية في تبني مبدأ الشفافية في طرح حقائق الواقع البيئي، وتأكيد الإرادة السياسية لمملكة البحرين في تبني نهج موجه في بناء خريطة الطريق الوطنية، المؤسسة في مناهجها ومعاييرها البيئية للحد من حالة التدهور في بيئات المناطق الطبيعية للتنوع الحيوي، والعمل بمنهجية واعية ترتكز على المعايير العلمية الحديثة في معالجة الأسس الاستراتيجية للتنمية، من منظور فهم ضرورة الأخذ في الاعتبار صون موائل التنوع الحيوي، والأنواع المهددة بالانقراض في نظم البيئات الطبيعية في مملكة البحرين.

التقرير الإقليمي للقائمة الحمراء في مملكة البحرين يمثل وقفة مُؤسَسَة في فهمها التأمل في حالة البيئة، وتشخيص دقيق ومؤسس للواقع البيئي، إذ يقدم بيانات دقيقة اشتغل في تشخيصها خبراء محترفون في تقييم حقائق الواقع البيئي. وعلى رغم الأهمية الإستراتيجية للتقييم والبيانات التي تضمنها التقرير في توصيف حالة البيئة، فإن المخرجات البيانية للتقرير تبدو غير مريحة وتبعث حالة من التشاؤم والخوف، وتدق ناقوس الخطر على مستقبل ثروتنا البيئية، وخصوصا المعالم الإحيائية التي تمثل مصدرا اقتصاديا متجددا، ومقوما إستراتيجيا للأمن المعيشي والبيئي لأجيال الحاضر والمستقبل، ذلك ما تشير إليه الحقيقة المقلقة لواقع البيانات التي تضمنها التقرير. وعلى رغم ذلك، نحن نرى أن التقرير يؤسس لحالة إيجابية في معالجة الواقع البيئي، ينبغي إدراك فوائدها، إذ يطرح في جوهر مضامينه جملة من الأسئلة الملحة في شأن حالة البيئة، والخطوات الإجرائية والعلمية وخطوات العمل التنفيذي في تأهيل نظم البيئات الطبيعية التي من الطبيعي أن تضعها السلطات البيئية المختصة والمعنية في مقدمة أولويات أهداف خططها التنفيذية، التي يمكن أن تعالج بموجبها الواقع البيئي الذي جرى تشخيصه لتحسين الحالة البيئية غير المريحة، والصادمة التي بينتها مفاصل بيانات حقائق الواقع البيئي التي تضمنها التقرير.

التقرير يبين أن القائمة الحمراء للأنواع المهددة ™ توفر تصنيف وتقييم حالة الصون والتوزيع والمعلومات بشأن النباتات والحيوانات التي جرى تقييمها، باستخدام فئات ومعايير القائمة الحمراء، ويشير إلى أن مملكة البحرين أرخبيل مكون من أكثر 84 جزيرة، وتقع في النصف الجنوبي من الخليج العربي، ومساحتها الإجمالية تقدر بـ 769.6 كيلومترا مربعا، ويحيطها من المياه الإقليمية 7497.1 كيلومترا مربعا. وعلى رغم مساحتها الجغرافية المحدودة والظروف المناخية القاسية، فإنها تضم في حدودها الكثير من مظاهر التنوع الاحيائي المهمة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتوفر موائل حيوية للكثير من الأنواع البحرية والبرية المهمة، مثل: الغاق السقطري وبقر البحر (الأطوم) والصقر الفاحم، وغيرها الكثير من الأنواع، وأطلقت مملكة البحرين برنامج لمتابعة ورصد التنوع الاحيائي، من خلال إطلاق التقييم الأول واختيار 23 نوعا لبدء عملية التقييم للقائمة الحمراء، وكانت نتائج التقييم 6 أنواع مهددة بشكل حرج، 5 مهددة بالخطر، 5 معرضة للخطر، 4 تحت التهديد، 1 أقل تهديدا، 1 غير مُقَيَّم، و3 غير قابلة للتطبيق.

المخرجات العلمية للتقرير أظهرت الحاجة الملحة لإيلاء التنوع الاحيائي البحري أولوية قصوى للصون، حيث خرج التقرير أن 9 أنواع بحرية مهددة بالانقراض من التي جرى تقييمها، إذ لاحظ الدارسون تناقص المرجان إلى ما يزيد عن 90 في المئة في المياه الإقليمية في مملكة البحرين، بالاضافة إلى تناقص في أنواع المياه العذبة بنسبة تتراوح ما بين 25-50 في المئة، واعتبرت 6 أنواع حرجة مهددة بالانقراض: مرجان الخس ومرجان قرن الغزال والقرم (المانغروف) الرمادي، وسمك المنشار وخنزير البحر عديم الزعنفة وسلاحف منقار الصقر. وفي السياق ذاته، يشير التقرير إلى أنه جرى تقييم 5 أنواع مهددة بالانقراض، وهي 3 أنوع من الأعشاب البحرية (Halophila stipulacea, Halophila ovalis. Halodule uninervis) والسلحفاة الخضراء والصقر الفاحم، وخرج التقييم بخمسة أنواع من أصل 23 جرى تقييمها أنها معرضة للانقراض منها: ضفدع المستنقعات وسلحفاة المياه العذبة والأطوم أو بقر البحر، وبلشون البحر والغاق السقطري أو غراب البحر السقطري.

التقرير يضع في الاعتبار البعد الاستراتيجي لمنهجية تغيير حالة البيئة، وبالارتكاز على المعايير العلمية، يتبنى منظومة من المخرجات يشخص بموجبها الإجراءات المطلوب اعتمادها، إذ يوصي بانتهاج مبدأ المناطق المحمية لحماية الأنواع المهددة وصون بيئاتها، واعتماد منهج التوعية والتثقيف لتحقيق فهم أفضل تجاه الأنواع الفطرية المهددة، وتبني نهج التنمية المستدامة وتطوير أساليب علمية تطبيقية تهدف إلى صون الأنواع وبيئاتها، والسعي لتفعيل وإنفاذ القوانين التي تبنتها مملكة البحرين من أجل صون الحياة الفطرية، واستحداث تعليمات جديدة مبنية على الدراسات والأبحاث الحديثة، بما يستجيب للوضع الحالي في صون الحياة الفطرية، وتبني كل الوسائل المتاحة للتقليل والحد من مصادر التلويث الحالية والمتوقعة، وتضافر وتنسيق الجهود بين المؤسسات والمنظمات الحكومية المعنية، المنظمات غير الحكومية، والجامعات، والقطاع الخاص، والخبراء، وتصميم وتبني نظام مراقبة دوري يستهدف الأنواع المهددة وبيئاتها يغذي قاعدة بيانات مركزية، والعمل والتنسيق على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، والحرص في استدامة العمل على تقييم الأنواع الوطنية على خطى نهج مشروع القائمة الحمراء الحالي، مع إشراك المزيد من ذوي العلاقة المعنيين حتى تغطية تقييم جميع الأنواع، وبحسب الإمكانات على المستوى الوطني.

الملاحظ أن الخبراء المختصين القائمين على إعداد التقرير، والذين بلا شك على مستوى كبير من الكفاءة والخبرة العلمية في إعداد التقارير الإستراتيجية المرتكزة على المعايير العلمية في إنتاج هكذا تقارير، على رغم أنهم التزموا بمعايير معادلة ثلاثية التقييم المتمثلة في قراءة الواقع البيئي، وتشخيص مستوى حالة البيئة، إلا أنهم أسقطوا من حسابهم تقييم الأسباب التي أدت إلى نتيجة ذلك الواقع، ونرى أن ذلك يمكن أن يضعف في بناء منظومة الإجراءات المطلوبة لتصحيح الواقع البيئي القائم.

إن ما ينبغي التشديد عليه انه على رغم ما هو محيط بواقع التقرير من ملاحظات، يمكن أن تثير لدى البعض حالة من عدم الثقة في إمكانية التغيير الإيجابي للواقع البيئي، إلا أننا نرى ما جرى تشخيصه في التقرير خطوة إيجابية ينبغي الترحيب بها، والمساهمة في دعم خطواتها التنفيذية. ونتمنى، كما يتمنى الحريصون على مستقبل الواقع البيئي في بلادنا، أن يجرى تجسيد فعلي للتوصيات، التي جرى تشخيصها والتسريع بشكل عملي في بناء وتنسيق القواعد القانونية المنظمة لإجراءات حماية البيئة، وصون معالم نظمها الطبيعية، وإنتاج نظام قانوني شامل يساهم في الحد من حالة التدهور البيئي، والإنجاز المُؤسَسَ لمنظومة أهداف التنمية المستدامة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5242 - الخميس 12 يناير 2017م الموافق 14 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:08 ص

      أي مستقبل بعد دمار الثروة المائية ولحقتها الثروة السمكية والزراعية والآن الدور على الثروة الانسانية البحرانية هناك محاولة للتغريب والتخريب لكل اصيل على ارض اوال

اقرأ ايضاً