العدد 5257 - الجمعة 27 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ

«المفتاح»: عمل يُشرع الأبواب لتساؤلات متعددة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

بجسده المرتعش، ولسانه المتأتئ، بصوته المدوّي الذي يرتفع تارة ويخمد تارة أخرى. بسلاسله التي تربطه بـ«حسن»، الباحث عن الحب والحرية معه، المتردد في اتخاذ القرار، بترددهما معاً خوفاً وألماً، كان الفنان حسين عبدعلي يتحرك على خشبة المسرح، خلال عرض مسرحية «المفتاح» التي قدمها مسرح الصواري لثلاثة أيام منتصف يناير/كانون الثاني 2017، على خشبة الصالة الثقافية.

تدخل قاعة العرض فتجد المقاعد مصفوفة على خشبة المسرح، كأنهم أرادوا لك أن تكون جزءاً من العرض، جزءاً من المشهد، باعتبارك ممثلاً «كومبارس»، وكيف لا يكون كذلك من يجد أمامه من يناضل في وجه متسلط يسرق حريته من غير أن يحاول مساعدته أو بأقل تقدير تشجيعه.

برع المسرحي إبراهيم خلفان في اختيار الفكرة التي قال عنها: إنها الفكرة التي تصلح لليوم في ظل كل ما يشهده العالم. إذ لا يمكن أن تقدم عرضاً لقضية مطروحة في فترة التسعينيات على سبيل المثال كقضايا المرأة التي طالما طرحت بأشكال مختلفة. العرض من سينوغرافيا واخراج إبراهيم خلفان وتمثيل حسين عبدعلي وعمر السعيدي ومنذر غريب، وكان فيها حسين المبشر هو متابع الإنتاج، ومحمد شاهين مساعد مخرج.

العرض بدا صادماً، مختلفاً، وهو ليس بغريب على كل من شارك في إنتاجه ابتداءً من مخرجه وليس انتهاء بممثليه.

يجعلك العرض تقف أمام كل السلطات التي تقيد حريتك، تتساءل عن تلك القيود والسلاسل. تتحسسها بكل مشاعرك، تفكر في كسرها، تحاول نسيانها تارة، وتذكرها تارات عدة.

في العرض يتحكم ذو السلطة باثنين، هما كل من معه. يقيدهما معه في سلاسل نسي بعد مدة من الزمن أين هو مفتاحها، بعد أن أوهمهما طوال فترة قيدهما أنه يمتلكه. يحلم الأسيران بالحب والحياة والحرية. لكنهما في كل مرة يعليان صوتهما بالحلم. يجدان منه عنفاً وزجراً. هل عليهما أن يصمتا؟ أن يقبلا بكل تلك القيود؟ أن يكفا عن التساؤل والحلم؟

كل تلك الأسئلة جعلتهما يواصلان المحاولات في كسر تلك السلاسل. حتى يأتي اليوم الذي يفاجئهما بقوله إنه لا يملك المفتاح، فيصدمان ويعيشان حالة من الهستيريا قبل أن يقترح عليهما حلاً يبدو مستحيلاً لمن لا يملك جرأة التضحية مقابل الحرية. أن يخسر شيئاً ليعيش حراً، حتى وإن كان عضواً من أعضاء جسده! كان اقتراحه أن يضحي كل منهما بكفه، وحين وافق إبراهيم اشترط عليه أن يكون له عبداً طوال العمر.

أن تخسر عضواً من جسدك، وتبقى عبداً طوال عمرك، أو أن تبقى أسير سلاسل ومكان مجهول. هكذا كان عليهما أن يقررا.

وافق ابراهيم الذي جسد دوره حسين عبدعلي بكل إبداع، بينما خاف حسن هذه الخسارة، لكن إبراهيم قرر أن يقتل سجانه ثم يقطع يده ليمضي في حريته.

مشهد القتل والتضحية مقابل الحرية بدا عنيفاً، وخصوصاً أنه جاء بعد ترقب ورغبة في معرفة ما الذي سيحدث الآن. مشهدٌ طرح تساؤلات متعددة: هل كان عليه أن يقتل سجانه؟ هل كان عليه أن يقطع كفه؟ هل كان عليه أن يقبل بالقيد ويظل أسيراً؟ هل كان عليه أن يواصل محاولاته السلمية بإقناع السجان أن يكف عن حبسه؟ كل هذه التساؤلات مشروعة أمام عرض كهذا، وواقع لا يختلف كثيراً عنه.

كان العرض بديعاً من حيث روعة تجسيد ممثليه لأدوارهم. ومن حيث مشاركة الجمهور خشبة العرض، وديكور المسرح الذي بدا بسيطاً عفوياً وذكياً، والأهم من حيث الفكرة ووقت عرضها في ظل أحداث مختلفة يعاني منها العالم.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5257 - الجمعة 27 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:44 م

      قلمك فاتن يا أختاه ، دامت أناملك مطرزة لرائق ما يتقاطر من بنات فكرك .

اقرأ ايضاً