العدد 5298 - الخميس 09 مارس 2017م الموافق 10 جمادى الآخرة 1438هـ

غلق «وعد»

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

رجع المرحوم عبدالرحمن النعيمي من المنفى بعد 33 سنة بعيداً عن وطنه، إذ جاء العفو السامي من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة سنة 2001، وبدأ بوضع أُسس جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، فكانت «وعد» أول بوادر المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

و«وعد» لمن لا يعرفها، هي تنظيم سياسي وطني يؤمن بالديمقراطية، وهي ليست جديدةً على المجتمع البحريني، بل كانت موجودةً إبان الحركات الوطنية البحرينية، ولطالما سمعنا عن «وعد» من قبل، إلى أن تحقّق الحلم لنعيش في ظل مشروع جلالة الملك انفتاحاً سياسياً يقبل بوجود الرأي والرأي الآخر.

عندما تتوجّه إلى هذه الجمعية فإنّ أول ما تُلاحظه هو وجود 6 أجيال داخلها، جيل الخمسينات والستّينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات والألفية، وتعيش الماضي والحاضر والمُستقبل وأنت معهم، ومن يتواجد فيها هم النُخبة من المفكّرين.

اليوم باتت «وعد» مُهدّدة بالغلق، بسبب دعوى رفعها وزير العدل، إلاّ أنّ «وعد» ليست مقراً يذهب إليه النّاس، بل هي فكرٌ تواجد منذ زمن، ونحن عندما نُغلق المكان لا نُغلق الفكر، فإن كانت وزارة العدل ترى أنّ «وعد» تجاوزت الحدود، فإنّ هناك قنوات يستطيع الجميع التوصّل لها من دون غلق الجمعية.

يؤسفنا ما يحدث، فوجود معارضة ووجود موالاة، ووجود وسطيين من دون المساس بالإنسان، ومن دون تغذية الإرهاب، هو أساس الدولة المدنية، ودليل على نجاح مشروع جلالة الملك، فلقد كانت له رؤية في ضم جميع الأطياف تحت مظلّة الوطن.

هناك حلول كثيرة غير الغلق لهذه الجمعية العريقة، ولكن يا تُرى من لا يريد «وعد» أو يُريد حلّها أو إغلاق مقرّها؟ لا نتمنّى أن تكون لدى وزارة العدل نيّة بإغلاق «وعد»، فالإغلاق معناه إغلاق باب من أبواب الحلول الممكنة من أجل تحقيق التوافق الوطني، فالتوافق والحوار والمصالحة هي أسس للإستقرار السياسي والاقتصادي.

تتسارع الأمور في البحرين، سواءً من ناحية إيجابية أو من ناحية سلبية، وبين هذا وذاك يخشى المواطن أكثر ما يخشاه أن تذهب الجهود سُدى، ففي 2001 كانت البحرين تعيش عُرساً ديمقراطياً متوهّجاً، ونحن قيادة وشعباً نستطيع أن نكرّر هذا العرس.

أليس من الأفضل لنا جميعاً أن نتوافق ونتعايش، لأنّ الجميع يخسر في ظل الاضطرابات وعدم الاستقرار، فنحن عندما نُغلق جمعية كـ «وعد» لا نُغلق الفكر، وإنّما يبقى الفكر ويبقى النّاس، وما لا يستطيعون الوصول إليه في مقرّهم سيصلون إليه في وسائل التواصل الاجتماعي.

الذي ينظر إلى المدى البعيد يجب أن ينظر كيف ستكون البحرين بعد 10 سنوات، خاصةً وإننا نعاني من أزمة اقتصادية قويّة، ونجد صداها في كثير من الشئون، فهل نريد بعد هذه المدّة أن نجد البحرين بلداً تحتضن الجميع وفق ما ينص عليه الدستور الذي يُعتبر «أبا القوانين كلّها»، أم سنعيش بهذا الوضع سنوات أخرى؟

إذا أغلقت «وعد»، ثمّ ماذا؟ لم نحل المشكلة الرئيسية، ولذلك لن تنتهي القصّة، وحل المشكلة الرئيسية سيجعل البحرين في استقرار ليس على مدى 10 سنوات مقبلة، ولكن على مدى أزمنة طويلة. وجمعة مباركة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5298 - الخميس 09 مارس 2017م الموافق 10 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 4:25 ص

      لايريدون الحق كلام الحق يزعل لايريدون البلد تستقر اكثر ميزانية البلد للداخليه ...

    • زائر 30 | 4:19 ص

      في الديمقراطية يتطور الحكم والمعارضة ويؤمنوا بالثوابت وحفظ الأمن والامان ، وللعلم هذه التنظيمات تعرضت لانشقاقات متعددة بسبب عدم النقد الذاتي والمراجعة في النظرية والتطبيق ، فلنراجع المسارات والمواقف والانجرار الأعمى والالتزام بالقانون وفضح التيارات المتطرفة وعدم التعاطف معها قولا وفعلا وإيجاد التبريرات لها.

    • زائر 25 | 2:37 ص

      بارك الله في قلمكِ المنير وعقلكِ الرزين وطرحكِ الجميل، فعلاً نحن بحاجة إلى عقول حكيمة قادرة على حل المشكلة وجعل البحرين واحة إلى الإستقرار والازدهار

    • زائر 24 | 2:05 ص

      الله يرحمك يا ابو امل
      وعد جمعت الجميع تحت سقف واحد مختلفين ربما في بعض الاراء ولكن رؤية الجمعية نحو دولة مدنية توحدهم

    • زائر 18 | 12:21 ص

      صح لسانك أستاذة.
      وعد هي فكر تواجد منذ زمن، جمع بين جميع أطياف المجتمع وخلق منصه بعد عن الدين والمذهب.
      الله يرحمك يا عبد الرحمن!

اقرأ ايضاً