العدد 5356 - السبت 06 مايو 2017م الموافق 10 شعبان 1438هـ

هيئة البحرين للثقافة والآثار والنظرة الأرستقراطية

يوسف مكي (كاتب بحريني) comments [at] alwasatnews.com

كاتب وباحث بحريني

في العام الماضي 2016 صدرت مجموعة من الكتب، نحو 10 كتب مترجمة الى اللغة العربية من اللغتين الانجليزية والفرنسية. وتأتي هذه الكتب ضمن مشروع تدعمه «هيئة البحرين للثقافة والآثار» ويحمل اسم «مشروع نقل المعارف»، بإشراف الطاهر لبيب عالم الاجتماع التونسي.

ولاشك في أن المشروع إذا ما أخذ في عمومه هو مشروع طموح، ويعتبر بادرة طيبة بالنسبة لهيئة الثقافة والآثار، من أجل التعريف بالمنجزات الثقافية للآخرين.

هذا في المطلق. لكن من حيث التفاصيل فيبدو أن المشروع تعتريه كثير من السلبيات، والتفاصيل التي تشكك في جدواه وصدقيته، فاسم المشروع كبير «مشروع نقل المعارف» ويشرف عليه الطاهر لبيب، لكننا لا نعرف شيئا آخر عن طبيعة هذا المشروع الكبير، ومن هم الذين يشرف عليهم الطاهر لبيب. فمشروع من هذا القبيل لابد وأن يقوم عليه جهة -لجنة- مثلا وذات اختصاص ومن كبار المفكرين. في حين اننا لا نعرف من شخوص هذا المشروع سوى الطاهر لبيب.

وثانيا: لاحظت في أن الكتب المترجمة هي كتب قديمة بالمقاييس الثقافية والفكرية والمعرفية، ومعظمها قديم جدا يعود إلى سنة 1962 كما في كتاب «أصول الفكر الاغريقي» وهو كتاب لايقدم جديدا، وبعضها مر عليه أكثر من 30 عاما كما في كتاب «هل اعتقد الاغريق بأساطيرهم»، الذي يعود الى سنة 1983، والبعض الآخر مضى عليه من 25 عاما كما في كتاب «لغات الفردوس» وأكثر من 20 عاما كما في كتاب «قصة الفن» ويعود إلى سنة 1995، وهي كتب أكل الدهر عليها وشرب، وباتت معلوماتها متقادمة وتجاوزها الزمن بحكم أقدميتها. أما أحدث كتب السلسلة فهي ثلاثة كتب فقط، الأول يعود إلى 2003 وهو كتاب «الزمن اطلال» والثاني هو «الأبجديات الثلاث» ويعود الى 2007، والثالث كتاب «التحليل النفسي» ويعود إلى 2013.

أما ثالثا: ومع شديد احترامنا لكل المترجمين لهذه الكتب، فيلاحظ غياب تام للمترجمين البحرينيين، وقد وضعت أسماء مترجمين عربا، ولا يوجد من بينهم ولا مترجم بحريني واحد. لماذا؟. هل اختفى المترجمون من البحرين؟

فمشروع صادر من هيئة وطنية بحرينية اسمها «هيئة الثقافة والآثار» من الطبيعي، لا بل من البديهي، أن يكون للمثقف وللمترجم البحريني دور وحضور فاعل في مثل هذه المشاريع، ليس فقط في الترجمة؛ بل حتى في القيادة والإشراف على هذا المشروع وأمثاله، ولدينا من المثقفين والمفكرين والمترجمين المشهود لهم في مثل هذه المجالات الثقافية والفكرية والمعرفية.

لكن فيما يبدو أن القائمين على هيئة الثقافة والآثار ومنذ مدة لديهم عقدة أن مغني الحي لايطرب، وكذلك النظرة الارستقراطية في التعامل مع المشاريع الثقافية والمثقفين والفنانين، بحيث يتم التعامل مع العنصر البحريني مهما كان مجاله الثقافي من خلال نظرة استعلائية، وبالتالي يتم تجاهله في مثل هذه المشاريع، وأنه وفقا لهذه النظرة لايشرف بلاده، وعليه يتم استبعاده وإحلال آخرين محله. ومن ثم تسند هذه المشاريع إلى أناس غير بحرينيين، ولا يهم من يكونون وبطرق فيها كثير من الرغوة والبهرج والاستعراض، واستبعاد البحرينيين.

لذلك فإن هذا المشروع هو أقرب إلى الفضيحة الثقافية منه إلى مشروع «نقل المعارف»، طالما أن البحريني المعني بالمعرفة والثقافة مستبعد منه ومغيب عنه، وخاصة في مجال ترجمة المعارف / الكتب المذكورة.

أظن أننا لا نجانب الصواب عندما نؤكد على أهمية أن تعيد هيئة الثقافة والآثار الاعتبار لمثقفينا ولمفكرينا ولأدبائنا ولفنانينا ولثقافتنا الوطنية، وتغير من طريقتها الاستعلائية على كل ما هو وطني من خلال إشراك كل ما هو وطني في مشاريعها. وبذلك فقط يمكن أن نباهي بثقافتنا وبإمكاننا أن ننقل حقيقة معارف الآخرين وفقا لما يراه مثقفونا، وليس لما يراه الآخرون لنا أيا كانوا.

ولنبدأ بتغيير هذا النهج بإعادة النظر في مشروع سلسلة نقل المعارف ببحرنة المشروع جملة وتفصيلا، وبشكل شفاف من ألفه إلى يائه، وخاصة أن المشروع من ذوي الكلفة العالية. أخيرا هل يلقى نداؤنا آذانا صاغية، نأمل ذلك.

إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي (كاتب بحريني)"

العدد 5356 - السبت 06 مايو 2017م الموافق 10 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 12:58 ص

      وهل تعلم
      ليس في مجال الثقافة والآثار فحسب، بل ان جل المرشدون الثقافيون والآثاريون وكذلك السياحيين من الأجانب !! تصوروا ذلك !!!!

    • زائر 8 | 12:12 م

      وهل تعلم
      ليس في مجال الثقافة والآثار فحسب، بل ان جل المرشدون الثقافيون والآثاريون وكذلك السياحيين من الأجانب !! تصوروا ذلك !!!!

    • زائر 3 | 5:39 ص

      الاجانب ما زالوا يعملون في الثقافة بالرغم من عدم معرفتهم بتاريخ واثار البحرين ما زالوا يعملون ويصدرون الاوامر على الموظفين البحرينين وللعلم يمثلون البحرين في الاجتماعات والمؤتمرات الخارجية ويتحدثون عن ثقافة وتراث البحرين سؤال اين النواب اين .........

    • زائر 2 | 5:34 ص

      كلامك صيحيح ان الثقافة تستعين بالاجانب والدليل قم بزيارة الى الهيئة وشوف بعينك الموظفين البحرينيين اصحاب المؤهلات العاليه مهمشين والاجانب الذين يعملون بعقود على القطاع الخاص هم من يعملون ويستلمون الرواتب العالية ما نقول الا حسبى ونعم الوكيل الله المستعان لان النواب وديوان الخدمة المدنية عيونهم ما تشوف

    • زائر 1 | 2:29 ص

      المعارف او المعرفة مفهوم ليس من المنتوجات الاستهلاكية التي تصبح منتهية الصلاحية بعد فترة معينة، فما يضير الكاتب من التعرف على افكار و مفاهيم كانت غير معروفة بالنسبة للقارئ الجاد ؟ المعرفة بحر واسع وليست وقفا على زمن معين ثم ليس عيبا الاستعانة بمفكرين من غير البحرين ... بالعكس الاختلاف اضافة علمية للجميع اما التمسك بالبحرنة فقط في مجال الثقافة فاني أرى في ذلك عنصرية ممقوته لن تضيف جديدا للفكر البحريني.

اقرأ ايضاً