العدد 5375 - الخميس 25 مايو 2017م الموافق 29 شعبان 1438هـ

تمكين المجتمع المدني

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

أثار اهتمامنا الحرص المسئول الذي يتبناه وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل محمد علي حميدان في توفير الظروف، وبناء المقومات المؤسسة في منطلقاتها وأهدافها التي يمكن أن تساهم في تمكين جهود المجتمع المدني، وذلك توجه يعزز فاعلية إنجاز الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة، إذ إن التمكين منهج أكد فاعليته في الارتقاء بمساهمات قطاعات المجتمع على اختلاف قدراتها وإمكاناتها، ومستوى مساهماتها في الارتقاء بفاعلية البرامج التنموية، وبالأخص منها قطاعي المجتمع المدني والعلمي، في دعم خطط بناء وإنجاز مشروعات التنمية، ودعم مؤسسات الإنجاز بالأفكار المنهجية في عملية تخطيط وتنظيم وإدارة المشاريع والأنشطة التنموية ضمن منظومة العمل الاستراتيجي للدول في إنجاز خطط أهداف التنمية المستدامة، وذلك ما تُبينه مؤشرات تنفيذ برامج الدول التي تؤكد في مضمون جوهرها الأهمية الاستراتيجية لمنهج التمكين، في تحفيز القطاعات المجتمعية للمساهمة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، بما يؤكد الاتجاهات المنهجية لرؤية المجتمع الدولي المؤكدة في المبادئ والقواعد التوافقية للمشروع الدولي في الحقل البيئي، المحددة في مواثيق قمم الأرض المتمثلة في مؤتمر استوكهولم للبيئة البشرية-حزيران -1972، ومؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة-ريو-1992، ومؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة جوهانسبرغ- 2002، ومؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة-ريو-2012.

وفي إطار قراءتنا العميقة لمنهج التمكين، كأدات فاعلة في تحفيز العمل والإنجاز، وتبنينا معايير ومبادئ إستراتيجية المنهج الدولي في شأن اتجاهات تحفيز الجهد الاجتماعي، وتمكينه في إنجاز أهداف الخطط التنموية والنماء الاجتماعي، من الطبيعي أن ندرك حقيقة ثابتة في شأن منظومة العمل لتحفيز الجهد الاجتماعي، أن للتمكين أدواته المختلفة الوسائل والاتجاهات التي ينبغي إدراك مخارجها، والأخذ بمعايير منهجياتها وآلياتها ومنطلقات أهدافها، واعتمادها في منظومة العمل لغربلة وتشخيص وتحديد جودة النشاط ومغازيه الحقيقية، والعمل في سياق ذلك في تقويم وتحفيز أنشطة المجتمع المدني، بطريقة منهجية ومؤسسة في تقييم نوعية وطبيعة وبُعد مضمون جوهر أنشطة مؤسسات المجتمع المدني، التي يمكن أن تكون فاعلة ومتفاعلة في تبني الأهداف الجوهرية في التمكين الواقعي لخطط العمل التنموية، المرتكزة على الأهداف الحقيقية البعيدة عن الأنشطة المظهرية الجوفاء المدمرة للنشاط الاجتماعي، المؤسَسَ في أهدافه في عملية تخطيط وتنفيذ البرامج، والأخذ بناصية البرامج المتميزة في بُعد أهدافها، المفيدة في الارتقاء المسئول بمشاريع المجتمع المدني المؤسَسَة في بعد مراميها ومقاصدها، التي يمكن أن تساهم في تحفيز الشراكة المجتمعية في خطط التنمية والتفاعل المبدع في إنجاز أهداف التنمية المستدامة.

رعاية المسئول رفيع المستوى في قمة الهرم الحكومي ومشاركته الفعلية في الأنشطة التي تنظمها مؤسسات المجتمع المدني، من الأدوات المهمة في تحفيز العمل المدني والارتقاء بفعالية مساهمات مؤسساته في المشاريع الاستراتيجية للتنمية المستدامة، ذلك ما لمسناه في نتائج رعاية وحضور وزير العمل والتنمية الاجتماعية لعدد من أنشطة مؤسسات المجتمع المدني التي كان آخرها «المنتدى الحواري الأول لمبادرة البحريني أولاً» الذي نظمته جمعية الاجتماعيين في مقر جمعية المهندسين، والملتقى الخليجي السوداني الثاني للتنمية المستدامة الذي نظمته جمعية البحرين للتوافق الاجتماعي والوطني، ونُظمت أعماله في جمعية المهندسين، وشاركنا في برنامجه بورقة عمل ممثلا عن مبادرة دعوا الطبيعة تتكلم وعالجت (قضايا المسئولية الاجتماعية في إنجاز أهداف التنمية المستدامة... الكائنات البحرية المهددة بالانقراض نموذجا).

المؤشر المهم الذي يمكن أن يجسد فاعلية مضمون جوهر البُعد الإستراتيجي في تأكيد منهج التمكين، لا يتمثل في مشاركة الوزير ودعمه أنشطة المجتمع المدني وحسب؛ بل في التوجهات التي تضمنته إشارات كلمته في الملتقى، المنشورة في جريدة «الوسط» البحرينية بتاريخ الأحد 21 مايو/ أيار2017، إذ شدد على أهمية تضافر الجهود في بناء وإنجاز خطط التنمية المستدامة، ويمكن تبين ذلك في تأكيده، أن «مسئولية التنمية المستدامة تستلزم تضافر كافة الجهود الرسمية والأهلية، إذ إن ما يتم وضعه من خطط وبرامج وتوجيهات عليا، لن يحقق أهدافه إلا من خلال شراكة اجتماعية فاعلة ومؤثرة من قبل الأفراد ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، لترجمتها إلى إجراءات وبرامج وفعاليات ملموسة على أرض الواقع».

القراءة المتمعنة لمرئيات الوزير تُمكننا من أن نتبين البُعد الاستراتيجي لجوهر مضمون محددات أهداف ما جرى التأكيد عليه، في تعزيز الاهتمام بالعمل الممنهج في بناء السياسات المؤسسة في أهدافها وفي مضامين جوهرها، للتخطيط في بناء مشروع نوعي لتمكين الأنشطة النوعية للمجتمع المدني، وأن تحقيق ذلك يحتاج إلى جملة من الإجراءات التي ينبغي أن تضع في الاعتبار ضمن أولوياتها، تقييم مدى جدوى العلاقة القائمة في منهج تطبيق النظام الاجرائي المعمول به في إدارة وتوجية ومعالجة المعضلات والاشكالات، التي يمكن أن تبرز في واقع نشاط هذه المنظمة أو تلك، وبالتوافق مع ذلك يبرز سؤال مهم، هل الإجراء في تهميش نشاط المنظمة الأهلية التي تواجه مشكلة ما بفعل مواقف شخصية لقلة قليلة من الأفراد، التي يمكن أن لا تمت بجوهر المشكلة بصلة، بل يمكن أن تكون نتيجة ممارسات إدارية خاطئة وتجاوزات قانونية ومالية، يمكن اعتباره موقفاً صائباً؟ وهل يمكن أن يخدم ذلك الموقف الجهود الموجهة لتعزيز واقع تمكين المجتمع المدني؟

على رغم ذلك نحن نؤيد الموقف القانوني الذي يصحح مسار العمل المدني، وينقيه من الشوائب المعيقة للعمل والإنجاز، والسعي في إيجاد حل للمشكلات التي يمكن أن تبرز بطريقة سليمة، تحافظ على استمرارية الجهد المدني الواعي، ونعتبر ذلك أمرا طبيعيا وصحيا ومخرجا يصب في مسار سياسة التمكين، إذا ما اتخذ الموقف القانوني المسار الصحيح، وفي إطار ذلك التوجه، ينبغي الحرص على إجراء تقييم شفاف وعادل وبناء للجهود والأنشطة التي تقدمها العناصر الفاعلة والمتفاعلة، في تبني نهج العمل المسئول في تحفيز العمل القطاعي، للخطط والبرامج التي تساهم في الارتقاء بالانجاز في منظومة المشاريع الوطنية.

يتفق المخلصون للعمل المدني المؤسس في أهدافه والتزاماته القانونية ومسئولياته الأخلاقية على أن التهميش فلسفة عقيمة، وثقافة يتبناها قصيرو النظر في فهم مخارج العمل المؤسسي السليم، الذي يخدم الأهداف الوطنية العليا للتغيير، ويتسبب في بروز ظاهرة الإحباط في أوساط نشطاء العمل المدني، وقتل إبداعهم وابتعادهم بشكل نهائي، ويؤدي إلى تراجع نشاط العناصر المخلصة، وانحسار العمل المدني المسئول، ما يتسبب في إتاحة الفرصة في تعزز وجود الأنشطة الهزيلة وغير المفيدة، وترك المجال إلى (الجمعيات المظهرية) غير المفيدة، في تبوأ موقع الصدارة في نشاط العمل المدني، وذلك يمثل خسارة كبيرة من الطبيعي يتسبب في تراجع خطط العمل في إنجاز الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة.

التمكين كمبدأ ومنهج تنموي مسألة مهمة وهدف سام، بيد أن إنجاز ذلك الهدف في حاجة إلى تبني واعتماد منهجية مؤسسة في معالجة المشكلات الطارئة التي يمكن أن تواجه مؤسسات المجتمع المدني، بمستوى عال من المهنية والحيادية والشفافية، وذلك ما ينبغي أن يؤكد حضوره في خطوات إجراءات تمكين جهود المجتمع المدني في المرحلة المقبلة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5375 - الخميس 25 مايو 2017م الموافق 29 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:05 ص

      من البديهيات وليست من الكليات
      يقال تنميه لا اكثار فيها ولا افرلاط ولا تفريط. فكيف تنمي مجتمع استهلاكي ياكل ولاينتج بل اكثرهم لا يعقلون. فمجتمعات اليوم وثقافة الاستهلاك. فاين الاقتصاد. نعم الوعي ان لا تهلك نفسك كما لا تهلك غيرك. فالفساد من فساد الناس وليس بجديد. فما دام اغلبية او غالبية الشعب والمواطنين والمقيمين وذويهم للاستهلاك قد جلبوا وليس للانتاج. فاين الزراعه? واين الثروه السمكيه ? والحيوانيه? ايعقل ان من سبق اكل الزراعه كما بلع البقر والاغنام?? فاين التنميه? لا تقل في زيادة اعداد الناس.

اقرأ ايضاً