العدد 552 - الأربعاء 10 مارس 2004م الموافق 18 محرم 1425هـ

خطوة إصلاحية في القضاء الجعفري

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وأخيرا تحركت عجلة الإصلاح لتصل الى المحاكم الشرعية الجعفرية يوم أمس. الخطوة ربما تكون صغيرة في نظر البعض ولكنها الاهم منذ العام 1937. ففي ذلك العام استدعي الشيخ عبدالحسين الحلي من العراق لإصلاح المحكمة الشرعية الجعفرية، ولكن السنوات طالت وازداد معها اليأس من اصلاح احوال القضاء وخصوصا بعد ادخال عامل السياسة بقوة في ثمانينات القرن الماضي وما نتج عنه فصل الشيخ عبد الامير الجمري في العام 1988 بسبب مواقفه المساندة للمطالب الاصلاحية التي رفعها شعب البحرين.

ما حدث يوم امس أفرح قلوب كثير من المخلصين، وخصوصا مع استبدال عدد من القضاة. المجلس الاعلى للقضاء سجل نقطة مضيئة يوم امس من خلال تحريك المياه الراكدة التي أزكمت بعض مظاهرها انوفنا جميعا. فمنذ الامس يمكن القول ان الغلبة داخل المحاكم الجعفرية ستكون للصالحين من الناس الذين بإمكانهم ان يصلحوا اوضاع المحاكم من الداخل، وان يخرجوا بوجه مشرق يعكس الجوانب المضيئة للفقه الاسلامي المتحرك مع الحياة والمستجيب لمطالب الناس الشرعية.

مع تغييرات الامس تبدأ مرحلة جديدة في المحاكم الجعفرية نأمل ان تتسم بالحكمة والحزم والمبادرة لإصلاح الجوانب الاجرائية التي لم يلتزم بأكثرها، والاستماع الحسن للحوارات الوطنية بشأن مختلف الجوانب بما في ذلك موضوع قانون الأحوال الشخصية.

فبعد إصلاح الاجراءات سيكون التحدي الاكبر هو تحديد موقف عملي من قانون الاحوال الشخصية وهو موضوع حساس ولكن يمكن معالجته بالعقلانية والحوار وإشراك مختلف الاطراف. إن حساسية الموضوع تكمن في اختلاف وجهة النظر بين من يقول إن وجود قانون يعني الغاء مفهوم آخر يتحدث عن وجوب تسلم الفقيه للقضاء. والفقيه (أو ما يطلق عليه احيانا المجتهد) يعمل باجتهاده، ولذلك فإن اصحاب هذه المدرسة يرون ان الزام الفقيه بقانون هو الغاء للاجتهاد.

وجهة نظر أخرى تنظر من ناحية عملية إلى انه لا وجود لفقهاء أكفاء في كل زمان ومكان، والتعويل على وجود الفقيه العادل هو حلم لم يتحقق وربما لايتحقق. ولذلك فإن من الاسلم ضبط الامور من خلال قانون يتفق عليه بالاجماع.

بين هاتين النظرتين هناك مسألة اصدار القانون. فالدولة الحديثة لها مؤسسة تشريعية (دنيوية) تصدر القانون، وهناك خوف (لدى البعض) من تغليب المشرعين الدنيويين على المشرعين الدينيين. ويقولون انه في حال بلدان أخرى يوجد فيها قانون متطور للاحوال الشخصية فإن الوضع يختلف. في المغرب مثلا فإن عاهل البلاد هناك هو ايضا «امير المؤمنين»، وفي ايران فان القائد الاعلى هو «فقيه حاكم».

لا بأس بتطارح الآراء بصراحة لكي نخرج من ازمة عالقة تشوه القضاء الشرعي من عدة جوانب. فحتى مع اصلاح الاجراءات وازالة اي مظهر غير سليم، فان القضايا ستكون حاليا عرضة لآراء قضاة لايوجد بينهم إلا فقيه واحد او ربما اثنان على الاكثر. وستبقى الحاجة إلى طرح آخر بين الطرحين، يوافق بينهما ويتوافق مع متطلبات الدولة الحديثة. على اي حال من الاحوال فإن الاصلاح القضائي يوم أمس سيحسب لصالح العملية الاصلاحية بشكل عام، وأملنا ان نكون عونا للاصلاح دائما وابدا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 552 - الأربعاء 10 مارس 2004م الموافق 18 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً