العدد 562 - السبت 20 مارس 2004م الموافق 28 محرم 1425هـ

ألا هل بلغت ؟ ... اللهم فاشهد

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

دعوة عدد من الفعاليات الدينية والوطنية إلى ترشيد الساحة بعد حوادث الشغب الأسبوع الماضي ينبغي أن تكون جادة وشاملة ولاتستبطن أي تبرير للعنف. فشعب البحرين الذي عرف عنه دماثة الخلق والتعاضد - وخصوصا في فترة التسعينات - أصبحت رموزه اليوم تخاف من الوقوف أمام المنكر، بل إن المنكر يصبح سيد الموقف في كثير من الأحيان، ويقف الجميع مكتوفي الايدي.

ولعل أفضل دليل هو بعض المواقع الالكترونية. وللعلم فإنني لم أشارك إلا مرة واحدة في أحد المواقع وذلك قبل صدور «الوسط» عندما شعرت بالحاجة للرد على ما نسب إليَّ من كلام بعد مشاركتي في اعتصام للعاطلين. بعد تلك المشاركة (باسمي الحقيقي وليس كما يفعل البعض الذي يختفي خلف أسماء وهمية أو واجهات معينة) حرّمت على نفسي أية مشاركة أخرى لأن الألم اعتصرني وأنا أشاهد كيف تحول بعض الشباب (الذين كان عدد منهم مشاركا في نضال التسعينات بأرقى الأساليب) إلى مستوى هابط ومفرّغ من القيم والأخلاق ومن دون أن يكون هناك أي رادع أخلاقي.

بعضهم يدعي أنه يلتزم بتعاليم أهل البيت (ع) ولكنه يرفض أن يستمع إلى نصيحة الإمام علي (ع) لأصحابه «اني أكره لكم أن تكونوا سبابين». لا مشكلة لديّ في استمرار هؤلاء على نهجهم، ولكن المشكلة أن بعض هذه المواقع أصبح سيد الموقف ويتحكم في مواقف عدد من الرموز والجمعيات الدينية والوطنية. بل انك لن تسمع أي رأي من هذا الطرف أو ذاك تجاه ما تقوله بعض هذه المواقع خوفا على أنفسهم من التعرض للشتم والسباب الذي سينهال عليهم.

المشكلة أن هذا الشتم والسباب أصبح الآن الموجه الرئيسي لعدد من الأنشطة المحسوبة على المعارضة، هذه المعارضة التي كانت تحصل على أرقى الشهادات الدولية أيام قانون أمن الدولة، أصبحت الآن في مهب الريح يتحرك شارعها يمنة ويسرة ويستجيب لأي تحريض يصدر في كثير من الأحيان بأسماء وهمية، وربما من أشخاص معادين للمعارضة أو معادين للبحرين أو معادين لكل عمل خير وإيجابي يسعى لدفع الإصلاح إلى الأمام.

المشكلة الأخرى أن المواقع التي تشتم أصبحت وكأنها تمثل «طائفة الشيعة» في البحرين، فصوتها هو الأعلى ولا يوجد - لحد الآن - أي صوت من رمز ديني يواجهها. وهذه المواقع تشتم كل الناس (ماعدا بعض الاشخاص وعلماء الدين) والشتم ليست له أية حدود وليست له أية أهداف نبيلة. بل إن البعض - كما دلت الشواهد والإثباتات - يدخل باسم «شيعي» ويشتم باسم الشيعة وهو ليس شيعيا ولا سنيا ولا وطنيا، ولا يعلم إلا الله عدد هؤلاء ومقدار الضرر الذي يتسببون فيه للبحرين ولأنفسهم. فبإمكان شخص ما يعيش في البحرين أو في آخر الدنيا أن يدخل بعدة أسماء وأن يحرض ويشتم من دون رادع من الفئة التي يتحدث باسمها. ومع استمرار هذه الحال تزداد الأمور تعقيدا ويصبح الأمر الواقع ما تتحدث عنه هذه المواقع غير الواقعية وغير المسئولة.

إنني من المؤمنين بضرورة فسح المجال للجميع حتى لمثل هذه المواقع، ولكني أخشى أن يتم اخماد كل الأصوات من قبل من يخاف الشتم والسب فنكون بذلك دمرنا ما لدينا من حرية للتعبير. ثم تأتي الخطورة الاكبر فيما لو ردت السلطة باجراءات قمعية تحرمنا مما تحقق من حريات عامة.

لا ينبغي أن يصبح الناس رهينة لمن ينشر بأسماء وهمية أو بأساليب لاتخدم وطنه و جماعته ولاحتى ذاته. إنه لعار أن يخاف البعض من «الصدوع» برأيه لأنه سيشتم في هذه المواقع، وانه لمن العار أن تقوم هذه المواقع بالشتم والسب بطريقة توحي بأن مراجع وعلماء الدين (الذين لايشملهم الشتم) يقفون خلف هذه المواقع الشاتمة.

دعونا نتحدث بصراحة قبل ان يخرب هذا الشخص او تلك الفئة ما لدينا حاليا، وترجع البلاد (لا سمح الله) الى القمع ارضاء لرغبات شخصية وشهوات تندفع للشتم والانتقاد المجاني وغير المسئول، وثم التحريض ضد أية مناسبة حتى لو كان ذلك يضر بالبحرين وأهلها. فهل نستفيق قبل فوت الأوان؟

أملنا كبير في الغالبية الصامتة ان تخرج من صمتها وتوفر للأمة بديلا عمليا لما هو موجود حاليا، وتترك الخيار للأمة ان تختار بين الذي يشتم ويحرض من أجل التحريض حتى لو كان في ذلك الدمار، وبين من يسعى للاصلاح خدمة للبحرين (كل البحرين) وكل أهلها ألا هل. بلغت ... اللهم فاشهد

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 562 - السبت 20 مارس 2004م الموافق 28 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً