العدد 563 - الأحد 21 مارس 2004م الموافق 29 محرم 1425هـ

ساهمنا في الانفتاح فلا نسهم في التراجع

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الانفتاح السياسي الذي بدأ في بداية 2001 لم يأتِ عبثا، وإنما ساهمت فيه قوى المعارضة المختلفة بشكل مباشر ومشهود له محليا وعالميا. في التسعينات كنا نسمع كلاما من كل الجهات يشيد بحكمة المعارضة وتعقلها وطرحها المعتدل ومطالبها المشروعة، وكانت وجهات النظر هذه داعما رئيسيا لشرعية المعارضة، وساهمت بشكل مباشر في اقتناع القيادة السياسية بالبدء في عهد إصلاحي يعتبر الأفضل في المنطقة على رغم كل ما قد يثار من أمور عن بعض القضايا.

القضايا التي تثار لها مشروعيتها، ولكن هذه المشروعية تتخلخل عندما يفقد طرف المعارضة الحكمة والتعقل في التصرف. وجلالة الملك مد يده عدة مرات وأفسح المجال لمد الجسور، ربما ليس بالطريقة التي يودها هذا الطرف أو ذاك، ولكن مما لاشك فيه أن النية الإصلاحية ومد اليد كانت ومازالت واقعا نعيشه.

غير أن هذا الواقع من الممكن أن يتغير ومن الممكن أن نخسر ما لدينا من حريات عامة فيما لو لم تتعقل بعض الأطراف وتتوقف عن جر الساحة إلى المواجهة. فالحوادث تلو الحوادث والتهديد بتخريب المناسبات تلو المناسبات له حدود. ولا يمكن لأي امرئ أن يتصور الوضع فيما لو مضى البعض في هذا البرنامج الذي يسعى من خلاله إلى تعكير صفو المناسبات. وأمامنا مناسبة رياضية كبرى والدولة أعدت واستعدت لها، وأي تحرك يهدف للإساءة لسمعة البحرين في هذه الفترة لن تكون له ردود فعل حميدة، ولن تكون الدولة حينها ملامة في نظر الكثير من المراقبين. فمهما قلنا أو سنقول فإن الأمر وصل إلى «حد الخطر» وأي تلاعب بالأقوال أو الأفعال ستكون له مردودات علينا جميعا وليس على الذين يتهددون ويتوعدون فقط.

فعلا بدأت بعض المؤشرات في الاتجاه العكسي، لكنا مازلنا قادرين على حماية مستقبل بلادنا عبر عقلنة أساليبنا جميعا. كان هذا هو بعض ما جرى في الفترة التي سبقت حل البرلمان في 1975. فقبل حل البرلمان كانت المظاهرات تخرج بالعشرات (اكثر من 30 مظاهرة في أحد الاسابيع) في كل مكان ومن دون توقف... في شركة ألبا وفي وزارة الصحة وفي المنطقة الصناعية المحاذية لميناء سلمان وفي المدارس. كنت (في تلك الفترة) طالبا في مدرسة جدحفص الإعدادية، وقرر الطلاب أيضا الخروج في مظاهرات، وقاموا بتكسير المدرسة، وكان ذلك يتزامن مع المظاهرات الأخرى في البلاد. أما سبب مظاهرات إعدادية جدحفص (لمدة اسبوع واحد) فكان احتجاجا على تقليل علامات نصف السنة عن الطلاب الذين غابوا في المناسبات الدينية من دون إذن. كان ذلك كافيا لمحاصرة المدير ونائبه وسكرتير المدرسة في مكاتبهم والهتاف «المناسبات علامات»، وثم تكسير جميع النوافذ ولم ويتراجع الطلاب إلا بعد أن تنازل المدير عن قراره وأعاد العلامات ووعد (علنا وأمامنا جميعا) بعدم التعرض لقادة المظاهرة.

استمرت المظاهرات العمالية والطلابية وتواصلت في كل مكان ولأي سبب صغير أو كبير، وساهم ذلك في تشجيع الداعين لتعليق الدستور وحل البرلمان والغاء الحريات وتطبيق قانون أمن الدولة الذي أدخلنا السجون وأرسلنا للمنافي حتى بداية العام 2001.

وها نحن عند مفترق طرق جديد، والدعوات تتوالى على الجميع إلى أن يهدأوا قليلا... أن يتنفسوا قليلا... أن يتنازلوا قليلا... أن يبعثوا إشارات تعزز الثقة قليلا... أن يعتبروا من الماضي قليلا... ولكن الحماس يجر بعضنا كما كان يجر قوى المعارضة ومناصريها في السبعينات... ولكن يجرها إلى أين؟ هل توقفنا قليلا وسألنا أنفسنا؟ هل من طريق آخر لحماية بلادنا وحماية ما تحقق ثم السعي إلى المزيد؟ أم أن عقولنا توقفت عن السؤال والنشاط؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 563 - الأحد 21 مارس 2004م الموافق 29 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً