العدد 575 - الجمعة 02 أبريل 2004م الموافق 11 صفر 1425هـ

رُبَّ ضارةٍ نافعة

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

أود لو أقول شكرا لمنظمة «إيتا» الانفصالية والشكر موصول إلى بعض المنتسبين إلى العرب الذين اخترقتهم المخابرات الإسرائيلية بسبب فقرهم وجوعهم إذ يعيش كثير منهم حياة هامشية في إسبانيا، إذ ليس من الصعب اختراق الفقراء كما يحصل في الأراضي المحتلة التي من المستحيل أن تلتقط الصواريخ التي تطلق من طائرات أباتشي أفرادا معينين بدقة متناهية إلا إذا كانت تصلهم إشارات ممن تم استغلال فقرهم وحاجتهم إلى شراء ضمائرهم.

نعم شكرا للباسكيين أو العرب المخترقين لما فعلوه في «مدريد» إذ ذهب ضحيته مئات القتلى، لا لأني من مؤيدي العنف أو أكره الشعب الإسباني، فالشعب الإسباني يحمل دما عربيا وهو أقرب شعوب أوروبا إلى قلوبنا، وهم كذلك يحملون كثيرا من المودة تجاه شعبنا الذي شارك في بناء جانب من الحضارة الإسبانية في مرحلة تاريخية ما.

كم تألمنا لتلك الضحايا البريئة التي ذهبت نتيجة اللعبة الصهيونية، وكم شاركناهم آلامهم نفسيا على الأقل ونحن نرى الأجساد المتناثرة وذلك الدم المسال لشعب أوروبي له تاريخه العريق والمتعاطف معنا، مثلما نكن نحن كل التقدير والحب لهم، لكن كما يقولون «رُبَّ ضارةٍ نافعة» أو كما قال الثائر الصيني ماوتسي تونغ وهو يقود جيش التحرير: «خطوة للوراء من أجل خطوتين للأمام»، فما حدث على رغم اشمئزازنا واحتقارنا لمن قاموا بتلك الجريمة البشعة لكن ما لا يشك فيه أي سياسي تابع تاريخ الحركة الصهيونية ومؤامراتها أنها لعبة إسرائيلية لخلق حرائق في كل العالم. إلا أن الحسنة الوحيدة والمنفعة الحقيقية لها أن الشعب الإسباني تحرر من سيطرة اليمين الرأسمالي الذي جعل من وطنه الجميل الحر الرائع تابعا للولايات المتحدة التي تسيرها مجموعة من المحافظين المهووسين الذين حطموا اقتصادات الولايات المتحدة ووسعوا رقعة البطالة فيها خدمة للصهيونية العالمية التي سيطرت على شخوص السياسيين الأميركان، وعلى رغم أن الضحايا كُثْرٌ والثمن باهظ للغاية، فإن هذه الصدمة أفاقت الشعب الإسباني فتنبه إلى تاريخه العريق عندما ساد العالم وخصوصا أميركا اللاتينية باكتشافاتهم ليزيح «أثنار» وعصابته اليمينية ليأتي اليسار المعتدل الناضج بقيادة رئيس وزرائها الجديد «ثاباتيرو» لتعود إسبانيا دولة حرة. وكأن أولى خطوات «العقلنة» أن أدرك أن المسلمين بريئون من دم ضحايا قطارات الموت وقرر إعادة الجيش الإسباني المعرض للموت بشكل يومي في العراق إلى وطنه. فهنيئا للشعب الإسباني حكومته الجديدة، مع تعازينا لضحايا قطارات الموت

العدد 575 - الجمعة 02 أبريل 2004م الموافق 11 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً