العدد 587 - الأربعاء 14 أبريل 2004م الموافق 23 صفر 1425هـ

«حكومة الأسرة» ظاهرة سلاحها العمل

هنادي منصور comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

المشاهدات الحية في الدراسات التجريبية هي إحدى المصادر التي يستند الباحث إليها في تشخيص الحالة ودراسة تأثير المتغير والثابت عن طريق إخضاع الظروف لأجواء تتناسب مع معايير دراسة الحالة التي يرغب في تسليط الضوء عليها.

والحال أو الظاهرة التي أنا بصدد الحديث عنها تكثر في نسيج المجتمع البحريني، والقروي على وجه الخصوص. وهي ليست سيئة بقدر ماهي غير عادلة في توزيع مهمات الأسرة وواجب كل من الزوج والزوجة في تأمين مستلزمات الحياة الأسرية. وتشخيص تلك العينة موضوع الملاحظة والدرس لا يقتصر على قرية أوعدة قرى وانما أصبح عاما لقطاعات كبيرة من المجتمع في المدينة أيضا؛ إذ يلخص كيف يحرك حال الفتاة وحلم الارتباط وخوفها من طلسم العنوسة يحرك دوافعها للارتباط بصورة مبكرة من أي شخص قد يكون أقل منها تحصيلا أو منصبا وظيفيا، دون وعي للحياة مستقبلا، حتى لو كان على حساب سعادتها والتضحية بشكل كلي بمؤهلاتها المادية والمعنوية. فنرى جل اهتمام المرأة الذي تكافح من أجله يتجه نحو الاستمرار في مسيرة التحصيل الدراسي، بينما لا تجد لدى شريكها الاهتمام نفسه، فيبقى يفضّل سلوك درب الأمية، ويرتضيه سبيلا للقمة عيشه.

الفتاة اليوم عندما تحصل على العمل، في القطاع العام او الخاص، ما يوفر لها الراتب الثابت، تقوم بتلبية مستلزمات الحياة الزوجية للطرفين، وهو ما يشكّل اللبنة الأساسية للأسرة. ولكن هذا الوضع في الوقت الذي يؤدي إلى سيطرة اللامبالاة على الزوج، تكون المرأة هي المدبّر والملبي الرئيسي لجميع مستلزمات الأسرة، وتوزيع موازنة الأسرة، الأمر الذي يولد حالا من القلق النفسي لدى تلك الفئة من الفتيات بسبب أعباء تأمين مستلزمات الحياة من مأكل ومشرب حتى وفق ماتصنفه تحت مستوى القناعة. من هنا نرى الزوجة تضخ أكبر مجهود من قوتها الجسدية والنفسية في سبيل توفير لقمة العيش الهنيئة للأطفال والزوج الذي يثقل كاهل الأسرة بدل أن يكون عائلها.

وكون الزوجة هي الحلقة التي يعتمد عليها كعائل تدير شئون الأسرة، ونظرا لتعدد المسئوليات، تصبح هي القائد في توجيه كل مدخلات ومخرجات المنزل، وتمتلك الحرية في صنع القرار النهائي داخل الأسرة من دون نقاش أو مفاوضات مع رب الأسرة! جميع هذه العوامل الميسرة تجعل المرأة في بعض الأسر هي المسيطر على الرجل، وبالتالي بخلق ظاهرة «حكومة المرأة»، فيقاد الرجل وراء عباءة زوجته بلا تردد أو همسة يتلفظ بها خوفا من عقوبة تنزلها به صاحبة الجلالة، وما ينتج عنه من نتائج وخيمة أوعقوبات.

والسبيل الوحيد للتخلص من هذه الظاهرة التي بدت تطفو على سطح الأسرة، يكون في إدراج عملية حسابية بسيطة تجمع الزوجين، في ظل علاقة يسودها الود والاحترام. فالمعادلة ناتجة أساسا عن خلل في تركيبة الحياة الزوجية، فإذا كان الطرف الأول متعلما لابد من سعي الطرف الآخر نحو التعلم والمثابرة العلمية للارتقاء وتحقيق التوازن عبر تلاحم طرفي عش الزوجية، وخلق صيغة تعاونية في تدبير وتأمين مستلزمات المنزل، وحرص الزوج على إكمال تحصيله الدراسي وإن كان من المتأخرين عن مسايرة الركب. ألم يقل ورسول الله (ص): «اطلب العلم من المهد إلى اللحد». وعلى المدى البعيد، علينا أن نشجع أبناءنا الطلاب على الاستمرار في التحصيل العلمي والحصول على أرقى المراتب العملية لتحقيق التكافؤ في تحريك دفة الأسرة نحو الرقي لسعادة أبنائنا وتفادي المشكلات مستقبلا

العدد 587 - الأربعاء 14 أبريل 2004م الموافق 23 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً