العدد 652 - الجمعة 18 يونيو 2004م الموافق 29 ربيع الثاني 1425هـ

لماذا التهديد الكردي لتركيا... الآن؟

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

أثار تهديد حزب العمال الكردستاني الجديد (وهو اسم جديد للحزب) لتركيا ضجة غير متوقعة في وسائل الإعلام العربية والاجنبية على رغم غموضه. التهديد أتى في وقت غير ملائم بالنسبة إلى تركيا، لكونها في نقاش حار مع الاتحاد الأوروبي؛ ولكونها تقاربت بشكل غير متوقع مع العرب؛ ولكونها تختلف اليوم مع «إسرائيل» على أمور كثيرة.

التهديد الذي تلقته وسائل الإعلام (من الألمانية) كان مصدره كردستان العراق، وكان نتيجة فعلية للمؤتمر الذي انعقد قبل أيام في كردستان العراق. وحصلت تغيرات كثيرة على الصعيد الحزبي، إذ كان مؤتمرا توفيقيا بكل معنى الكلمة، بحيث خرج المؤتمر بتغيير اسمه من مؤتمر الحرية الكردستاني الى العمال الكردستاني (وهذا أيضا يحتاج الى النقاش).

هناك عدة عوامل تتحكم بموضوع التهديد، وهو الأمر الذي يحتاج إلى الوقوف عنده، أولا: يتعلق بالحزب ذاته، إذ ان العمال الكردستاني (سواء اكان تحت الاسم الجديد أو القديم) تعرض الى انتقادات لاذعة من أوساطه نتيجة سياساته الحالية الامر الذي أدى الى شبه انشقاق، إذ ترك اوسمان اوجلان (شقيق اوجلان) الحزب وتداولت الأنباء بأنه سلم نفسه للأميركان، إلا ان الفراق لم يكتمل، فعاد الى صفوف الحزب (تحت ضغط أخيه في سجن ايمرالي)، وشارك في مداولات مؤتمره الاخير. هذا المؤتمر كان قد خرج بمقررات تتلخص في الآتي:

أولا: الحفاظ على وحدة الحزب تنظيميا وسياسيا، واتخاذ كل الوسائل بما فيها الكفاح المسلح للضغط على تركيا واجبارها على الاعتراف بالقضية الكردية عبر برنامج سياسي واضح.

ثانيا: يتعلق بوضع اوجلان نفسه، إذ انه يعاني من ضغط نفسي وحقوقي، وهو يطالب السلطات بأن يتمتع بحقوق صدام حسين (حسبما نقل محاميه).

ثالثا: يتعلق التهديد ربما، بنوعٍ من حماية نفسه من إفلاسٍ شعبي بعد أن خسر الاصوات (في الانتخابات البلدية الاخيرة) في كردستان تركيا، في المقابل زادت أصوات «العدالة والتنمية» في أوساط الاكراد.

اذا، مسألة التهديد التي أطلت برأسها من جديد هي نتيجة لنقاشات عن وضع الحزب الداخلي ومرتبطة بمحيطه الكردي، ولا علاقة للتطورات التي حصلت في العراق بذلك.

ربما يذهب ذهن المراقب إلى البعيد، كون توقيت التهديد الاوجلاني أتى في وقت تشهد فيه العلاقات بين تركيا و«إسرائيل» توترا وجفافا، والعلاقات بين أميركا وتركيا أيضا ليست بأحسن حال، على رغم الطلب الأميركي من تركيا تجهيز عدد من الطائرات في قاعدة انجرليك. أما بالنسبة إلى القريب من الوضع فسيلاحظ أن مصدر التهديد هو أن حزب العمال الكردي لم يعد له الوجه بين الجماهير الكردية الموالية له بحكم أن قراءة الجماهير تقول إن تركيا ولو أنها خطت خطوات ايجابية بالنسبة إلى تركيا على الصعيد الاقتصادي وحتى الأمني في ظل حكومة العدالة والتنمية إلا أنها على المستوى الكردي لم تخط أية خطوة تذكر، فمشروع أوجلان السلمي أتى وكأنه لم يأت، إذ لم يلمس الأكراد نفعا. وحتى هذه اللحظة لا يوجد في البرنامج السياسي للعدالة والتنمية مشروع واضح بالنسبة للأكراد، وحتى بإمكان الحزب الاستناد إليه وإقناع جماهيره ووضعه في خانة الأمل، هذا عدا عن أن للعسكر في تركيا دور كبير بهذا الأمر. وهو العسكر الذي يريد حزب العدالة والتنمية ويحاول أن يفشل خططه. مهما يكن، فإن القارئ للوضع لا يمكنه استبعاد أي ظرف سياسي دولي من المسألة، إلا انه ومهما يكن للظروف الدولية من تأثير، فإن لدى العمال الكردستاني مبررات يستند إليها.

ولعله كان مطلوبا من تركيا اتخاذ خطوات تجاه الأكراد كبادرة لحسن النية، على سبيل المثال حلّ الجيش الخاص بالأكراد (حماة القرى) الذين يكلفون مبالغ باهظة على تركيا، بالإضافة إلى الإسراع بعملية التنمية في جنوب شرق تركيا (كردستان)، وحبذا لو نظرت بطرف عينها إلى حزام البؤس في اسطنبول لكان هناك الحديث يختلف عن الحديث الحالي.

كاتب كردي عراقي

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 652 - الجمعة 18 يونيو 2004م الموافق 29 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً