العدد 666 - الجمعة 02 يوليو 2004م الموافق 14 جمادى الأولى 1425هـ

اختلافات الأميركيين تثير انقسامات حادة

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

تبدو شتيمة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني للسيناتور الديمقراطي في الكونغرس باتريك ليهي احد اقطاب الحزب الديمقراطي تعبيرا واضحا عن المستوى المتدني الذي آل إليه التعامل مع الاختلافات السياسية في الولايات المتحدة في الوقت الذي تواجه فيه إدارة بوش ليس فقط تحديات مأزق السياسة الخارجية، بل الاستحقاق الرئاسي، إذ تستعد لانتخابات رئاسية، ستقرر تجديد رئاسة بوش لفترة جديدة، أو انتخاب المرشح الديمقراطي جون كيري.

شتيمة تشيني البذيئة لعضو الكونغرس، لم تكن موقفا شخصيا، بل كانت نتيجة اختلافات بشأن سياسة واشنطن في العراق، وممارسات نائب الرئيس هناك، وهي واحدة من نقاط اختلاف كثيرة، تتواصل في الولايات المتحدة: خلافات داخل الإدارة، واخرى بين الإدارة ومعارضيها، وثالثة بين الإدارة والصحافة، ورابعة بين الإدارة والرأي العام، وكلها تضاف الى ما يفرضه التنافس بين مرشحي الرئاسة الأميركية من خلافات وصراعات.

الجزء الاهم من الاختلافات التي تظلل الساحة السياسية الأميركية، وتستتبع الشتائم والاتهامات المتبادلة بالكذب ناتج عن سياسة واشنطن الخارجية، والتي تعتمد «الحرب على الارهاب» محورا لها، واساسا لمواقفها وتحركاتها، وهو ما جعل الولايات المتحدة تعاني في علاقاتها الدولية، حتى مع اقرب المقربين لها، ومع الدول التي كثيرا ما كانت علاقاتها تقليدية مع واشنطن، كما في حال العلاقات الأميركية مع الدول الغربية ومنها ألمانيا، ومع الدول الاسلامية والعربية ومنها تركيا ومصر والسعودية.

غير ان معاناة الولايات المتحدة في سياستها الخارجية، لا تقتصر على اختلاف السياسات، وتصادمها كما كان الموقف من الحرب على العراق، او في الموقف من مستقبله، بل اضافة الى ذلك بسبب تطبيقات الولايات المتحدة لسياساتها على نحو ما ظهرت السياسة الأميركية في العراق سواء في عمليات القمع المتواصل والواسع ضد العراقيين، او بما تمخضت عنه فضائح التعذيب في سجن ابو غريب، والتي جرت تاليا الى انكشاف فضائح عمليات تعذيب تجرى في سجون عسكرية أميركية اخرى منتشرة في العالم، وفي معتقل غوانتانامو، وقد تأكد ضلوع مستويات عليا من الإدارة بالمسئولية عنها، ولم يبق اثر تلك السياسات في الخارج، بل امتد الى الداخل الأميركي ليفرض حضوره في خلافات داخلية.

لقد اعطى الإعلام الأميركي اهتماما أكبر في الفترة الاخيرة للقضايا المختلف عليها، والتي تهز السياسة الأميركية ومنها عمليات تعذيب الاسرى والمعتقلين في اطار الحرب على الارهاب، وكذلك موقف الرأي العام الأميركي من مبررات غزو العراق، وتجاوز الاهتمام في ذلك، نشر التقارير وكتابة المقالات والتحليلات الى اجراء استطلاعات للرأي. وقد بيّن استطلاع قامت به «واشنطن بوست» في الأسبوع الثالث من مايو/أيار الماضي، أن 63 في المئة من المشاركين فيه، اعتبروا ان التعذيب «مرفوض مطلقا»، فيما اعتبر 52 في المئة أن «الضغط الجسدي الذي يقل عن التعذيب» مرفوض ايضا بشكل مطلق.

وأفاد استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي ان ان» وصحيفة «يو اس ايه توداي» ونشرت نتائجه الاسبوع الماضي، أن غالبية من الأميركيين، اعتبرت للمرة الأولى منذ الحرب على العراق، انه كان من الخطأ إرسال جنود أميركيين إلى العراق، وان ذلك لم يجعل الولايات المتحدة في مأمن من الإرهاب، وطبقا للاستطلاع نفسه، قفزت نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن الحرب التي اندلعت في مارس/ آذار 2003 كانت خطأ من 41 في المئة في بداية يونيو/ حزيران إلى 54 في المئة في 21 و23 منه، واعتبر 55 في المئة من الأميركيين أن بلدهم لم يصبح في مأمن من الإرهاب أكثر من ذي قبل.

لقد اوضحت نتائج استطلاع نشرته صحيفة «موذر جونز» ذات الاتجاه اليساري منتصف مايو/ أيار الماضي موقف الرأي العام الأميركي من مجمل سياسات الإدارة، فقالت إن 62 في المئة من المشاركين فيه، يشعرون أن «الأمور في هذا البلد تسير بشكل خطير في الاتجاه الخطأ»، وقد حدد 21 في المئة من المشاركين «الوضع في العراق» بوصفه القضية «الأكثر إثارة للقلق»، وكانت تلك النسبة الأعلى ضمن قائمة بـ 12 قضية، فيما جاءت في المرتبة الثانية قضية «الاقتصاد وسوق العمل».

في خلاصة هذه المعطيات، أمرٌ مؤكد، وهو تحول موضوعات السياسة الخارجية الأميركية الى شأن داخلي أميركي، وهذا يعني انها صارت في دائرة التنافس على الرئاسة المقبلة، وقبل ذلك يمكن القول انها صارت في صلب الحياة الأميركية، تقسم الأميركيين، وتدفعهم للاختلاف الحاد على رغم محاولات إدارة بوش حشد الأميركيين خلف سياساتها ومواقفها، ولعل المثال الأوضح على فشل جهد إدارة بوش في حشد الأميركيين خلفها، ان استطلاعات الرأي، تعطي الرئيس بوش نقطة واحدة على منافسه جون كيري اذا جرت الانتخابات الرئاسية حاليا

العدد 666 - الجمعة 02 يوليو 2004م الموافق 14 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً