العدد 666 - الجمعة 02 يوليو 2004م الموافق 14 جمادى الأولى 1425هـ

سقط القناعُ عن القناعِ عن القناع

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

كم تبدو مجتمعاتنا متشابهة المآسي والجذور والنتائج. فمن يستمع إلى العراقيين اليوم، اليوم خصوصا، يرى أن الأقنعة التي وضعوها في بدايات نزع الكمامة عن أفواههم عقب سقوط النظام البعثي الذي جثم على صدورهم، يرى بشكل لا يقبل الريب أنها بدأت تتساقط، والسكر الذي استخدم في صنع هذه الأقنعة الحلوة، أذابته شمس الصيف اللاهبة ربما، وربما وقوف الفرقاء على مفترق الطريق، فلم تعد الطريق لتأخذهم جميعا إلى مكان واحد، وبدلا من وداع بعضهم بعضا حتى يلتقوا يوما ما، أخذوا يتنابزون بأقذع الألفاظ، ويردون كل قول لا يتفق معهم إما إلى خيانة أو عمالة أو ضعف أو حنين إلى «البعث»، أو انتماء إلى دول الجوار.

وكأن التجربة نفسها تعاد كما في البحرين في أوائل الانفتاح السياسي، عندما رفع قانون أمن الدولة يده عن الحناجر، فكانت البدايات غاية في الجمال الهش، أملا في أن يزداد وضع السكر على الأقنعة حتى تقوى وتستحيل إلى اسمنت بالغ القوة مع الزمن، ولكن سرعان ما تركناه يتكسر حتى استبانت من الجميع، من دون استثناء، وجوه غير التي كانت تبدو، وألسنة غير التي كانت تنطق، وقلوب غير التي كانت تنبض.

في العراق، كان الناس في البداية يقولون أن لا مجال لحرب أهلية، لأن العراقيين بكل تلاوينهم يحبون بعضهم بعضا، ولكن هذا الحب يبدو آخذ في البرود، إلى التهلهل، إلى ما لا يعلم مداه إلا الله، وليس أحب لأعداء العراق (البلد والانتماء) من أن يحمل أبناؤه السلاح ضد بعضهم، والساحة مهيأة اليوم لتنفيذ هذا المخطط الذي يريد أن يقود العراقيين إلى التجزئة، وبالتالي، على الدول أن تحترم رغبة وإرادة الشعب العراقي.

إن الأصابع الخفية تعمل اليوم بشكل أكثر ذكاء، فهي لا تضرب العراقيين، بل تضرب بعضهم بعضا، بإسقاط الأقنعة أولا، واصطناع طرق شتى لا يتفقون عليها، ومن ثم دفعهم إلى الشتات من جديد

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 666 - الجمعة 02 يوليو 2004م الموافق 14 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً