العدد 667 - السبت 03 يوليو 2004م الموافق 15 جمادى الأولى 1425هـ

تواطؤ رامسفيلد وصدام في وثائق جنيف الدامغة

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

طبقا لما كشفه لنا أول سفير لإيران في الكويت بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية ومندوب إيران في جنيف في العام 1989 فإن هناك وثائق دامغة تدين الجنرال الأميركي دونالد رامسفيلد بالتواطؤ مع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي تجري محاكمته حاليا في بغداد بتهم كثيرة من بينها استخدام أسلحة دمار شامل كيماوية ضد أكراد حلبچة في كردستان العراق وضد المقاتلين الإيرانيين على الجبهة.

ويقول علي شمس أردكاني إن لديه اثباتات على ذلك مدونة في تقرير محفوظ لدى وثائق الأمم المتحدة الخاصة بنزع أسلحة الدمار الشامل في جنيف ويطالب المنظمة الدولية بكشفها وعرضها على أسماع الرأي العام العالمي والعراقي إذا ما كان المجتمع الدولي صادقا في محاكمة صدام حسين محاكمة عادلة وشاملة وشفافة.

أردكاني الذي كان يمثل بلاده آنذاك في المنظمة الدولية يقول إنه كان يفترض أن يذهب هو في سبتمبر/ أيلول من العام 1989 ليقرأ تقريرا أعد في جنيف من قبل اللجنة الدائمة لنزع السلاح بعد أن تم اختيار إيران بحسب الترتيب الدوري لتصبح رئيسة اللجنة، لكن الإدارة الأميركية رفضت منحه التأشيرة وبالتالي منعت دخوله ووصوله إلى مقر الأمم المتحدة في بلادها، وبحجة كونه يشكل «خطرا» على الأمن القومي الأميركي! وبالتالي منعت من قراءة التقرير الدولي من على منبر المنظمة العالمية وبقي محجوبا عن الأسماع في أدراج اللجنة المذكورة.

وبحسب التقرير المذكور فإن دونالد رامسفيلد الذي كان وكيلا لوزارة الدفاع الأميركية في تلك المرحلة كان هو الرجل المكلف ببيع مروحيات وطائرات أميركية خفيفة على الرئيس العراقي صدام حسين، تحت عنوان طائرات لرش المبيدات الكيماوية، وذلك بواسطة قرض أمنته له وزارة الدفاع الأميركية بواسطة البنك الزراعي الأميركي، فيما تولت وقتها شركات أميركية وألمانية تأمين المواد الكيماوية اللازمة لإبادة سكان حلبچة وكل جسم متحرك في المنطقة بحجة وقت الزحف الإيراني على جبهة الشمال العراقية.

السفير الإيراني السابق في الأمم المتحدة الذي يطالب المجتمع الدولي في إلحاح بالكشف عن هذا التقرير والوثائق الملحقة به ويؤكد أن التقرير المذكور كتب يومها على يد مقرر اللجنة سفير فرنسا الدائم آنذاك في لجنة نزع السلاح مع مساعدة بعض السفراء الأوروبيين، يقول إنه من غير الممكن أبدا إجراء محاكمة عادلة وشاملة وشفافة للرئيس العراقي السابق من دون محاكمة الجنرال دونالد رامسفيلد والإدارة الأميركية المتورطة في أكثر من قضية وملف مرتبط بالحرب العراقية الإيرانية وحرب غزو الكويت، ويقول إنه مستعد ليكون شاهدا يفضح تورط الإدارة الأميركية في هذا الملف القذر.

وفي هذا السياق أيضا لابد للعالم أن يتذكر الرحلة رقم 658 للطائرة الإيرانية من نوع ايرباص المقبلة من الإمارات والمتوجهة إلى طهران في يوم الثالث من يوليو/ تموز من العام 1988 التي كانت تقل على متنها 290 راكبا بينهم 65 طفلا، إذ تعرض لها صاروخ أميركي انطلق من احدى المدمرات مصيبا هدفه منهيا حياة جميع ركاب الطائرة المدنية بحجة «تشابه» شكل الطائرة مع طائرة الـ (اف - 14) الحربية! بحسب ما جاء في التبرير الأولي فيما كشف فيما بعد بأنه تدخل سافر من جانب الحزبية الأميركية لصالح صدام حسين بهدف إعادة التوازن الذي كان مختلا لغير صالحه وقتها، ومن أجل «ارعاب» القيادة الإيرانية واجبارها على التسليم بشروط القوى المتنفذة في القرار الدولي حينئذ. والدليل على ذلك هو منح نوط الشجاعة لقائد المدمرة المذكورة فيما بعد تقديرا لخطوته الإرهابية ضد القيادة الإيرانية التي اضطرت فعلا من بعد تلك الحادثة الإنسانية المأسوية والأليمة إلى تعديل موقفها السياسي من استمرار الحرب وقبولها بعد مدة قصيرة فيما عرف بعد ذلك بشرب العلقم والقبول بوقف لإطلاق النار يُبقي الباب مفتوحا أمام صدام حسين والقوى الدولية المتنفذة وفي طليعتها أميركا لفرض الأجواء الملائمة من حال اللاحرب واللاسلم بين بغداد وطهران لما فيه مصلحة استمرار التوتر في المنطقة وإبقاء يد واشنطن طليقة في الأزمة.

القارئون بدقة لتلك المرحلة يعرفون تماما كيف تورط صدام حسين في تلك الحرب المجرمة والعبثية وكذلك في الحرب القذرة الثانية ضد الكويت ومن هي الجهات التي دفعته سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لتنفيذ تلك المهمات القذرة التي أبادت من الإمكانات المادية والمعنوية ومن البشر ما يكفي لبناء دول المنطقة مجتمعة عدة مرات وما يكفي فيما لو صرفت على تنمية المنطقة لأن تتحول إلى كتلة اقتصادية وسياسية عظمى لا يجرؤ معها لا رجل مثل صدام حسين أن يبقى في السلطة كل المدة التي بقي فيها ولا للأيدي الأجنبية الطامعة في ثرواتها ومكانتها أن تعبث فيها وتنهي خيراتها من دون حسيب ولا رقيب كما هي تفعل الآن لاسيما في عراق الرافدين الحبيب على مسمع ومرأى من شعبه ومن جيرانه الذين لم يعد لديهم حتى ان أرادوا الحيلة اللازمة لمنع مسلسل النهب فكيف بالحال وقد أخضع الكثيرون لخدعة أسلحة الدمار الشامل الكبرى أو بإغراءات المال والجاه وحصص تقسيم السلطة الموهومة.

لكن الدرس المهم الذي يجب أن نتعلم منه ونُعلم الرأي العام العالمي بشأنه ونكشفه علانية وبشكل شفاف أمام شاشات التلفزة وعلى الهواء مباشرة هو مدى تورط الكبار في مغامرات صدام حسين على مدى الـ 35 عاما الماضية، إذا ما كنا صادقين فعلا بخصوص «ندمنا» على المرحلة الماضية كما يزعم جورج بوش الابن، وكل من يوافقه على ذلك الندم!

أما إجراء محاكمة منقوصة ومبتورة وسريعة ومحدودة لصدام حسين وكأنه «تفاحة فاسدة» منفردة كما يقول الملياردير الأميركي اليهودي جورج سوروس في تعليقه الساخر على ممارسات جنود وضباط معتقل أبوغريب المخزية فإن ذلك لن يكون سوى عمل جبان وقذر جديد

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 667 - السبت 03 يوليو 2004م الموافق 15 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً