العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ

المؤسسات الدستورية المقدمات والنتائج

عبدالله هاشم comments [at] alwasatnews.com

تطمح الأنظمة السياسية دائما الى تشكيل فريق عمل يسيّر أعمال السلطة التنفيذية والذي يطلق عليه القانون الدستوري مسمى «الحكومة» وهذا ما شغل المتابعين والشارع البحريني خلال الأيام القليلة الماضية. وكانت بورصة الأسماء والتكهنات تعصف بحلقات النقاش والمجالس فالأسماء التي سوق تستقر او استقرت عندها كرة الروليت الرسمي يعتقد أنها سوف تحكم الى حدٍّ ما مجريات الأمور ولكن هذه الأسماء تفتقر الى مقومات النجاح فيما يتعلق بالمقدرة الفنية لإدارة الأجهزة التي تعاني من الترهل أصلا بشكل متفاوت بين وزارة وأخرى، كما أن دوافع التعيينات في غالبيتها ذات طابع سياسي وليس تكنوقراطيا ما يدفع الى الاعتقاد بأن هذه الحكومة حكومة واجهة.

كما أنه من المتبدي للعيان أن هذه الحكومة هي أيضا حكومة مرحلة تستجيب لمعطيات وإشكالات المرحلة الماضية والتي أبرز مشاهدها اتخاذ بعض قوى المعارضة موقفا يقضي بمقاطعة الانتخابات النيابية وكذلك دخول التيار الإسلامي السني رقما جديدا على المعادلة السياسية وهو الأمر الذي رتب نتائج سياسية باتت مفصلية على مدى أربع السنوات المقبلة، ونبسطها على النحو الآتي:

أولا: امتناع قوة رئيسية كجمعية «الوفاق» عن المشاركة في الانتخابات قد منح الفرصة لأن يصعد في مناطق نفوذها شخصيات طارئة على العمل السياسي، إذ يعتقد أن «الوفاق» كانت سوف تحصد من 18-20 مقعدا في المجلس النيابي فهي نسبة كبيرة، ما يجعل الخلل الذي ترتب على ذلك كبيرا وقد تمثل في تشكيل مجلس نيابي متواضع التكوين.

ثانيا: المشاركة المسلّم بها للتيار الإسلامي السني في هذه الانتخابات وهو التيار الآمن المرتب البعيد - ومنذ تكوين الأول - عن أي نوع من الاعتراض والمعارضة لسلوك النظام والذي عمل في ميادين الدعوة والعمل الخيري والعمل الاجتماعي، فدخول هذا التيار إلى معترك العمل السياسي توا وقربه من الخط الرسمي والنظام قد أدى إلى النتائج ذاتها وهي تشكيل مجلس نيابي متواضع التكوين.

ثالثا: أما من يُطلق عليهم «المستقلون» ففي الحقيقة ليس هناك في الواقع السياسي البحريني من يمكن أن يطلق عليه «مستقل» فالمستقلون في هذا الواقع هم فقط من يترادف مفهوم اللفظ بخصوصهم مع السواد الأكبر من القانطين وبسطاء الناس، وهم سلبيو التعاطي مع الواقع السياسي وهؤلاء ليس من بينهم نواب أو ممثلون في مجلس الشورى، لذلك فالنواب جميعهم مصنفون سياسيا ولن يخرجوا في غالبيتهم الساحقة عمّا يمكن ان نطلق عليه «الواقعية السياسية الرسمية» وهذا ما أدى الى ذات النتائج بأن دعم تشكيل مجلس نيابي متواضع التكوين.

لذلك هكذا مجلس يستوجب قيام هكذا حكومة تكرس أقدميات وحصصا ومكافآت لشخوص مرحلة المواجهات الداخلية والخارجية وتلوينات فئوية رسمية وفقا لديناميكية إحداث تأثيرات سياسية في الوعي الأدنى لقوى وفئات شعبية.

فعملية التضخم التي حدثت للحكومة الجديدة هل استهدفت خلق أجهزة لمعالجة أزمات وميادين للعمل التنفيذي؟ أم استهدفت إحداث زيادة في عدد الوزراء لإحداث توازنات فئوية؟ وكذلك منح إحدى الشخصيات وزارة من وزارات السيادة وهي لا تنتمي الى العائلة الحاكمة هل يأتي في السياق ذاته أي التوازنات الفئوية؟

نعتقد أن التشكيل الحكومية يعبر عمّا يمكن أن يطلق عليه (حكومة مرحلة) وهو يستهدف تحقيق انفراجات على المستوى الشعبي وربما الطائفي كما يستهدف ادماج الكثير من التيارات ضمن معسكر النظام وخصوصا تلك التي تعاونت معه في لحظات تاريخية تشكل اختناقات، لذلك فإن هذه العوامل تؤكد أن هذه الحكومة هي حكومة واجهة تستوجب قيام حكومة ظل مقرها القصر تسيّر الأمور خصوصا ان حكومة الواجهة لن تكون بحاجة الى عناء كبير في ظل مجلس نواب متعاون وواقعي.

أصبح من الممكن التقرير بأننا فعلا رسمنا ملامح المرحلة المقبلة ونحن كدولة ومجتمع وحكم ومعارضة قد اثبتنا أداء ضعيفا، فكل معسكر احتسب الأمر من موقعه ومصلحته وكل قوة احتسبت الأمر من موقعها ومصلحتها، وهذا أمر طبيعي إلا أن المحصلة متوجة بنتائج الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة الجديدة ولن يكون تشكيل مجلس الشورى إلا في السياق نفسه، والنتائج الفعلية والواقعية وليست العاطفية لموقف المقاطعة لبعض قوى المعارضة أثبتت أن هذا المجتمع قد قام بمقدمات جبارة وخرج بنتائج ضعيفة

إقرأ أيضا لـ "عبدالله هاشم"

العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:24 م

      تجار الدين هم وبال على المجتمع

      شكرا للأستاذ عبدالله هاشم ونشكر له جهوده الكبيرة ونتمنى أن يكتب عن تجار الدين الذين تملقوا وتزلفوا وصعدوا على الأكتاف ولقد عانى الشعب البحريني منهم كما عن الشعب المصري عن جل خيانتهم تعرفهم بسيماهم هُنا مربط الفرس ( الكرسي )وكيف يأتي ( الكرسي ) بجعل الدين وتعاليمه ( سلم ) للوصول

اقرأ ايضاً