العدد 709 - السبت 14 أغسطس 2004م الموافق 27 جمادى الآخرة 1425هـ

يوم الاستقلال وتغييب الثقافة الوطنية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

بالأمس احتفلنا بالذكرى الثالثة والثلاثين لاستقلال البحرين، هذه المناسبة التاريخية المهمة التي شكلت فصلاً أقفل الباب أمام نزاعات وادعاءات ومطالبات كثيرة من بلدان الجوار، وكان للأمم المتحدة فضل في ذلك، ولكن الفضل الأول يعود بالدرجة الأولى إلى شعب البحرين الذي أكد انتماءه الطبيعي للعروبة والإسلام، ولم ينظر حينها إلى انتماءاته المذهبية أو المناطقية أو الإثنية.

ولكن الممارسات والتفاعلات المتبادلة بين السلطة والشعب بعد الاستقلال في أغسطس/ آب 1971 أحدثت شرخاً كبيراً في هذا الانتماء، وساهمت في تغييب الكثير من عناصر الثقافة الوطنية، ومنها يوم الاستقلال نفسه. وفي الفترة اللاحقة على الاستقلال ظل الوضع كما هو عليه، وغدت جملة من عناصر الثقافة الوطنية غائبة على الوعي المجتمعي في البحرين بسبب تداعيات حقبة أمن الدولة.

ومع بدء عهد الإصلاح السياسي في العام 2001 أصبحت الفرصة مواتية للقوى السياسية بشتى انتماءاتها لبحث عناصر الثقافة الوطنية الغائبة عن الوعي المجتمعي، وفي الوقت نفسه إعادة مكانتها الطبيعية لدى المواطنين. ويأتي في مقدمة عناصر الثقافة الوطنية الغائبة تاريخ الحركة السياسية في البلاد التي انطلقت منذ العام 1919 وظلت حتى اليوم، وكذلك أبرز المحطات التاريخية التي مرّت بها البحرين منذ دخول الانجليز حتى اليوم، وما أفرزته من أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة للغاية.

ولكن الواقع أثبت أن القوى السياسية لا ترغب في إعادة عناصر الثقافة الوطنية إلى وضعها الطبيعي، بل تودّ السعي نحو استبدالها بأجندتها الخاصة التي تعبر عن أيديولوجياتها. وأوضح مثال على ذلك اهتمام أعضاء مجلس النواب بسن إجازات رسمية في أيام المناسبات الدينية فقط، وعدم اهتمامهم بالمناسبات الوطنية، مثل يوم الاستقلال الذي أكد هوية البلاد وانتماءها، وكذلك يوم ميثاق العمل الوطني الذي أعقبه تغيير واسع في بنية النظام السياسي، وأخيراً اليوم التاريخي الذي أصدرت فيه محكمة العدل الدولية قرارها بشأن النزاع الحدودي مع الشقيقة قطر وبه انطوت صفحة مهمة من العلاقات الإقليمية المتوترة، وبدأت صفحة أخرى من علاقات التعاون والتنسيق. كما ان هذا اليوم الذي صدر فيه القرار أصبح محل دراسة واهتمام كبيرين في الجامعات والدوائر الأكاديمية الغربية وألّفت مئات الدراسات والأبحاث بشأنه لما يشكله من أهمية وثراء علمي في فقه القانون الدولي.

بالمقابل نجد أنفسنا اليوم بعيدين أشد البعد عن مثل هذه المناسبات الوطنية التي تعدّ من العناصر الأصيلة في الثقافة الوطنية الجامعة. ويبقى السؤال متى تتحرك الحكومة أو النواب أو القوى السياسية لإعادة الاعتبار لمثل هذه العناصر؟

على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية فإنه لا يبدو أن هناك توجهاً نحو إعادة عناصر الثقافة الوطنية. ومن المتوقع خلال المستقبل القريب أن تستمر بعض القوى السياسية في الاحتفال وإعادة الاعتبار للمناسبات التاريخية للوطن باعتبارها إحدى عناصر الثقافة الوطنية، ولكن هذه الاستمرارية ستظل وفقاً لأهواء وأمزجة هذه القوى

العدد 709 - السبت 14 أغسطس 2004م الموافق 27 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً