العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ

ماذا فعلت العولمة الليبرالية الجديدة بالنساء؟

منى غزال comments [at] alwasatnews.com

ماذا فعلت العولمة الليبرالية الجديدة بالنساء في جميع أنحاء العالم؟

لابد أن ننظر إلى ظهر العملة الآخر ونحن نكتب عما تقدمه الليبرالية، وأن نتعرف على مافعلته الليبرالية بالنساء والفقراء من جهة أخرى، وهم على حد زعم الليبراليين والعلمانيين أساس الانطلاق نحو تغيير الواقع التعيس لفقراء العالم، وقد تطوعت كثير من نساء الغرب لشرح ما يجري خلف الصورة البراقة للعولمة من مآسٍ تحصل للنساء باسم التجديد والعولمة.

وأهم من نقل الصور الحقيقية هي الكاتبة الصحافية الألمانية (كريستا فيشتريش) الخبيرة في قضايا التنمية الصحافية الاجتماعية التي كتبت عدة كتب عن واقع النساء في العالم في ظل العولمة. ولأهمية ما تحتويه هذه الكتب من معلومات نرى لزاماً على نسائنا أن يكن حذرات جداً قبل الخوض في أي جديد قادم إلينا من الغرب، ولعلنا حينما ننقل بعض الصور التي كتبتها نعرف جيداً كيف أنَّ الدين الإسلامي شرَّف المرأة وأعطاها قدرها ومنحها الحماية والهيبة والاحترام.

وهذا ما تؤكده الكتب الكثيرة المترجمة التي تشرح حال المرأة في عالم العلمانيين اللادينيين أو الليبراليين وتأثير هستيريا الحرية على حياة ملايين النساء في جميع أنحاء العالم.

والصورة قاتمة ورهيبة عن آثار العولمة على نساء العالم العاملات، وتضيء الزوايا المظلمة لملايين البشر الذين يستهلكون عمرهم لقاء كسب يومي مجبول بالعرق والألم والظلم والاضطهاد. لم نكن لنتخيل أن ما نقرأه من حقائق لما يجري في ظلمات الأقبية وفي ظلمات الشوارع وما يجري فيها من سحق ومن اغتصاب لإنسانية نساء هذا القرن حقيقة واقعة قبل أن نقرأ التقارير الأخيرة عن العولمة والتقدم اللذين تتبجح بهما الدول الغنية، وأن ملايين الفقراء في معظم بلاد العالم تدفع ثمن هذا الغنى السريع.

ولعل هذا ما يدفعنا لأن نحترم مواريثنا وتقاليدنا التي تحافظ على المرأة المسلمة والتي يقف حجابها كماردٍ قوي من دون من يحاول سحقها وضمها لمئات الألوف ممن لا يرون في الشريعة الإسلامية بديلاً من أجل التقدم والتحضر، وفي الروح خوف شديد يجتاحنا على بناتنا وأجيال المسلمات القادمة التي ندفعها للعمل بحذر، ولكننا بهذا العرض نحاول أن نقدم لها البرهان الذي يؤكد أنه علينا أن نتعلم من أخطاء غيرنا وأنه على كل مواطن يحمل أمانة الدين والعلم أن يحارب وحوش الرأسمالية الذين يتحكمون بأموالهم في مصائر آلاف مؤلفة من البشر يسخرونهم بالأجرة باسم العولمة والاقتصاد والتطور والديمقراطية. ففي السنوات الأخيرة قفزت أعداد تشغيل النساء عالمياً في جنوب شرق آسيا من 25 إلى 44 في المئة، وأصبحت عملية «تأنيث التشغيل» الثمن الذي تدفعه النساء.

وما بين الأعوام 1970 -1990 سجلت بعض البلدان العالمية أسرع زيادة في صادرات البضائع وأكبر نمو، كما قفزت أيضاً أعداد تشغيل النساء في ظروف عمل بائسة - قليل من الحقوق - الحد الأدنى من الأجور وليس ثمة ضمان جديد للعيش. إنهن خاضعات لظروف عمل مستهلكة للطاقة - رتيبة - يقفن في الشمس - يجرين حول المعمل في قيظ الظهيرة - يركعن أمام رؤسائهن - تلصق أفواههن بالبلاستر حين يتحدثن كثيراً وخلال عمل ثماني ساعات يسمح لهن بشرب الماء مرتين وبالذهاب لدورة المياه مرة واحدة، إلى جانب قائمة الإجراءات التأديبية الجماعية. وكثيراً ما تكون أماكن العمل مهددة للصحة لقاء أجور زهيدة لاتكفي قوت اليوم الواحد، وكلما ازداد ضغط تأمين العيش وعدم وجود بديل بالنسبة للنساء كلما أصبحن أكثر طواعية في قبول أكثر لظروف عمل بائسة وأكثر قابلية للابتزاز وأكثر طاعة في موقع العمل.

لماذا يكون عمل النساء الرخيص دائماً لوحة القفز إلى السوق العالمية؟

كمثال، وضع مندوب لمنظمة مراقبة العمل الأميركية في فيتنام العام 1997م بعد جولة في المعامل التي تزود (نايك) في فيتنام، تذكر بطرق معسكرات الاعتقال إضافة إلى تكتيك الحط من الكرامة، قسرت النساء شهوراً طويلة على العمل ساعات إضافية ولم يحصلن حتى على الأجر الشهري الأدنى، وهو 70 ماركاً - وشركة نايك للأحذية الأنيقة تضع في ثلاثين بلداً 350 معملاً أكثر من أربعة أخماسها في آسيا يخيط 400000 إنسان، 90 في المئة منهم نساء، الرمز الرياضي في آسيا وأكثر من الثلثين في إندونيسيا والصين.

أما مع عاملات النسيج في كمبوديا ففي ديسمبر/ كانون الأول 1996م جرى إضراب للمرة الأولى بعد فتح حدود البلاد، احتجت عاملات النسيج على الأجور التي لا تسدّ الرمق وساعات العمل المبالغ في طولها من دون يوم عطلة، ودافعت في مدينة هوش وحدها 12000 عاملة عن أنفسهن

ومنذ العام 1995م تكافح النقابيات في بنغلاديش من أجل يوم عطلة واحد في الأسبوع، بأجر شهري 70 ماركاً بينما لا يكسب موظف متوسط لدى الحكومة 50 ماركاً، وبينما تحتج هؤلاء النساء على زيادة العمل تشكو عاملات الصناعة في كوريا الجنوبية وتايوان وتايلند من النضوب، وتوقف الأعمال فتعمل النساء في البيت أو في الساحات الخلفية تحت ظروف أكثر سوءاً من تلك التي في المعامل، وفيها الحد الأدنى من الأجور وقوانين حماية العمل والبيئة ولا أثر للرعاية الصحية وحماية الأمومة والضمان الاجتماعي. ويمكن تشغيل الأطفال هناك من دون أن يلحظهم أحد، والحال نفسه بالنسبة الى المهاجرين من دون إقامة شرعية

العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً