العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ

كائن لا تُحتَمل خفته

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

غالباً ما يرجو موظفو السلطة التشريعية ألا «تهوّس» الصحافة على المجلسين، بعدم تناسي أنها التجربة الأولى، وهذا ما نتناصح به في «الوسط» أيضاً، بألا تخرج الكتابات عن إطارها في هذا الشأن، ولكن ما جرى في «التجربة الأولى» - إلى الآن - يجعل من المهم الوقوف لمراجعة الفصلين التشريعيين الماضيين، أملاً في فصلين أكثر عطاء وثراءً مما سبق. إضافة إلى ما هو منشور اليوم من منتدى وتقرير موسع عن أداء المجلسين، فإن عدداً كبيراً من أعضاء المجلس النيابي - على وجه الخصوص - قد استسلم للمنافحة عن محددات ينتمي إليها، ونسي كونه ممثلاً للشعب بأكمله، وصار يمثل منطقته حينا، ومذهبه حينا، وجمعيته السياسية حينا، وكل ذلك على حساب العمل التشريعي الذي من أجله امتلك جواز سفر أخضر اللون، وركب بعضهم سيارة لم يحلم مجرد أن يدخل معارضِها من قبل، وحصل البعض على وظيفة «نائب» بينما بُحّ صوته، ونشفت أقلامه وهو يطلب تثبيته في وظيفة صغيرة في المؤسسة التي كان يعمل فيها، كل هذا انعكس على أداء الأعضاء، إذ يبدي مسئولو العلاقات العامة في الوزارات الخدمية تبرمهم، لكثرة تردد النواب على الوزراء طلباً لتحسين أوضاع المنطقة، أو مد المجاري، أو الحصول على استثناء، أو تهديد بعض الوزراء إما توظيف مجموعة من أهالي الدائرة في تلك الوزارة، وإما باستجواب الوزير في المجلس. كل هذه الأمور تجعل من المجلس الوطني «كائن لا تُحتَمل خفته» كما يقول ميلان كونديرا، فالمجلس النيابي تصدى لعدد من الملفات الأولية المهمة، وملأ الدنيا فيها زعيقاً، حتى هيأ الناس أكفهم للتصفيق، وما أن يأتي اليوم المعلوم حتى «تفشّ» كل هذه الانتفاخة، ويسحب كلامه من كان متحمساً، فيشمت في المجلس من كان مقاطعاً، ويواري وجهه خجلاً من كان منافحاً. نعم، إنها التجربة الأولى، ولكن العرب تقول أيضاً: «الرمحُ في ركزته الأولى»، فإما أن تكون ركزة قوية مخترقة الأرض وثابتة، وإما أن يبقى الرمح مقلقلاً طوال الوقت

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً